احتجاز أسرة سجين مصري بسبب شكاوى تعذيب لدى السلطات المصرية
قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إنّ على السلطات المصرية أن تفرج فورا وبشكل غير مشروط عن “هدى عبد الحميد”، التي يبدو أنّها احتُجزت لمجرّد تقدّمها بشكوى حول مزاعم تعرّض ابنها المُحتجز للتعذيب والاعتداء الجنسي.
عناصر الشرطة و”جهاز الأمن الوطني” اعتقلوا “هدى”، والدة “عبد الرحمن جمال متولي الشويخ”، ووالده “جمال” (65 عاما)، وشقيقته “سلسبيل” (18 عاما) بعد مداهمة منزلهم في القاهرة في 26 أبريل/نيسان 2021. أُفرِج لاحقا عن الوالد والشقيقة.
ينبغي أن تسرع السلطات في إجراء تحقيق شفّاف ومستقلّ في مزاعم تعذيب “الشويخ” والاعتداء الجنسي عليه، وتقديم أيّ مسؤول عن ذلك إلى العدالة.
قال “جو ستورك”، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “بدلا من التحقيق في شكوى “هدى عبد الحميد” عن تعرّض ابنها لتعذيب مريع واعتداء جنسي في السجن، تضطهد السلطات المصرية المُبلِغ”.
وأضاف “ستورك”: “اعتقال أسرة “عبد الرحمن” يعكس بشدّة الحالة المزرية لنظام العدالة المزعوم في مصر”.
يُحتجز “عبد الرحمن” (29 عاما) في سجن المنيا شديد الحراسة، على بُعد 240 كيلومتر جنوب القاهرة، منذ 15 شهرا. في 16 أبريل/نيسان، نشرت والدته على حسابها على فيسبوك، الذي حُذف لاحقا، رسالة كان ابنها قد سلّمها إياها عندما زارته قبل يوم.
ذكر فيها أنّ سجينا آخر كان قد تشاجر معه، أقدم في 16 أبريل/نيسان، بمساعدة وتواطؤ عدد من ضبّاط وحرّاس السجن، على تقييده، وتمزيق ملابسه، والاعتداء عليه جنسيا “بعدّة أساليب”.
سمّى “عبد الرحمن” في رسالته من صفحتَيْن، والتي راجعتها هيومن رايتس ووتش، السجين الآخر وأربعة من الضبّاط والجنود.
لم يردّ مكتب النيابة العامة، و”المجلس القومي لحقوق الإنسان”، و”الهيئة العامة للاستعلامات” على رسالة بعثتها هيومن رايتس ووتش في 12 مايو/أيار تضمنت أسئلة عن الحادثة والخطوات المتّخذة للتحقيق فيها.
في رسالته، حثّ “عبد الرحمن” والدته على الإبلاغ عن الحادثة. كتب: “اعملي يا أمي كل اللي تقدري عليه في الأمر ده. اعملي بلاغات للنائب العام وحقوق الإنسان في كل مكان… والأمم المتحدة”.
وأضاف “عبد الرحمن”: “أنا ترددت اني أقول لك الكلام ده عشان ما تزعليش لكن معلش الأمر صعب جدا وكان لازم أقول لك… بالله عليك يا أمي أستحلفك بالله متسكتيش”.
كتب “عبد الرحمن” أنّه تعرّض للاعتداء بعد اشتكائه من سرقة الأموال التي أودعتها أسرته في الأمانات لدى إدارة السجن. كتب أيضا أنّه كان ينوي أن يُضرِب عن الطعام.
في منشورها على فيسبوك، الذي انتشر على نطاق واسع، قالت والدة “عبد الرحمن” إنّها عندما زارته في 15 أبريل/نيسان، بدا “تعبان جدا وزعلان ومتغيّر عن كل زيارة”.
كتبت أيضا في المنشور أنها، بعد لقائها بابنها، تقدّمت بشكوى شفهية إلى مأمور السجن والضابط المتواجد أثناء الزيارة. في وقت لاحق من النهار، تقدّمت بشكوى كتابية في مقرّ نيابة المنيا، ذاكرة تفاصيل عن اعتداء 6 أبريل/نيسان، بما فيها أسماء المعتدين المزعومين.
نحو 19 أبريل/نيسان، استدعت النيابة العامة في المنيا “هدى عبد الحميد” وابنها، واستمعت إلى إفادتيَهما بشكل منفصل، ومن دون حضور المحامين.
قالت “هدى عبد الحميد” في فيديو آخر نشرته في 25 أبريل/نيسان، بصوت باكٍ، إنّ زوجة أحد السجناء المُحتجزين مع ابنها أعلمتها أنّه تعرّض للضرب والاعتداء مرارا بعد جلسة الاستماع في النيابة لدرجة أنّه نُقل إلى مستشفى السجن أكثر من مرّة. لم تقُلْ عبد الحميد ما إذا كان المعتدون هم نفس الأشخاص الذين اعتدوا على ابنها في المرّة السابقة.
في 25 أبريل/نيسان، نشر عمر الشويخ، الأخ الأصغر لـ”عبد الرحمن”، الذي يعيش في تركيا، على فيسبوك أنّ إدارة السجن أرسلت إلى النيابة عدّة سجناء كشهود ادّعوا أنّ عبد الرحمن كان يأخذ أدوية لمرض نفسي، نفت أسرته هذا الادعاء بشدّة.
قالت والدة “عبد الرحمن” في الفيديو في 25 أبريل/نيسان: “عبد الرحمن كان [مجنّد] في الجيش في الشرطة العسكرية، مكانش مريض. ليه ساعتها؟ اشمعني، مكانش مريض إلا لما حصل اللي حصل وأنا قدمت بلاغ في النيابة؟”.
