الأمم المتحدة تدعو إلى وقف دورة العنف في الأرض الفلسطينية المحتلة وإسرائيل

“يجب أن يتوقف القتال. يجب أن يتوقف على الفور. يجب وقف الصواريخ وقذائف الهاون من جهة، والقصف الجوي والمدفعي من جهة أخرى. أناشد جميع الأطراف أن تستجيب لهذه الدعوة.”

بهذه النداء استهل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، كلمته اليوم الأحد، أمام جلسة مجلس الأمن الدولي التي تنعقد بطلب من الصين والنرويج وتونس، لمناقشة آخر المستجدات على صعيد التوترات في منطقة الشرق الأوسط والتي وصفها الأمين العام بأنها “الأخطر منذ سنوات” التي تشهدها غزة وإسرائيل.

الأعمال العدائية الحالية مروعة للغاية، وفقا للأمين العام الذي قال إن هذه الجولة الأخيرة من العنف “لا تؤدي إلا إلى إدامة دورات الموت والدمار واليأس، وتدفع بعيدا بأية آمال في التعايش والسلام.”

وأكد السيد غوتيريش أن الأمم المتحدة تعمل بنشاط على إشراك جميع الأطراف من أجل وقف فوري لإطلاق النار.

وقد تسببت الأعمال العدائية بالفعل في موت غير معقول ومعاناة هائلة وأضرار للبنية التحتية الحيوية.

وفي هذا السياق، أعرب الأمين عن استيائه الكبير من الأعداد الكبيرة المتزايدة من الضحايا المدنيين الفلسطينيين، بما في ذلك العديد من النساء والأطفال، من الضربات الإسرائيلية على غزة.

كما أستنكر القتلى الإسرائيليين جراء إطلاق الصواريخ من غزة، مشيرا بقلق عميق إلى الاشتباكات العنيفة بين قوات الأمن الإسرائيلية والفلسطينيين في جميع أنحاء الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، حيث تتعرض بعض العائلات الفلسطينية لخطر الإخلاء.

وقال: “في إسرائيل، أضاف العنف الذي تمارسه الجماعات، على غرار الحراس الأهلي والعصابات، بُعدا مروعا آخر لأزمة متدهورة بالفعل. يتحمل القادة من جميع الأطراف مسؤولية كبح الخطاب التحريضي وتهدئة التوترات المتصاعدة.”

الأمر الذي أشارت إليه المفوضة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشيليت، في بيانها الصادر أمس السبت حيث حذرت من “الطبيعة المنظمة للغاية لبعض الهجمات وكذلك اللغة التحريضية التي قد ترقى إلى مستوى التحريض على الكراهية العنصرية والدينية والعنف.”

وأعربت “عن قلق خاص إزاء التقارير التي تفيد بأن الشرطة الإسرائيلية فشلت في التدخل حيث تعرض المواطنون الفلسطينيون في إسرائيل لهجمات عنيفة، وإزاء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي من قبل الجماعات اليمينية المتطرفة لحشد الناس ليجلبوا ’أسلحة، وسكاكين، وهراوات، ومفاصل‘ لاستخدامها ضد المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل”.

وأوضح السيد غوتيريش أن القتال يهدد بجر الإسرائيليين والفلسطينيين إلى دوامة من العنف مع عواقب وخيمة على كلا المجتمعين وعلى المنطقة بأكملها.

وله القدرة على إطلاق العنان لأزمة إنسانية وأمنية لا يمكن احتواؤها وزيادة تعزيز التطرف، ليس فقط في الأرض الفلسطينية المحتلة وإسرائيل، ولكن في المنطقة ككل، مما قد يؤدي إلى نشوء بؤرة جديدة لعدم الاستقرار الخطير.

هذا ما أكده، تور وينسلاند، المنسق الخاص في كلمته التي أعقبت كلمة الأمين العام في مجلس الأمن، حيث أفاد بأن الجيش الإسرائيلي أبلغ في 13 مايو / أيار عن ثلاثة صواريخ أطلقت من لبنان على البحر قبالة سواحل شمال إسرائيل.

وأكد الجيش اللبناني إطلاق النار وأفاد بأنه عثر على مواد بالقرب من مخيم للاجئين الفلسطينيين في الرشيدية. في 14 أيار/مايو، تظاهر ما يصل إلى 100 شخص شمال الخط الأزرق، بعضهم يلوح بعلم فلسطين وعلم حزب الله. لاحظت اليونيفيل عدة متظاهرين يعبرون الخط الأزرق بالقرب من بلدة المطلة.

