لبنان: نوفمبر يشهد تصاعدًا للمجازر الإسرائيلية ضمن الاستهداف الممنهج للمدنيين وطواقم الإسعاف

بيروت – قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن الجيش الإسرائيلي صعد بشكل منهجي منذ بداية شهر نوفمبر الجاري هجماته العسكرية وارتكب عدّة مجازر راح ضحيتها عشرات المدنيين في لبنان، غالبيتهم من النساء والأطفال والمسنّين.

ووثق المرصد الأورومتوسطي قتل جيش الاحتلال الإسرائيلي يوم الجمعة،الأول من الشهر الجاري، 53 شخصًا، وإصابة 83 آخرين على الأقل، بعد أن شنّ أكثر من 35 غارة على قضاء بعلبك-الهرمل.

وفي يوم السبت، 2 نوفمبر/تشرين ثانٍ الجاري، شنّ الجيش الاسرائيلي غارة على مبنى مهجور في منطقة “غاليري سمعان” على المدخل الشرقي لضاحية بيروت الجنوبية، حيث قُتل وجرح ما لا يقل عن 15 شخصًا.

وفي يوم الأحد، 3 نوفمبر/تشرين ثانٍ، استهدف الجيش الاسرائيلي شقة في مبنى سكني في حارة صيدا، ما أدّى إلى مقتل 3 أشخاص، وإصابة 9 آخرين من بينهم طفلة تمكّنت فرق الإسعاف من انتشالها من تحت الأنقاض.

وفي اليوم نفسه، نقل الصّليب الأحمر اللّبناني جثامين 20 لبنانيًا وسوري واحد في منطقة “وطى الخيام”، بعد أن حاصرهم الجيش الإسرائيلي تحت الأنقاض لأيّام.

ويوم الإثنين، 4 نوفمبر/تشرين ثانٍ، أقدم الجيش الإسرائيلي على تفخيخ وتفجير عدّة منازل في بلدة “ميس الجبل”، كما دمّر أحياءً كاملة في بلدة” معروب” التي تقع بعمق 20 كم داخل الحدود في قضاء صور.

ومع استمرار التوغلات الإسرائيليّة داخل القرى اللّبنانيّة الجنوبيّة وعمليات تفخيخ وتفجير الأحياء والمنازل، فقدت العائلات الاتصال مع 5 مسنين، جميعهم في العقد الثّامن من العمر وبحاجة إلى الدواء والرعاية الصحيّة، وهم “غضينة السويد” من بلدة الضهيرة، و”محمد شرتوني”، و”نمر حمادي”، و”صباح رزق” و”حسن قبلان” من بلدة ميس الجبل.

أما يوم الثلاثاء الموافق 5 نوفمبر/تشرين ثانٍ، شنت القوات الإسرائيلية قصفًا عنيفًا على منطقة “الجيّة”، فقُتلت امرأة وأصيب 15 شخصًا. القصف الذي تزامن مع الدوام المدرسي أدى إلى وقوع أضرار ماديّة في مدرسة “مار شربل”، ما أدّى إلى إخلائها من الطّلاب. وفي اليوم نفسه، انتُشل 19 جثمانًا من تحت الأنقاض لضحايا مجزرتين سابقتين في “وطى الخيام” و”بيوت السيّاد”، وارتفعت حصيلة الدّمار في جنوب لبنان، في 37 بلدة تحديداً، إلى أكثر من 40,000 وحدة سكنيّة دمّرت بالكامل.

في اليوم ذاته، ارتكب الجيش الإسرائيلي مجزرة بعد استهداف مبنى سكني في بلدة “برجا”، راح ضحيتها 20 شخصًا وأصيب 18 آخرون على الأقل.

وفي يوم الأربعاء الموافق 6 نوفمبر/تشرين ثانٍ، استمر الجيش الإسرائيلي باستهداف القرى الجنوبيّة في لبنان، حيث استهدف أحياء سكنيّة ومحال تجاريّة في قضاء صور، وارتكب المزيد من المجازر في البقاع، حيث استهدف منطقة بعلبك-الهرمل بأكثر من 20 غارة، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 50 شخصًا وإصابة 63 آخرين. بالإضافة إلى ذلك، استهدف الجيش الإسرائيلي بلدتي العين والمشرفة ومدينتي بعلبك والهرمل، ليقتل بذلك 24 شخصًا منها. وقد أدّت إحدى هذه الغارات على مدينة بعلبك إلى تضرّر “حي المنشيّة” الأثري.

