أمنستي تطالب باستبعاد الأجهزة الأمنية المصرية من مراجعة ملفات الإفراج عن المنتقدين المسجونين
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – قالت منظمة العفو الدولية، إن مصير الآلاف من الرجال والنساء المحتجزين تعسفياً لا ينبغي أن يكون بأيدي الأجهزة الأمنية المصرية، وبالتحديد قطاع الأمن الوطني والمخابرات العامة.
جاء ذلك في أعقاب إطلاق سراح أربعة سجناء محتجزين لأسباب سياسية، بناءً على توصيات لجنة العفو الرئاسية التي أعيد تفعيلها مؤخراً
خلال الأيام الثلاثة الماضية، أمرت النيابة العامة المصرية بإطلاق سراح كل من عبد الرحمن طارق (المعروف باسم موكا) وخلود سعيد وتسعة آخرين، ممَن تم اعتقالهم تعسفياً منذ فترة تعود إلى عام 2018.
وذلك بعد تصريح من لجنة العفو الرئاسية في وقت سابق من هذا الشهر بأنها قد قدمت قائمة بأكثر من “1000 سجين سياسي” إلى الأجهزة الأمنية لمراجعتها.
قالت منظمة العفو الدولية: “نرحب بالإفراج، الذي طال انتظاره، عن أولئك المحتجزين لمجرد ممارسة حقوقهم الإنسانية – وبالوعد بإطلاق سراح المزيد”.
وأضافت المنظمة: “مع ذلك، فلا يزال الآلاف من المعارضين والمنتقدين يقبعون في السجون المصرية، بينما تستمر الاعتقالات والمحاكمات الجديدة بلا هوادة”.
وأكملت: “إن الوعود السابقة بالإفراج عن السجناء المحتجزين لأسباب سياسية لم تكن أكثر من مجرد محاولات مخادعة لصرف الانتقادات الدولية لسجل مصر المروع في مجال حقوق الإنسان”.
وأردفت المنظمة الدولية: “لإثبات التزام السلطات المصرية بهذه الوعود، يجب عليها الآن، الإفراج الفوري وغير المشروط عن أي شخص محتجز لمجرد ممارسته لحقوقه الإنسانية، بما في ذلك السياسيون والصحفيون والمحامون والمدافعون عن حقوق الإنسان”.
ودعت منظمة العفو الدولية السلطات إلى تبني نهج قائم على حقوق الإنسان، ووضع حد للاعتقالات التعسفية الجماعية، بما يتماشى مع التزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، ومطالب مجموعات حقوق الإنسان المصرية المستقلة.
في 5 مايو/أيار، بعد إعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسية من قبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، دعت ثماني منظمات غير حكومية مصرية لحقوق الإنسان السلطات إلى توضيح المعايير والجدول الزمني المستخدَمَيْن لمراجعة ملفات السجناء.
وأعربت المجموعات الحقوقية عن قلقها من احتمال استبعاد سجناء الرأي وغيرهم من المحتجزين لأسباب سياسية على أسس تمييزية، مع سيطرة الأجهزة الأمنية على عملية اتخاذ القرار بشأن الإفراج عنهم.
في الواقع، قال العديد من أعضاء اللجنة إنهم لن يفكروا في إطلاق سراح أعضاء جماعة الإخوان المسلمين المحتجزين.
وقال العديد من ذوي الذين قدموا طلبات إلى اللجنة لمراجعة احتجاز أحبائهم لمنظمة العفو الدولية، إن اثنين من أعضاء اللجنة طلبا رؤية أدلة على أن المحتجزين لا ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين.
وفي تصريح اعلامي يوم 9 مايو/أيار، قال طارق الخولي، عضو لجنة العفو الرئاسي، ونائب في البرلمان، إنه سيتم استبعاد “أعضاء الجماعات الإرهابية”، أو المتورطين في أعمال العنف، من العفو.
وهذا الاعتراف يثير القلق البالغ، بالنظر إلى أنّ آلاف الأفراد احتُجزوا رهن الحبس الاحتياطي المطول في مصر عقب تهم لا أساس لها بـ “الانضمام لجماعة إرهابية“.
