صفقات العفو الغامضة في سيناء تثير قلق منظمات حقوق الإنسان
أعربت منظمة “هيومن رايتس ووتش” ومؤسسة سيناء لحقوق الإنسان عن قلقهما العميق بشأن صفقات العفو الغامضة التي يبدو أن السلطات المصرية أبرمتها مع أعضاء مشتبه بانتمائهم إلى تنظيم “داعش” في شمال سيناء. ووفقًا للمنظمتين، تمنح السلطات بعض أعضاء تنظيم “ولاية سيناء” العفو مقابل تسليم أسلحتهم وتسليم أنفسهم، ولكن لم يتم الكشف عن المعايير التي تم اعتمادها في هذه الصفقات.
تعد هذه الصفقات المثيرة للجدل بمثابة تحول هام في النهج الذي تتبعه السلطات المصرية في مواجهة تنظيم “ولاية سيناء”. فقد كانت الحكومة المصرية تنفذ عملية عسكرية مكثفة ضد التنظيم منذ عام 2014، وتعتبره تهديدًا إرهابيًا خطيرًا. ومع ذلك، يبدو أن هناك تغييرًا في النهج الأمني، حيث تتم محاولة الوصول إلى صفقات سرية مع المشتبه فيهم.
أكد أحمد سالم، المدير التنفيذي لمؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، أنه يجب ألا يتمتع أولئك الذين ارتكبوا جرائمًا خطيرة مثل استهداف المدنيين بالعفو، وأنه يجب على السلطات المصرية وضع استراتيجية وطنية لمحاكمة أعضاء تنظيم “ولاية سيناء”، لضمان ألا يفلت المسؤولون عن الجرائم الخطيرة من العقاب.
من جانبها، تشجع السلطات المصرية منذ عام 2020 أعضاء تنظيم “ولاية سيناء” على تسليم أنفسهم في إطار مبادرات أمنية بالتعاون مع زعماء القبائل المحلية. وعلى الرغم من تراجع نشاط التنظيم وفقدانه معظم معاقله، ما زالت السلطات تفرض قيودًا على السكان الذين هجّروا من منازلهم وتمنعهم من العودة. هذا يؤثر بشكل كبير على حياة المدنيين الأبرياء الذين يعيشون تحت ظروف قاسية ومأساوية.
حتى الآن، لم تكشف السلطات المصرية عن استراتيجيتها العفوية أو المعايير التي تستند إليها في صفقات العفو مع أعضاء تنظيم “داعش” في سيناء. وعلى الرغم من أن الحكومة المصرية أعلنت عن نجاحها في مكافحة التنظيم وتحقيق تقدم في استعادة الأمن والاستقرار في المنطقة، إلا أن الصفقات العفوية الغامضة تثير الكثير من التساؤلات وتثير المخاوف بشأن العدالة والمساءلة.
منظمة “هيومن رايتس ووتش” ومؤسسة سيناء لحقوق الإنسان تحثان السلطات المصرية على توضيح المعايير التي تستخدمها في اتخاذ قرارات العفو وضمان عدم انتفاضة المسؤولين عن الجرائم البشعة التي ارتكبتها هذه العناصر. إن عدم وضوح المعايير والإجراءات يفتح الباب أمام الشكوك والتكهنات ويعرض سلطات مصر للانتقادات بشأن عدم احترام حقوق الإنسان وسوء التعامل مع المتهمين.
من جهتها، تشدد منظمة “هيومن رايتس ووتش” على ضرورة أن يتم محاكمة أعضاء تنظيم “ولاية سيناء” بما يتوافق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان وسلامة المدنيين. يجب أن يتم توفير بيئة قانونية عادلة وشفافة حيث يمكن للمشتبه بهم أن يدافعوا عن أنفسهم ويحاكموا عن جرائمهم. يعد العدالة الشاملة والمساءلة الفعالة لجميع الأطراف المتورطة في انتهاكات حقوق الإنسان أحد العناصر الأساسية لإعادة بناء الثقة وتحقيق المصالحة في المجتمع المتضرر.