وقد أطلق أفراد الجيش الإسرائيلي عدة طلقات تحذيرية، مما أسفر عن إصابة شخصين، حسبما ورد. وبحسب السلطات اللبنانية، توفي لبناني فيما بعد. واعتقل الجيش اللبناني عدة متظاهرين بعد الحادث.

بالإضافة إلى ذلك، تم إطلاق ثلاثة صواريخ من سوريا. ولم ترد أنباء عن وقوع أضرار أو إصابات.

كما اندلعت احتجاجات حاشدة تضامناً مع الفلسطينيين على الحدود الإسرائيلية مع الأردن، حيث سار آلاف الأردنيين نحو الجسر الذي يربط الأردن بالضفة الغربية المحتلة، لكن قوات الأمن الأردنية أوقفتهم حسبما ورد.

وقال الأمين العام إن الأعمال العدائي ةقد أجبرت آلاف الفلسطينيين على مغادرة منازلهم في غزة وهم يتخذون من المدارس والمساجد وغيرها من الأماكن مأوى لهم ويعانون من محدودية الوصول إلى المياه أو الغذاء أو النظافة أو الخدمات الصحية. كما أن المستشفيات مثقلة بالفعل بسبب جائحة كوفيد-19.

في غضون ذلك، يعيش المدنيون الإسرائيليون في خوف من إطلاق الصواريخ من غزة، على حد تعبير الأمين العام، الذي أعرب عن الخوف إزاء “الهجوم على مخيم للاجئين في غزة، والذي أسفر عن مقتل 10 أفراد من عائلة واحدة”، قائلا “يجب حماية المنشآت الإنسانية.”

ودعا الأمين العام إلى السماح للصحفيين بالعمل دون خوف أو مضايقة، قائلا إن “تدمير مكاتب وسائل الإعلام في غزة مقلق للغاية.”

ودعا إلى أن تتوقف فورا هذه الدورة التي لا معنى لها من سفك الدماء والإرهاب والدمار، وأضاف: “يجب على جميع الأطراف احترام القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان. يجب الحفاظ على الوضع الراهن في الأماكن المقدسة واحترامه.”

وكرر أنطونيو غوتيريش أن الأمم المتحدة لا تزال ملتزمة التزاما عميقا بالعمل مع الإسرائيليين والفلسطينيين ومع شركائها الدوليين والإقليميين، بما في ذلك المجموعة الرباعية للشرق الأوسط، لتحقيق سلام دائم وعادل.

“نحن على اتصال بالعديد من المحاورين ذوي الصلة وأدعو الأطراف مرة أخرى للسماح لجهود الوساطة بالتكثيف والنجاح.”

من جهته، قدم المنسق الأممي الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، تور وينسلاند في كلمته صباح اليوم الأحد أمام مجلس الأمن الدولي، عرضا مفصلا بالأرقام، عما آلت إليه الأحداث في الأرض الفلسطينية المحتلة وإسرائيل.

وأشار إلى أنه مع مقتل حوالي 181 فلسطينيا وتسعة إسرائيليين نتيجة الضربات الجوية الإسرائيلية وصواريخ النشطاء الفلسطينيين، بناءً على أرقام أولية، فإن “حصيلة هذه المواجهة المميتة مرتفعة للغاية بالفعل.”

وأعرب المنسق الخاص عن خالص تعازيه لأسر الضحايا وأحبائهم، مشيرا إلى أن التقارير تتواصل عن مقتل عائلات – نساء وأطفال ورضع – في منازلهم جراء الغارات الجوية على غزة:

“وفي وقت مبكر من صباح اليوم، قصفت عدة منازل بينما كان السكان بداخلها، ما أدى إلى مقتل 12 شخصا وإصابة أكثر من 50 آخرين”، قال تور وينسلاند لافتا الانتباه إلى “مقتل تسعة أفراد من العائلة أمس – امرأتان وسبعة أطفال – في مخيم الشاطئ، من بين كثيرين آخرين.”

في إسرائيل، أفاد المنسق الخاص بمقتل صبي يبلغ من العمر خمس سنوات بصاروخ في سديروت، وفتاة تبلغ من العمر ستة عشر عاما ووالدها في اللد، قائلا “إن مثل هذه المآسي غير مقبولة ولا يمكن تبريرها ولا قياسها.”

لقد أدى هذا التصعيد بالفعل إلى نتائج مأساوية، أقر المنسق الخاص، قائلا إن تكثيف الأعمال العدائية سيكون له عواقب وخيمة على كل من الفلسطينيين والإسرائيليين، ومؤكدا في هذا الصدد عمل الأمم المتحدة الدؤوب مع كافة الأطراف لاستعادة الهدوء.

