إحراق مخيم للاجئين السوريين في لبنان وبطء استجابة السلطات مؤشر على العنصرية

أدان المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بشدة إحراق مخيم للاجئين السوريين في بلدة بحنّين شمالي لبنان أول أمس السبت، عقب إشكال بين مجموعة من اللبنانيين وعمال سوريين يقيمون في المنطقة.

وقال المرصد الحقوقي الدولي في بيان صحفي اليوم، إنّ الحريق الذي وقع مساء السبت 26 ديسمبر/كانون الأول 2020 سبقه إشكال بين شبان لبنانيين وعمال سوريين، إذ وصل شخص لبناني من “آل المير” إلى أحد المحلات داخل المخيم، وبعد ذلك حصل تلاسن على خلفية عبارات وُجهت الى إحدى الفتيات السوريات.

تخلل ذلك إطلاق نار عند بوابة المخيم من الشبان اللبنانيين، وبعد ذلك أضرم الشبان النار في الخيام، وامتد الحريق ليأتي على كامل المخيم الذي تقطنه نحو 100 عائلة.

وقال أحد منسقي خليّة الأزمة لمساعدة اللاجئين في المخيم رقم 9 بحنين-المنية (طلب عدم ذكر اسمه) في إفادته لفريق الأورومتوسطي: “أغلقت مجموعة من الشبان اللبنانيين المدخلين الرئيسي والخلفي للمخيم، بعدها علت أصوات تطالب بحرق المخيّم، ومنحوا اللاجئين السوريين مهلة 15 دقيقة فقط لإخلائه قبل حرق”.

وأكمل المنسق: “فكان من الصعب على اللاجئين إخلاء المخيم في تلك الفترة القصيرة، خاصة أنّ المخيم غير منظّم ولا توجد فيه ممرات بين الخيام لتسهّل عملية الإجلاء، ما اضطرهم إلى القفز من فوق السور المحيط بالمخيم، فيما ألقى بعضهم بأطفالهم من فوق السور، وهرب أغلبهم دون إحضار أي من المقتنيات الأساسية سيما الخاصة بالأطفال والشيوخ”.

وتابع أنّ “العائلات تفرّقت عن بعضها، فالرجال هربوا إلى مناطق بعيدة خوفًا من التعرّض لأي اعتداءات جديدة، أما النساء والأطفال والشيوخ فلجأوا إلى المخيمات القريبة في المنطقة وبعض الأماكن التي أمنها الأهالي في الجوار لإيوائهم”.

وفق متابعة المرصد الأورومتوسطي، استمرت عملية إطلاق النار في الهواء قبل حرق المخيم مدة نصف ساعة على الأقل، لكنّ القوى الأمنية لم تحضر طوال هذه المدة لاحتواء الموقف، وضبط الأمن والنظام في المكان، ولم تصل إلا بعد أن احترق المخيم بشكل كامل.

وفي إفادة أخرى حصل عليها فريق الأورومتوسطي، قالت إحدى اللاجئات الناجيات من الحريق (رفضت الإفصاح عن اسمها): “كنت موجودة في المخيم لحظة الحريق واستطعت الخروج منه بمساعدة شخص لبناني أنقذني مع أطفالي قبل أن يصلنا الحريق”.

وأكملت: “بتنا الليلة الماضية في الشارع، وذهبنا في الصباح سيرًا على الأقدام إلى مخيم قريب حيث تم استقبالنا، ونحن الآن بانتظار المساعدات لإطعام أطفالنا وتأمين مأوى نبيت فيه في ظل البرد القارس”.

وبيّن الأورومتوسطي أنّ سكانًا محليين تطوعوا لمساعدة اللاجئين السوريين وحمايتهم، وتزويدهم بالمستلزمات الأساسية وأماكن مؤقتة للإقامة.

ولفت الأورومتوسطي إلى أنّ الاعتداءات على اللاجئين السوريين في لبنان زادت في المدة الأخيرة بالتزامن مع تصاعد خطاب الكراهية والتحريض ضدهم، وغياب أي نظام عادل للمحاسبة وللمساءلة على مثل هذا النوع من الأفعال.

وأوضح أنّ اللاجئين السوريين في لبنان يعيشون أساسًا في ظروف صعبة، خصوصًا خلال فصل الشتاء، فمراكز الإيواء التي يقطنوها غير مجهّزة بما يكفي لمواجهة البرد القارس خاصة مع وجود أطفال وكبار في السن يحتاجون إلى رعاية خاصة.

وقال المستشار القانوني لدى المرصد الأورومتوسطي “طارق حجّار” إنه “ينبغي على السلطات ضبط الوضع الأمني بصورة حازمة لمنع تجدّد الاعتداءات على اللاجئين السوريين، والتي تكررت بشكل لافت في الآونة الأخيرة”

مضيفًا أنه “لا يمكن للسلطات اللبنانية التخلي عن مسؤولياتها تجاه اللاجئين التزامًا بما تفرضه المعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والتي كرّسها الدستور اللبناني وبالتحديد في مقدمته في فقرة (ب)، وعليها تأمين الحماية الضرورية والكافية لهم سيما بعد تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد”.

ودعا المرصد الأورومتوسطي السلطات اللبنانية إلى اتخاذ الإجراءات الفورية لتوقيف الفاعلين والمحرّضين على إحراق المخيم، واتخاذ تدابير عاجلة بالتعاون مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين لتقديم العون والإغاثة للاجئين المتضررين من الحريق. كما طالب بضرورة العمل على الحد من الاعتداءات المتكررة والممارسات التمييزية بحق اللاجئين السوريين في ظل تصاعد خطاب الكراهية والانفلات الأمني في البلاد.

اقرأ أيضاً: الفدرالية الدولية تطالب بحماية اللاجئين السوريين في لبنان

قد يعجبك ايضا