المعاهدة العالمية للجرائم الإلكترونية: توازن حساس بين الأمن وحقوق الإنسان

تبلغ قيمة تجارة الجرائم الإلكترونية تريليونات الدولارات في وقت يتم شراء المخدرات والأسلحة على “الإنترنت المظلم”، ويقوم المحتالون بعمليات خداع معقدة عبر الإنترنت، فيما يقوم الإرهابيون باستدراج مؤيديهم وتجنيد المقاتلين.

وإدراكا للمخاطر المتزايدة للجرائم السيبرانية، شرعت الأمم المتحدة في صياغة معاهدة دولية ملزمة قانونا لمواجهة هذا التهديد. وبعد مرور خمس سنوات، لا تزال المفاوضات مستمرة، مع عدم قدرة الأطراف على التوصل إلى توافق مقبول.

ولم يفض الاجتماع الأخير لأعضاء اللجنة المخصصة لوضع اتفاقية دولية شاملة لمكافحة استخدام تكنولوجيات المعلومات والاتصالات في الأغراض الإجرامية في شهر شباط /فبراير الجاري إلى مشروع قانون متفق عليه، فيما لا تزال الدول مختلفة حول صياغة من شأنها تحقيق توازن بين ضمانات حقوق الإنسان والمخاوف الأمنية.

إحدى المنظمات غير الحكومية المشاركة في المفاوضات هي منظمة “الوصول الآن” (Access Now)، التي تدافع عن الحقوق الرقمية وتوسعها للأشخاص والمجتمعات المعرضة للخطر في جميع أنحاء العالم.

وبالتزامن مع جلسة شباط /فبراير في مقر الأمم المتحدة الدائم في نيويورك، تحدث السيد رامان جيت سينغ شيما، المستشار الدولي الأول ومدير سياسات آسيا والمحيط الهادئ لدى المنظمة مع موقع أخبار الأمم المتحدة، وشرح له في البداية الشواغل التي تعتري منظمته.

وقال رامان جيت سينغ شيما إنه يجب أن تعالج هذه المعاهدة “الجرائم الإلكترونية الأساسية”- أي تلك الجرائم التي لا يمكن ارتكابها إلا من خلال أجهزة كمبيوتر- والتي تسمى أحيانا الجرائم “المعتمدة على الإنترنت”، مثل اختراق أنظمة الكمبيوتر، وتقويض أمن الشبكات.

وأضاف أنه من الواضح أنه ينبغي للدول تجريم هذه الممارسات، مع وضع أحكام واضحة تمكن الحكومات في جميع أنحاء العالم من التعاون مع بعضها البعض.

وإذا تم توسيع نطاق المعاهدة بشكل كبير، فقد يشمل الجرائم السياسية. على سبيل المثال، إذا أدلى شخص ما بتعليق حول رئيس حكومة، أو رئيس دولة، فقد ينتهي الأمر بالعقاب بموجب قانون الجرائم الإلكترونية.

وعندما يتعلق الأمر بتعاون وكالات إنفاذ القانون بموجب هذه المعاهدة، فيتعين علينا أن نضع معايير قوية لحقوق الإنسان، لأن ذلك سيوفر الثقة في هذه العملية.

وأيضا، إذا أبرمت معاهدة واسعة النطاق بدون ضمانات، فإن كل طلب للتعاون يمكن أن يتم الطعن فيه، ليس فقط من قبل المدافعين عن حقوق الإنسان والمجتمعات المتضررة، ولكن من قبل الحكومات نفسها.

ووصف رامان جيت سينغ شيما الأجواء في غرفة المفاوضات بأنها كئيبة جدا. وقال “كان من الواضح أن العملية لن تكتمل بنهاية هذه الدورة، لذلك قامت الأمانة القائمة على المفاوضات [مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة] بتعميم قرار يشير إلى تعليق العملية، ويطلب دعم الأمين العام لمواصلة المفاوضات في وقت لاحق من هذا العام”.

وتابع في الواقع، تكمن أكبر مخاوفنا أحيانا في أن هناك الكثير من الاتفاق بين المتفاوضين على أحكام معينة. فبسبب تسارع وتيرة هذه المفاوضات، هناك رغبة في التوصل إلى نوع من الاتفاق، حتى لو كانت الصياغة رديئة، وحتى لو أضر ذلك بحقوق الإنسان.

وذكر أنه من الطبيعي في بعض الأحيان أنه عندما يجتمع المسؤولون في وزارات العدل والمدعون العامون في غرفة واحدة، فإنهم يميلون إلى الاتفاق، لأنهم جميعا يريدون أكبر قدر ممكن من الصلاحيات مع القليل من الضمانات. ولهذا السبب نحن موجودون في غرفة المفاوضات، ليس لأننا قلقون بشأن المناكفات السياسية، وهي أمور مهمة، ولكن لأننا نشعر بالقلق من أنه سيكون هناك الكثير من الاتفاق على تقويض حقوق الإنسان وتقليل معايير الإجراءات القانونية الواجبة.

قد يعجبك ايضا