في اليوم التّالي، أي يوم الخميس الموافق 7 نوفمبر/تشرين ثانٍ، طالت الغارات الإسرائيليّة حي الآثار في صور، ما دفع اليونيسكو إلى الدعوة لعقد اجتماع لمناقشة تعزيز الحماية المؤقّتة للمواقع الأثريّة اللّبنانيّة. وفي نفس اليوم، استهدفت مسيّرة إسرائيليّة سيارة عند حاجز الأولي في صيدا، تزامنًا مع مرور قافلة لليونيفيل، ما أدّى إلى مقتل 3 مدنيين وإصابة 3 عسكريين من الجيش اللّبناني و4 عناصر من اليونيفيل.

جاء ذلك في اليوم ذاته الذي شهد تدمير حفارتين وجرّافة تابعة للجيش الإسرائيلي مبنى تابع لليونيفيل في رأس الناقورة، وإزالة اثنين من البراميل الزرقاء (الخط الأزرق) الذي يحدد خط الانسحاب الذي حددته الامم المتحدة بين لبنان وإسرائيل.

ورصد الأورومتوسطي في يوم الجمعة الموافق 8 نوفمبر/تشرين ثانٍ، استهداف الجيش الإسرائيلي 3 مبانٍ في مدينة صور، ما أدّى إلى مقتل 9 أشخاص وإصابة 46 على الأقل. كما شهد يوما الجمعة والسبت 8-9  نوفمبر/تشرين ثانٍ، استهدافات مباشرة ضد مركز إسعاف في الناقورة ولنقاط تجمع للمسعفين في دير قانون رأس العين وعين بعال في صور، ما أدّى إلى ارتفاع حصيلة المسعفين الذين قتلتهم إسرائيل في لبنان منذ بداية أكتوبر/تشرين أول 2023 وحتّى 9 تشرين نوفمبر/تشرين ثانٍ، إلى 187 مسعفًا.

وفي يوم الأحد الموافق 10 نوفمبر/تشرين ثانٍ، استهدفت الغارات الإسرائيليّة بلدات الكنيسة وحدث بعلبك والجماليّة والنبي شيت ومجدلون، فقتلت أكثر من 20 شخصًا وأصابت ما لا يقل عن 14 آخرين.

كما طالت الغارات الإسرائيليّة قضاء جبيل، فاستهدفت منزلاً من طابقين في بلدة علمات يسكنه 30 شخصًا من النازحين، ما أدّى إلى مقتل عدد كبير منهم، أغلبهم من النّساء والأطفال. وباستهداف آخر للمراكز الإسعافية، استهدفت غارة إسرائيليّة على عدلون في قضاء صيدا مركزًا تابعًا للهيئة الصحية الإسلامية، ما أدى إلى مقتل 3 مسعفين، لترتفع بذلك الحصيلة إلى 190 مسعفًا.

وخلال هذا الأسبوع، استهدف الجيش الإسرائيلي الضاحية الجنوبية لبيروت مجدّدًا بعدد من الغارات، بعد ما بين النصف الساعة والساعتين من إصدار إنذارات الإخلاء الخاصّة بالمنطقة، ما أدّى إلى تدمير عدد كبير من المباني في المنطقة.

أمّا يوم الاثنين الموافق 11 نوفمبر/تشرين ثانٍ، ارتكب الجيش الإسرائيلي مجازر جديدة بحق المدنيين في “السكسكيّة” و”عكّار” و”بعلبك”، راح ضحيّتها عدد من المدنيين أغلبهم من النّساء والأطفال، حيث انتُشل 81 قتيلًا و60 جريحًا، فيما ما يزال من الصعب حصر العدد النهائي للضحايا بسبب فقدان عدد من الأشخاص وتحول آخرين إلى أشلاء.

وجاءت الحصيلة الأولية كالتالي: 25 قتيلًا و7 جرحى في مجزرة “علمات”، و8 قتلى و5 جرحى في مجزرة “بعلشميه” التي ارتكبها الجيش يوم الثلاثاء في 11 نوفمبر/تشرين ثانٍ، و20 قتيلًا و12 جريحًا جرّاء مجزرة “جون” في اليوم نفسه، بالإضافة إلى 8 قتلى و17 جريحًا نتيجة مجزرة “دوحة عرمون” التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي يوم الأربعاء في 13 نوفمبر/تشرين ثانٍ، و 20 قتيلًا و19 جريحًا من مجزرة “دير قانون عين الرأس.

وبين يومي الخميس والجمعة في 14 و15 نوفمبر/تشرين ثانٍ، قتل الجيش الإسرائيلي 19 مسعفًا في مجزرتي “دورس” و”عربصاليم”، حيث استهدفت مركزًا للدفاع المدني في بعلبك أثناء تواجد 20 عنصر إسعاف داخله، كما استهدف نقطة تجمّع مسعفين في النبطية. ويوم السبت في 16 نوفمبر/تشرين ثانٍ، اعلنت وزارة الصحّة اللبنانيّة عن مقتل مسعفين جرّاء استهدافين إسرائيليين، الأوّل في بلدة “برج رحّال” في صور أثناء قيام المسعفين بعمليّة إنقاذ أحد الجرحى، والثّاني في “كفرتبنيت” بعد استهداف سيارة تابعة للهيئة الصحيّة، ما أدّى إلى إصابة 4 مسعفين آخرين.

