العفو الدولية: الإفلات من العقاب يسود العراق بعد مرور 20 عامًا على غزوه
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – في 20 مارس/آذار 2003، غزا التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة العراق، وأطاح بحكومة صدام حسين.
وأنشأت سلطة الائتلاف المؤقتة احتلالًا عسكريًا وأدارته، وتشكلت حكومة عراقية مؤقتة في يونيو/حزيران 2004 وانتُخبت حكومة انتقالية في 2005. وانسحبت القوات الأمريكية في 2011.
في الذكرى السنوية الـ 20 لغزو العراق ولاحقًا احتلاله، جددت منظمة العفو الدولية اليوم دعواتها إلى تحقيق العدالة والتعويض الكامل عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي التي ارتكبها التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.
بين عامي 2003 و2011، وثّقت منظمة العفو الدولية تورط القوات الأمريكية في انتهاكات مستشرية، بما في ذلك الهجمات العشوائية التي قتلت وجرحت مدنيين، والاعتقال السري، ونقل المعتقلين سرًا، والاختفاء القسري، والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
فيما قدم معتقلون سابقون ادعاءات ذات مصداقية بوقوع سلسلة من الانتهاكات في مراكز الاحتجاز، بما في ذلك الحرمان من النوم، والتعرّي القسري، والحرمان من الطعام والماء الكافيَيْن، والإعدامات الصُورية، والتهديد بالاغتصاب.
وقالت إليزابيث رغيبي، مديرة برنامج أنشطة كسب التأييد للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في الفرع الأمريكي لمنظمة العفو الدولية: “يعاني العراقيون حتى يومنا هذا من الأثر المدمر لجرائم الحرب وغيرها من الفظائع التي ارتكبها التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية أثناء غزوه للعراق واحتلاله لاحقًا”.
وأضافت: “وبعد مرور 20 عامًا، يتفشى الإفلات من العقاب، ولا تزال المساءلة بعيدة المنال عن انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في العراق”.
وتابعت رغيبي: “فقد تقاعست الولايات المتحدة الأمريكية عن إجراء تحقيقات كافية في انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب واسعة النطاق التي ارتكبتها قواتها، ومحاسبة المسؤولين عنها على جميع المستويات، بمن فيهم كبار المسؤولين والقادة الأمريكيين”.
وأردفت: “وقد حُرم الضحايا الذين ارتكبوا انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بمن فيهم المعتقلون الذين نجوا من التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة في سجن أبو غريب، من حقوقهم في العدالة والتعويض”.
وبينت: “واجه الضحايا العراقيون الذين حاولوا التماس الانتصاف من انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها قوات الولايات المتحدة في المحاكم الأمريكية عقبات منهجية”.
وكانت منظمة العفو الدولية قد حثت الحكومة الأمريكية في السابق على إنشاء لجنة تحقيق فعّالة ومستقلة في سياسات وممارسات الاعتقال والاستجواب الأمريكية في العراق، ولكن حتى الآن، تقاعست الإدارات الأمريكية المتعاقبة عن القيام بذلك.
وقد أجريت بعض التحقيقات التي أدت إلى محاكمة العشرات من الجنود الأمريكيين ذوي الرتب المتدنية فيما يتعلق بإساءة معاملة المعتقلين.
إلا أنه لم يتم تقديم أي من كبار مسؤولي الإدارة الأمريكية إلى ساحة العدالة على الجرائم التي ارتكبت في العراق منذ عام 2003، رغم الاعترافات العلنية بتورطهم في اعتقالات سرية من قبل الرئيس السابق جورج دبليو بوش ووزير الدفاع السابق دونالد رامسفيلد – وهو سلوك يجب أن يؤدي إلى إجراء تحقيقات جنائية بموجب القانون الدولي.
وبالمثل، لم تكن هناك مساءلة جنائية لكبار المسؤولين البريطانيين، على الرغم من النتائج التي توصلت إليها المحكمة الجنائية الدولية في عام 2020 بأنَّ القوات المسلحة البريطانية ارتكبت جرائم حرب في العراق، بما في ذلك القتل العمد والتعذيب والاغتصاب.
ودعت منظمة العفو الدولية حكومة الولايات المتحدة وحكومات الدول الأخرى في التحالف إلى اتخاذ خطوات ملموسة لضمان التحقيق الفوري في جميع مزاعم الاختفاء القسري أو التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة السيئة أو غيرها من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي على أيدي القوات المحلية التي شكلت جزءًا من قوات التحالف في العراق بدقة وشفافية واستقلالية، ومحاكمة أي شخص توجد ضده أدلة موثوقة بشكل كافٍ على مسؤوليته عن جرائم بموجب القانون الدولي في محاكم مدنية وفق إجراءات تحترم المعايير الدولية للمحاكمة العادلة.
ويجب أن يحصل جميع ضحايا هذه الانتهاكات لحقوق الإنسان على سبل انتصاف كاملة.
وإلى جانب الانتهاكات الفظيعة التي ارتكبتها القوات الأمريكية والقوات المتحالفة معها ضد العراقيين، ساهمت سياسات الولايات المتحدة التي تفتقر إلى الحكمة.
من هذه السياسات ما يسمى بعملية اجتثاث البعث، وحل الجيش العراقي وقوات الأمن وضخها كميات هائلة من الأسلحة إلى البلاد، في خلق فراغ أمني سمح بتصاعد العنف الطائفي.
ومنذ الغزو، غرق العراق في دوامات متتالية من العنف بينما تفشت ثقافة الإفلات من العقاب التي ساعد التحالف بقيادة الولايات المتحدة، من خلال سياساته، في تعزيزها.
ولا يزال هذا الإرث المدمر للغزو الذي قادته الولايات المتحدة الأمريكية يحصد ضحايا عراقيين جدد حتى يومنا هذا.