مطالبات بإستئناف الجهود للعثور على مخطوفي “داعش”

https://www.youtube.com/watch?v=XsW_1_riZBo&feature=emb_logo

(بيروت) – قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إن السلطات المحلية في شمال سوريا لم تُحرز تقدما في جهود العثور على الأشخاص الذين اختطفهم “تنظيم الدولة الإسلامية” (المعروف أيضا بـ “داعش”)، بعد أكثر من عام على هزيمته على الأرض في سوريا.

على السلطات تكريس الموارد فورا لكشف ما حدث لآلاف المفقودين.

خلال فترة حكم داعش في سوريا، ارتكبت الجماعة المسلحة انتهاكات مروعة بحق السكان المدنيين، وعلى رأسها خطف وإعدام آلاف الأشخاص الذين اختطفتهم من منازلهم ونقاط التفتيش وأماكن عملهم.

استهدف داعش الأشخاص الذين اعتبرهم عقبة أمام تمدده أو الذين يقاومون حكمه. عمليات الاختطاف والإخفاء نشرت الخوف والارتباك، وتخلّصت من المعارضين البارزين، وقدمت مثالا يُرهِب من قد يفكر في المقاومة.

قالت سارة كيالي، باحثة سوريا في هيومن رايتس ووتش: “على السلطات المحلية في المناطق السورية التي كانت تحت سيطرة داعش أن تجعل مخطوفي داعش أولوية.

مع هزيمة داعش ووجود العديد من المشتبه بهم في الاحتجاز، أصبحت السلطات قادرة على الوصول إلى المنطقة والمعلومات التي تحتاجها. ما يلزم الآن هو الإرادة السياسية للعثور على إجابات”.

لم تَسلَم أي شريحة من السوريين من الانتهاكات. وثّقت هيومن رايتس ووتش عمليات اختطاف جنود الحكومة السورية ونشطاء أكراد وصحفيين تابعين للمعارضة.

مع ذلك، لم تقدم أي سلطة الموارد أو الإرادة السياسية اللازمة لكشف ما حدث للمفقودين في سوريا وأماكن أخرى، أو للنظر بجدية والتعامل مع مناشدات العائلات لمعرفة ما حدث لأحبائهم.

في فبراير/شباط 2020، نشرت هيومن رايتس ووتش تقريرا حثّت فيه السلطات المحلية على تخصيص موارد لهذا الجهد، بما فيه إنشاء نظام مركزي للتواصل مع عائلات المخطوفين، والوصول إلى المعلومات الاستخباراتية الرئيسية عن عناصر داعش المشتبه بهم والتي قد تقدم أدلة، ونبش القبور الجماعية.

في 7 أبريل/نيسان، أعلن “مجلس سوريا الديمقراطية” الذي يقوده الأكراد شمال شرق سوريا عن تشكيل مجموعة عمل لمعالجة قضية المحتجزين.

رغم هذه الخطوة الإيجابية، لم تتخذ السلطات أي إجراءات أخرى لإعطاء الأولوية لاكتشاف ما حدث لأولئك الذين اختطفهم داعش، أو كانوا في عهدته حسب آخر ما سُمع عنهم.

يحظى مجلس سوريا الديمقراطية وذراعه العسكري “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) بدعم من التحالف المناهض لداعش بقيادة الولايات المتحدة.

فراس الحاج صالح، يوليو/تموز 2013

اعتقلت قوات الأمن التابعة للرئيس بشار الأسد فراس الحاج صالح، موظف قطاع عام من مواليد 1972، مرتين لتنظيمه مظاهرات مناهضة للحكومة، وفقد وظيفته بعد الاعتقال الثاني.

ساعد الحاج صالح في قيادة المعارضة ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) إبان نهوضها في مدينة الرقة عام 2013.

في 20 يوليو/تموز 2013، اعترضت سيارة الحاج صالح وصديقه أثناء عودتهما إلى منزله بعد قضاء ليلة في مدينة الرقة. نقلت السيارة الحاج صالح إلى مقر لداعش في المدينة، حسبما قال الصديق لزوجة الحاج صالح.

لم تسمع عائلته، بما فيها زوجته غدير، أي شيء عنه منذ ذلك الحين. إبراهيم، نجل الحاج صالح، كان عُمره عامين عندما اختُطف والده، وهو الآن في الثامنة. في 2018، قالت والدته لـ هيومن رايتس ووتش إن إبراهيم بالكاد يتذكر والده:

[مع داعش ما حدا اله كلمة]. بغض النظر عما تسمعه، وبغض النظر عما تراه، لن يكون كحال من عاشوا معهم. مرت 4 سنوات و10 أشهر و3 أيام، دون أي معلومات، ولا أي إشارة.

عبد الله خليل، مايو/أيار 2013

عبد الله خليل، من مواليد 1961، مدافع عن حقوق الإنسان منذ فترة طويلة. عندما استولى “الجيش السوري الحر”، وهو تحالف جماعات مسلحة مناهضة للحكومة، على مدينة الرقة من الحكومة السورية في 2013، عاد خليل إلى المدينة وشغل لفترة وجيزة منصب رئيس “المجلس المدني المحلي” الذي يشرف عليه “الائتلاف الوطني السوري” المكوّن من جماعات مناهضة للحكومة والذي تأسس عام 2012.