وفي اليوم نفسه، قتلت غارة إسرائيليّة على بلدة “الخريبة” عائلة من 6 أشخاص، من بينهم 4 أطفال، كما استهدفت غارة أخرى منزلاً في “عربصاليم” وقتلت 7 أشخاص من العائلة نفسها.

واستهدف الجيش الإسرائيلي 3 مراكز للهيئة الصحية في “حومين التحتا” و”حناويه” و”البازورية”، ممّا أسفر عن مقتل مسعفين وإصابة 2 آخرين، يوم الأحد الموافق 17 نوفمبر/تشرين ثانٍ.

وفي نفس اليوم، استهدف الجيش الإسرائيلي مركزاً للجيش اللبناني في بلدة “الماري” في حاصبيا بشكل مباشر، ما أدّى إلى مقتل عنصرين وإصابة 2 آخرين. وفي ذات اليوم، قتل 11 شخصًا وأصيب 48 آخرون في الهجوم الاسرائيلي على قرى قضاء صور، بحسب وزارة الصحة اللبنانية.

وبين يوميّ الأحد والإثنين، 17 و18 نوفمبر/تشرين ثانٍ، استهدف الجيش الإسرائيلي قلب العاصمة بيروت بـ 3 غارات دون إنذارات مسبقة على “رأس النبع”، و”مار الياس”، و”زقاق البلاط”، ما أدّى إلى مقتل ما لا يقل عن 10 أشخاص وإصابة أكثر من 35 آخرين.

إلى جانب ذلك، شهد اليومان الماضيان استهدافات عنيفة لمناطق “الشياح” و”الغبيري” في بيروت، وهي مناطق مكتظّة بالسكّان، ما أدّى إلى حركة نزوح قسري بينهم.

وأكّد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان على ضرورة احترام والالتزام بالقانون الدّولي الإنساني الذي يلزم الأطراف المتحاربة خلال النزاعات المسلّحة بالتمييز بين المدنيين والمقاتلين في جميع الأوقات، مشيرًا إلى أنّ ارتكاب المجازر بحق المدنيين يعد جرائم حرب على الرّغم من محاولة تبريرها بذريعة استهداف قيادات عسكريّة.

وأضاف الأورومتوسطي أنه حتى لو صحت الادعاءات باستهداف قادة عسكريين، فإنه من غير المقبول أن تجري تلك الاستهدافات أثناء تواجد هؤلاء في مناطق مدنيّة وبين السكان المدنيين ودون مراعاة لأي من مبادئ القانون الدولي الإنساني، مما يشكل انتهاكات جسيمة بموجب هذا القانون.

وأشار أن القانون يحظر الاغتيالات السياسيّة التي تعترف بها وتتبنّى نهجها إسرائيل، فالقانون الدّولي الإنساني يجيز استهداف المقاتلين التابعين لأطراف النّزاع حصرًا ممن يشاركون مشاركة مباشرة بالأعمال القتالية، وكذلك ضمن ضوابط محدّدة بموجب مبادئ الضرورة العسكريّة والتّناسب واتخاذ الاحتياطات اللازمة خلال تنفيذ كل عملية عسكرية.

وشدد المرصد الأورومتوسطي على أنّه حتى في حالات الأهداف العسكريّة، يحظر مبدأ التناسب الهجوم الذي “يتوقّع منه أن يسبّب بصورة عارضة خسائر في أرواح المدنيين أو إصابات بينهم، أو أضراراً بأعيان مدنيّة، أو مجموعة من هذه الخسائر والأضرار، ويكون مفرطاً فيما ينتظر أن يُسفر عنه من ميزة عسكريّة ملموسة ومباشرة”، وتشكل هذه الهجمات جرائم حرب مكتملة الأركان.

وعليه، دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان الأمم المتحدة إلى تشكيل لجنة تحقيق أممية في الانتهاكات والجرائم الدولية التي يتم ارتكابها في لبنان منذ الثامن من أكتوبر/تشرين أول الماضي.

كما جدد دعوته للمجتمع الدّولي إلى تحمّل مسؤوليّاته في مراقبة ومتابعة القانون الدّولي الإنساني ووضع حد لانتهاكاته التي ترقى إلى مستوى جرائم الحرب، وإلى معاقبة مرتكبي هذه الجرائم ومنع الإفلات من العقاب لتحقيق العدالة لضحاياها والحيلولة دون وقوع المزيد من الضحايا المدنيين.

قد يعجبك ايضا