هذا وكرر السيد وينسلاند دعوة الأمين العام العاجلة لإسرائيل والجماعات المسلحة الفلسطينية إلى اتخاذ خطوات فورية وحاسمة لتهدئة الوضع ومنع وقوع المزيد من الخسائر في الأرواح.

وأوضح قائلا: “للإسرائيليين والفلسطينيين حق مشروع في السلامة والأمن. إن العنف الذي نشهده الآن غير مقبول وغير مبرر.”

وقال وينسلاند إن إطلاق حماس والمسلحين الآخرين العشوائي للصواريخ وقذائف الهاون من أحياء مدنية مكتظة بالسكان على مراكز السكان المدنيين في إسرائيل “ينتهك القانون الإنساني الدولي ويجب أن يتوقف على الفور. يجب عدم استخدام المناطق المدنية للأغراض العسكرية.”

وأضاف المنسق الخاص أنه “يجب على السلطات الإسرائيلية الالتزام بمبادئ القانون الإنساني الدولي التي تحكم النزاع المسلح، بما في ذلك الاستخدام المتناسب للقوة، وممارسة أقصى درجات ضبط النفس لتجنيب المدنيين والأعيان المدنية أثناء سير العمليات العسكرية”، مكررا دعوته إلى تجنيب الأطفال أهوال الأزمة قائلا “لا ينبغي أن يكون الأطفال هدفا للعنف أو تعرضيهم للأذى.”

استعرض وزير الشؤون الخارجية والمغتربين لدولة فلسطين، رياض المالكي، في بداية إحاطته الافتراضية أمام مجلس الأمن اليوم جانبا من الخسائر البشرية التي تكبدها الفلسطينيون خلال الأيام الماضية من القتال بين الفلسطينين والإسرائيليين، مشيرا إلى عشرات الأطفال الذين لقوا حتفهم في الأيام الماضية.

وقال المالكي: لا توجد كلمات تصف الرعب الذي يتحمله شعبنا”. وأضاف أن إسرائيل تحاول أن “تقتلع” الفلسطينيين من القدس، وأن تطرد العائلات منها.

وقال: “إسرائيل تضطهد شعبنا، بارتكابها جرائم حرب ضد الإنسانية. البعض قد لا يرغب في استخدام هذه الكلمات، لكنهم يعلمون أن الأمر صحيح.”

وأشار المالكي إلى أن العنف عندما يرتكب على يد الفلسطينيين يعتبر إرهابا وعندما يرتكب على يد إسرائيل يعتبر دفاعا عن النفس؟ وتساءل قائلا: “ما هي الأدوات التي يستعد المجتمع الدولي لنشرها لضمان امتثال إسرائيل لالتزامتها وإنهاء الاحتلال، وما هي الأدوات التي يستخدمها في صراعات أخرى؟ تدخل عسكري؟ عقوبات؟ تعليق العلاقات الثنائية؟”

وشدد وزير الخارجية الفلسطيني على أن السلام يبدأ من القدس. وقال لمجلس الأمن: “تريديون إنقاذ السلام، ابدأوا بإنقاذ الشيخ جراح. وقوموا بحماية الحرم الشريف من محاولات تقسيمه زمنيا ومكانيا. تواصل إسرائيل إعلانها أنها هي العاصمة الموحدة لإسرائيل. هل سبق لكم ـن رأيتم المدينة مقسمة أكثر؟”

وفي ختام كلمته دعا المالكي مجلس الأمن إلى التحرك الآن “لكي تسود الحرية بدلا من الفصل العنصري”.

وأكد السيد غوتيريش أن السبيل الوحيد للمضي قدما هو العودة إلى المفاوضات بهدف حل الدولتين، حيث “تعيش دولتان جنبا إلى جنب في سلام وأمن واعتراف متبادل، وتكون القدس عاصمة لكلتا الدولتين، بناءً على قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، والقانون الدولي والاتفاقيات السابقة”.

وختم كلمته قائلا إنه كلما طالت دورة العنف هذه، زادت صعوبة الوصول إلى هذا الهدف النهائي. “فقط الحل السياسي المستدام المتفاوض عليه هو الذي سينهي، بشكل نهائي، دورات العنف المدمرة هذه ويؤدي إلى مستقبل سلمي للفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء.”

اقرأ أيضاً: الأورومتوسطي يوجه مذكرة لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي عشية اجتماع بشأن غزة

قد يعجبك ايضا