في 19 مايو/أيار 2013، اختُطف خليل وهو في طريقه إلى قرية المشلب قرب الرقة عند منتصف الليل، مع ظهور داعش وتعزيز قوته في المنطقة.

تشير وثائق رسمية لداعش حصلت عليها “جريدة زمان الوصل”، وسيلة إعلامية سورية تابعة للمعارضة المناهضة للحكومة، إلى أن داعش كان على الأرجح وراء اختطافه.

آخر ما سمعته عائلة خليل عن مكانه كان عام 2016، عندما أخبر ممرض كان يعمل في سجن الطبقة تحت حكم داعش أقارب خليل إنه شاهد هذا الأخير في السجن، وأنه لا يزال على قيد الحياة. منذ ذلك الحين، لم تتلق زوجة خليل أي معلومات موثوقة بشأن زوجها، رغم إثارة القضية مع “اللجنة الدولية للصليب الأحمر” والسلطات الكردية بعد هزيمة داعش في مدينة الرقة.

قالت زوجته، واصفة تأثير خطف خليل على الأسرة:

لا توجد كلمات تصف اللحظات التي مررنا بها – صعبة، مروعة، لحظات من الألم، ألم حقيقي. عندما ترى [ابنتانا] صفاء ومروة أي شخص عرف والدهما، تشعران بالحسرة.

أراها في عيونهما، في نظراتهما، لأنهما لا تعرفان أباهما، كان عمرهما سبعة أعوام عندما غادر. تريانه في الصور فقط. لكن لا ذكريات. ما تزالان تعيشان على أمل عودة أبيهما.

عدنان وإدريس كاشف، يوليو/تموز 2013

بعد ظهر 20 يوليو/تموز 2013، غادر عدنان كاشف، وهو مهندس زراعي يعيش في مدينة الرقة، المنزل لشراء ألعاب لأطفاله للاحتفال بأعياد ميلادهم. بحلول الساعة 9 مساء، لم يكن قد عاد بعد.

كان كاشف يسير مع مجموعة من الأصدقاء عندما اعترضتهم مجموعة من مقاتلي داعش المسلحين واقتادوا كاشف وأحد أصدقائه الأكراد بسيارة.

قال الخاطفون للأصدقاء الآخرين إنهم يخططون لاستخدامهم في تبادل أسرى مع “وحدات حماية الشعب” التي يقودها الأكراد، وأنهم إذا أرادوا مزيدا من المعلومات يمكنهم المتابعة في مقر داعش بالمحافظة.

بعد ثلاثة عشر يوما، اخذت داعش أيضا شقيق عدنان، إدريس كاشف، من شوارع الرقة.

آخر ما سمعته زوجة عدنان عام 2016 عندما اتصل بها محتجز سابق على وتساب، وأخبرها أن زوجها كان معه في مركز احتجاز لداعش قرب قرية في شمال شرق سوريا تسمى  العكيرشي. قالت الزوجة لـ هيومن رايتس ووتش:

لا يوجد سبب الآن لأن يكون مفقودا. لدينا أربع بنات وابن. كان سندنا. أحتاج أن أعرف ما إذا كان ميتا أم حيا. يحتاج أطفاله أن يعرفوا.

أو أعطوني جهة اتصال رسمية يمكنني التقديم إليها، أو تسجيله كشخص مفقود، ليتمكنوا من البحث عنه والعثور عليه وإعادته إلي.

الأب باولو دالوليو، يوليو/تموز 2013

الأب باولو دالوليو )64 عاما( كاهن يسوعي إيطالي أمضى ثلاثة عقود في سوريا يرمم ديرا قبل أن تطرده الحكومة السورية عام 2012 لتنديدها بمعاملتها للمتظاهرين والانتهاكات الأخرى.

كان السوريون يعتبرون دال دالوليو ناشطا محترما وصوتا بارزا يدعو للسلام والتعايش. عاد إلى سوريا أواخر يوليو/تموز 2013، عبر غازي عنتاب لزيارة المناطق التي لم تعد تحت سيطرة الحكومة.

في أواخر يوليو/تموز 2013، دخل دالوليو مدينة الرقة للتفاوض على ما يبدو للإفراج عن نشطاء السلام. قال نشطاء محليون وتقارير إخبارية إنه في الساعة 11 صباح 29 يوليو/تموز، ذهب دالوليو إلى مبنى محافظة الرقة الذي كان خاضعا لسيطرة داعش، لطلب مزيد من المعلومات بشأن النشطاء المحتجزين. لم يره أحد بعد ذلك.

في 29 يوليو/تموز 2019 – الذكرى السادسة لاختطافه – أعلنت الولايات المتحدة عن مكافأة تصل إلى 5 ملايين دولار لأي شخص يمكنه تقديم معلومات حول خمس شخصيات دينية سورية مخطوفة، من بينهم دالوليو.