قال “عمر الشويخ”، الذي احتُجز وعُذّب في مصر في وقت سابق، لـ هيومن رايتس ووتش إنّ نحو 15 شرطيا مسلّحا في الزيّ الرسمي وغيرهم في ملابس مدنية، على الأرجح من جهاز الأمن الوطني، داهموا منزل “هدى عبد الحميد” في اليوم التالي، أي 26 أبريل/نيسان، واعتقلوها مع زوجها وابنتهما، وشهد ابنهما (12 عاما) على المداهمة. صوّر عناصر الشرطة أفراد الأسرة في لباس النوم واعتقلوهم من دون السماح لهم بتغيير ملابسهم، على حدّ قول عمر.
أضاف أنهم اقتيدوا إلى مبنى جهاز الأمن الوطني في حي المعصرة في القاهرة. نُقل الوالد والشقيقة الصباح التالي إلى مبنى الجهاز في في مدينة السويس حيث تنحدر الأسرة، على بُعد 125 كيلومتر شرق القاهرة.
مثلت سلسبيل أمام النيابة العامة للسويس في 29 أبريل/نيسان، حيث استُجوبت حول اتهامات بإدارة صفحة للمعارضة على فيسبوك. في 30 أبريل/نيسان، أمرت النيابة العامة بالإفراج عنها على ذمّة التحقيق.
قال “عمر” إنّ والدتهم مثلت، في 27 أبريل/نيسان، أمام “نيابة أمن الدولة العليا” في القاهرة، والتي أمرت بحبسها احتياطيا لـ 15 يوما بتهم الانضمام إلى جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة، بعد إضافتها إلى “القضية 900 لسنة 2021”. نقلتها السلطات لاحقا إلى سجن القناطر للنساء.
أُفرِج عن “جمال الشويخ” في 5 مايو/أيار، بحسب ابنه، بعد حوالي عشرة أيام من الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي، من دون تواصل مع أسرته، أو محامين، ومن دون أدوية أمراض القلب والكبد التي يعاني منها. أخبر أسرته أنّ السلطات استجوبته عن نشاطات عمر في تركيا وهدّدت باعتقاله مجدّدا، إذا استمرّت الأسرة بالتكلّم.
قال عمر إنّ النيابة العامة أرادت استدعاء عبد الرحمن مجدّدا، لكنّ إدارة السجن رفضت نقله. ثمّ، زار أحد لم يعرّف عن نفسه عبد الرحمن في السجن وفحصه “ظاهريا”. عندما سأله عبد الرحمن إذا كان من الطب الشرعي، أجاب الرجل: “ليس من شأنك”.
قال عمر أيضا إنّ ضابطا زار عبد الرحمن مرّتَيْن وحذّره لسحب شكاواه. أضاف عمر أنّ ضبّاط السجن لا يسمحون لأخيه بالتواصل مع محامين أو بالخصوصية في زيارات الأسرة، متابعا: “يضغطون عليه كثيرا ليسقط شكاواه”.
قالت هيومن رايتس ووتش إنّ على النائب العام حمادة الصاوي أن ينقل عبد الرحمن فورا إلى مكان آمن، ويتيح له وصولا كاملا وغير معرقل إلى المشورة القانونية، كما عليه التأكد من اتخاذ السلطات جميع الإجراءات اللازمة لمنع أي انتقام إضافي بحقه وضدّ أسرته.
في 27 أبريل/نيسان، قال عمر إنّ سلطات سجن طرة في القاهرة نقلت عبد العزيز الشويخ، أخ آخر مُحتجز، إلى سجن العقرب سيء السمعة، على ما يبدو في إطار الانتقام ضدّ الأسرة.
تعكس مزاعم عبد الرحمن حول التعذيب والاعتداء الجنسي نمطا من الانتهاكات الموثقة جيدا والتعذيب المنهجي للسجناء والمحتجزين في ظلّ حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ 2014. وجد تحقيق لـ هيومن رايتس ووتش في 2017 أنّ التعذيب في مصر مستشرٍ، وعلى الأرجح يرقى إلى جرائم ضدّ الإنسانية.
قال عمر إنّ قوات الأمن اعتقلت عبد الرحمن في نوفمبر/تشرين الثاني 2014، بعد انتهائه من الخدمة العسكرية. ثمّ، اعتدوا عليه وعذّبوه، بما في ذلك تعليقه من ذراعَيْه وصعقه بالكهرباء.
حكمت عليه محاكم عسكرية وأخرى مدنية بالسجن 32 عاما في عدة قضايا بتهم التظاهر، والانضمام إلى جماعة إرهابية، وإحراق سيارات للشرطة.
لطالما كرّرت هيومن رايتس ووتش أنّ على الحكومات الأخرى أن توقف كافّة أشكال المساعدة الأمنية ونقل الأسلحة إلى مصر، تحديدا إلى وزارة الداخلية، وتشترط لاستئنافها المحاسبة والتحسن الملموس لظروف حقوق الإنسان في البلاد.
قال ستورك: “في مصر، حتى لو اتبعت المسار القانوني وقمت بكلّ شيء كما يجب، كما حاولت هدى عبد الحميد أن تفعل، فقد تقع ضحية الانتهاكات نفسها التي تعترض عليها. على السلطات أن تفرج عنها فورا، وتحمي عبد الرحمن من الانتقام، وتسلّم المسؤولين عن الاعتداء عليه إلى العدالة”.
اقرأ أيضاً: تقرير صادم عن ممارسات انتقامية ضد أقارب المعارضين في مصر