الأورومتوسطي: السلطات في البحرين تستخدم الإعدام لتصفية المعارضين
جنيف- دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان ملك مملكة البحرين “حمد بن عيسى آل خليفة” إلى عدم المصادقة على أحكام الإعدام الصادرة بحق معتقلي رأيٍ في البلاد، والكف عن تقييد الحريات واعتقال وتعذيب المعارضين.
وقال المرصد الحقوقي الدولي ومقرّه جنيف في تقرير موجز أصدره اليوم الأربعاء بعنوان (البحرين.. أحكام جائرة وإعدامات تعسفية) إنّ السلطات البحرينية استخدمت القضاء على نحو فاضح لتصفية النشطاء والمعارضين السياسيين من خلال إصدار عشرات أحكام الإعدام بحقهم، بعد قمع الاحتجاجات الشعبية التي انطلقت عام 2011، وكانت تطالب بإصلاحات جذرية في النظام السياسي في المملكة.
واستعرض التقرير شهادات لمعتقلين محكومين بالإعدام، لافتًا إلى أن الأوضاع في السجون تفتقر إلى أدنى معايير الإنسانية والرعاية الصحية.
وفي إحدى الشهادات، قال “زهير إبراهيم جاسم عبد الله” (40 عامًا) المعتقل داخل السجون البحرينية، وهو أب لخمسة أطفال: “في 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، اعتُقلت بتهمة المشاركة في قتل عناصر من قوات الأمن، واحتُجزت لمدة 55 يومًا في الحبس الانفرادي. أثناء فترة الاحتجاز، تعرضت لشتى أنواع التعذيب وسوء المعاملة؛ من صعق بالكهرباء، وتحرش جنسي، وتعرية، وضرب مبرح. خلال فترة احتجازي أيضًا، تعرضت زوجتي للضرب وهي في منزلها من مجموعة من الضباط، وهدّدوها بالاغتصاب من أجل الضغط عليّ للتوقيع على الاعترافات المجهزة مسبقًا من السلطات الأمنية”.
وأضاف “بعد 13 يومًا من الاحتجاز والتعذيب والمعاملة اللاإنسانية، وقّعت على اعترافٍ قسري يتضمن مجموعة من الاتهامات يُزعم أنها وقعت في الفترة ما بين عامي 2012 و2017، وتتمثل في الانضمام إلى مجموعات إرهابية، والمشاركة في قتل عناصر الأمن وصناعة المتفجرات، وقد صدر حكم الإعدام بحقي استنادًا لهذه الاعترافات التي انتُزعت مني تحت التعذيب”.
وذكر الأورومتوسطي في تقريره أنّ المحاكم البحرينية أصدرت منذ انطلاق الاحتجاجات الشعبية أكثر من 1100 حكم قضائي سياسي، منها 30 حكمًا بالإعدام، و130 حكم مؤبد، وأسقطت الجنسية عن أكثر من 300 مواطن بحريني.
وأوضح أنّ القضاء البحريني أصدر أحكام الإعدام على المعارضين السياسيين ونشطاء المجتمع المدني، فأصدرت محاكم السلامة الوطنية ذات الطابع العسكري، والقضاء العسكري الذي يديره الجيش، وكذلك المحاكم المدنية هذه الأحكام، والتي أخذت تتصاعد سنةً تلو الأخرى، حتى أثقلت السجل الحقوقي للمملكة.
وقال المستشار القانوني لدى المرصد الأورومتوسطي “طارق اللواء”: “النظام القانوني في البحرين يُخضع السلطة القضائية برمتها لسلطة الملك، ما ينزع عنها أهم صفة وهي صفة الاستقلالية، فضلاً عن فقدانها للمبادئ والمعايير الدولية المتعلقة باستقلال القضاء ونزاهته، وهذا ما يفسّر أحكام الإعدام الجائرة بحق النشطاء دون تمكينهم من ضمانات المحاكمة العادلة التي أقرتها القوانين الوطنية والقوانين الدولية على حدٍ سواء”.