ومن بين المحتجزين: يوسف منصور، المحامي الحقوقي، المحتجز تعسفياً منذ 24 مارس/آذار 2022، على ذمة التحقيقات حول “الانتماء إلى جماعة إرهابية”، فقط بسبب تعليقاته الناقدة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتم سجن آلاف الآخرين بتهم تتعلق بالعنف بعد محاكمات جماعية فادحة الجور أمام محاكم الطوارئ أو المحاكم العسكرية في 29 مايو/أيار.
حكمت إحدى محاكم الطوارئ على 25 من المعارضين السياسيين، من بينهم السياسي محمد القصاص، والمرشح الرئاسي السابق عبد المنعم أبو الفتوح بالسجن لمدة 10 سنوات و15 عاماً على التوالي بتهم ملفقة تتعلق بالإرهاب و نشر أخبار كاذبة.
في 6 مايو/ أيار، أكد طارق الخولي أن طلبات الإفراج التي تلقتها لجنة العفو الرئاسي ستُرسل إلى قوات الأمن لمراجعتها.
ومع ذلك، لا ينبغي منح قوات الأمن، بما في ذلك قطاع الأمن الوطني، أي سلطة على عملية الإفراج، لأنها منعت، مراراً وتكراراً، إطلاق سراح السجناء المحتجزين لأسباب سياسية.
واستهدفت أفراداً ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين، ونشطاء بارزين آخرين كان لهم دور بارز في ثورة 25 يناير، بالمعاملة العقابية والتمييزية بشكل خاص في السجن.
منذ ديسمبر/كانون الأول 2014، ظل قيد السجن أنس البلتاجي، نجل محمد البلتاجي، وهو من جماعة الإخوان المسلمين المسجونين.
على الرغم من تبرئته من قبل المحاكم في أربع محاكمات منفصلة. وفي كل مرة يأمر قاضٍ بإطلاق سراحه، يمنع قطاع الأمن الوطني من تنفيذ القرار.
وفقًا لمقال نشره موقع الأخبار المستقل مدى مصر المحظور في مصر، قال مصدر مقرب من اللجنة، طلب عدم الكشف عن هويته، إن الأجهزة الأمنية لن تسمح بالإفراج عن الناشط البارز علاء عبد الفتاح.
علاء عبد الفتاح هو مواطن مصري بريطاني مزدوج الجنسية مضرب عن الطعام منذ 60 يوماً، ومحتجز بشكل تعسفي منذ سبتمبر/أيلول 2019.
وأضاف المصدر أن السلطات لن تفرج أيضاً عن الناشط أحمد دوما، الذي حُكم عليه بالسجن لمدة 15 عاماً في محاكمة فادحة الجور لمشاركته في احتجاجات مناهضة للحكومة.
إن الإفراج عن المحتجزين، لمجرد ممارستهم لحقوقهم الإنسانية، يجب أن يكون أيضاً غير مشروط.
وقد علمت منظمة العفو الدولية أن قطاع الأمن الوطني حذّر العديد من الذين أفرج عنهم في أبريل/نيسان من الانخراط في أي نشاط، وإلا فسيُعاد اعتقالهم. وقد أُمر شخصان، على الأقل، بالمثول أسبوعياً أمام قطاع الأمن الوطني للخضوع للـ “مراقبة“.
ويجب على السلطات المصرية أيضاً إصدار تعليمات فورية لقوات الأمن والنيابة العامة بالتوقف عن الاعتقال التعسفي واحتجاز المنتقدين.
منذ أبريل/نيسان 2022، ألقت السلطات القبض على ثلاثة صحفيين، وهم: محمد فوزي وهالة فهمي وصفاء الكربجي، واحتجزتهم لنشرهم تعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي، اعتبرتها السلطات انتقادية، بتهمة “الانتماء إلى جماعة إرهابية” و “نشر أخبار كاذبة”.
واختتمت منظمة العفو الدولية قائلة: “ومن أجل ضمان إحراز تقدم ملموس بشأن آفة الاحتجاز التعسفي الجماعي في مصر، هناك حاجة إلى عمل مشترك مستمر من قبل المجتمع الدولي للضغط، على سراً وعلناً”.
وقالت المنظمة في ختام قولها: “على السلطات المصرية للإفراج عن جميع الذين اعتقلوا تعسفياً في مصر، بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية، ووضع حد لقمع المعارضة السلمية”.