بحسب تقارير حقوقية، توفي 74 معتقلًا سياسيًا بحرينيًا داخل السجون، بالإضافة إلى وجود 52 معتقلًا يعانون من أمراض مختلفة، 13 منهم يعانون من أمراض مستعصية وخطيرة مثل السرطان، و17 آخرين يعانون من أمراض مزمنة كالسكري، ويرجع ذلك إلى سوء المعاملة المتعمدة من أجل انتزاع الاعترافات منهم.
ومنذ عام 2017، أعدمت البحرين 7 من مواطنيها بعد إدانتهم بتنفيذ عمليات ضد القوات الأمنية، في حين أفاد الضحايا في شهادات مروّعة وثُقّت قبل إعدامهم، بتعرّضهم للتعذيب، والتعرية، والضرب المبرح، والصعق الكهربائي، لانتزاع اعترافات منهم تدينهم بتهم تُوقِع عليهم عقوبة الإعدام، وهو ما حدث بالفعل.
وعبّر المرصد الأورومتوسطي عن قلقه الشديد على حياة 12 معتقلًا بحرينيًا صدرت بحقهم أحكام بالإعدام وتنتظر مصداقة الملك لتنفذيها، إذ يُخشى أن يلقوا نفس مصير من أُعدم من قبلهم، خاصةً وأن هؤلاء الذين صدر بحقهم أحكام الإعدام اعترفوا -مثل الضحايا السابقين الذين نُفّذ الحكم بحقّهم- على أفعال لم يرتكبوها تحت التعذيب الشديد والتهديد.
وأكّد الأورومتوسطي على رفضه القاطع لعقوبة الإعدام، مطالبًا السلطات البحرينية بإلغائها كونها تتسبب بالقضاء على حق الإنسان في الحياة، وهو حق من الحقوق الأساسية المكفولة في القوانين الوطنية والدولية على حدٍ سواء.
ودعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان السلطات البحرينية إلى إعادة النظر في الأحكام الجائرة بحق المعتقلين، ووقف سياسة التعذيب لانتزاع الاعترافات والانتقام من المعارضين، ومحاسبة المسؤولين عن انتهاك حقوقهم، بدءًا من عدم منحهم ضمانات المحاكمة العادلة، وانتهاءً بتعرضهم للتعذيب بكافة أشكاله.
كما حثّ الأورومتوسطي على السماح للمقرر الخاص التابع للأمم المتحدة المعني بالتعذيب بزيارة عاجلة إلى البحرين، وتمكينه من لقاء المعتقلين للاطلاع على أوضاعهم ومراقبة الأوضاع داخل السجون.
وحسب تقرير أصدرته اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق في 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2011، استخدمت قوات الأمن البحريني القوة المفرطة في التعامل مع الاحتجاجات الشعبية التي انطلقت في فبراير من نفس العام، ما أسفر عن مقتل 46 متظاهرًا واعتقال الآلاف، بينهم 560 تعرّضوا للتعذيب أثناء الاعتقال.
منذ عام 2014، بدأت الدولة تشديد قبضتها وصعّدت من الحملة القمعية، إذ حلّت أحزاب معارضة ووسائل إعلام مستقلة، ولاحقت المعارضين، والصحفيين، والمدافعين عن حقوق الإنسان، والنشطاء، وزّجت بهم في السجون، ولاحقت كل من ينتقد السياسة الداخلية أو الخارجية عبر مواقع التواصل الاجتماعي. منذ ذلك الوقت، أصدر القضاء البحريني بشكل غير قانوني 30 حكم إعدام، و130 حكم مؤبد، وأسقطت الدولة الجنسية عن أكثر من 300 مواطن بحرين. تلجأ السلطات لتعذيب المعتقلين بشتى الوسائل لإجبارهم على الاعتراف على اقتراف أفعال لم يتورطوا بها، وتحتجزهم في سجون لا تتوفر فيها أدنى الشروط الإنسانية.