محمد نور مطر، أغسطس/آب 2013

شوهد محمد نور مطر )20 عام حينها( لآخر مرة في مدينة الرقة ليلة 13 أغسطس/آب 2013. كان مطر وشقيقه الأكبر الصحفي عامر يصوّران ويوثّقان انتهاكات داعش في المدينة.

في تلك الليلة، انفجرت سيارة مفخخة قرب محطة القطار القديمة في الرقة حيث كان يصوّر. في البداية، خشيت أسرته أن يكون قد أصيب أو قُتِل.

وصل عامر مطر إلى الرقة في اليوم التالي. أعطاه الفريق الطبي في الموقع كاميرا متفحمة لشقيقه. لم تكن هناك جثث في الموقع.

علمت عائلة مطر فيما بعد من محتجزين أفرِج عنهم من سجون داعش أنهم رأوه في مبنى إدارة المحافظة الذي استخدمه داعش للاستجواب، وفي سجن السد ببلدة الطبقة التي يسيطر عليها داعش.

خلال الحملة العسكرية لطرد داعش من الرقة، بدأ عامر مطر في البحث في  السجون التي هجرها التنظيم بحثا عن أي معلومة عنه.

قال عامر: “اعتقلت قوات سوريا الديمقراطية مئات من عناصر داعش، وحاولنا التواصل مع هذه القوات، لكنهم لم يردوا مطلقا أو يأخذوا ذلك على محمل الجد”.

سمر صالح ومحمد العمر، أغسطس/آب 2013

اعتقلت الحكومة السورية سمر صالح )25 عام حينها( في 2012 بسبب نشاطها مع الحركة الطلابية المناهضة للحكومة في جامعة حلب.

بعد الإفراج عنها، أدارت صالح عدة ملاجئ في مدارس حلب للعائلات النازحة من ريف حلب. خوفا من إعادة اعتقالها، ذهبت إلى جامعة القاهرة للدراسة والحصول على درجة الماجستير في علم الآثار.

في 2013، عادت إلى شمال سوريا لرؤية عائلتها. في 13 أغسطس/آب، عندما كانت عائدة من زيارة عائلية في السيارة مع خطيبها محمد العمر ووالدتها، أوقفتهم سيارة رباعية الدفع في الأتارب، حلب.

نزل مسلحون ملثمون من السيارة وأخذوا صالح والعمر لكن تركوا والدة صالح تذهب.

في اليوم التالي، زار والدا صالح الدانا للاستفسار عن ابنتهما. أخبرهما مسؤولو داعش هناك أنه كان تحقيقا روتينيا، وأنهم سيُفرجون عنها قريبا.

سألوا عن سبب ذهابها إلى الولايات المتحدة قبل النزاع، وماذا كان تعمل لكسب عيشها. في المرة التالية التي ذهب فيها والداها إلى هناك، أنكر داعش وجود صالح لديه.

منذ ذلك الحين، لم تتلق عائلتها أي معلومات جوهرية بشأن مكان صالح أو العمر.

أفراد عائلة الإمام، أغسطس/آب 2013

اعتقل أعضاء من داعش محمد محمد إمام )34 عاما حينها(، وشقيقه فاروق محمد إمام، )29 عام(ا، وابن عمهما نيجيرفان محمد إمام )21 عام(ا من نقطة تفتيش في الهتارة بمحافظة الرقة في 14 أغسطس/آب 2013.

عمل الثلاثة معا في مزرعة بمحافظة الرقة. كانوا يمتلكون جرارا يأخذونه للعمل في الحقل. في 14 أغسطس/آب، ذهب الثلاثة للعمل كالمعتاد.

بعد ساعات قليلة، عاد أحد زملائهم وأخبر الأسرة أن أميرا محليا من داعش أخذ الرجال الثلاثة بعد أن رفضوا إعطائه جرارهم.

توجه إمام محمد إمام، والد نيجرفان، وأخوه فورا إلى محافظة الرقة لمتابعة الأمر. طردهم مسؤولون في مقر داعش وأمروهم بعدم إثارة المشاكل.

قال إمام إنهم بعد أن بدأت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والتحالف بقيادة الولايات المتحدة باستعادة الأراضي في محافظة الرقة، قاموا بزيارات متعددة وسألوا أشخاص في أعلى المستويات في قسد وكذلك في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية عن الأقارب الثلاثة، لكن لم يتوصلوا إلى أي معلومات.

قال إمام: “لا نريد أي شيء – نريدهم فقط أن يعودوا. مرت خمس سنوات دون أي مكالمات أو أي شيء، وتعبنا من السؤال عنهم، وتعبنا من سرد القصة نفسها مرة بعد أخرى، وتعبنا من عدم الحصول على إجابات.

خمس سنوات، وقلوبنا تحترق، ولا أحد يستطيع أن يُخفّف من آلامنا”.

أيمن شعبان مصطفى، حسين علي مصطفى، أغسطس/آب 2014

أخذ مقاتلو داعش أيمن مصطفى (18 عاما حينها) وابن عمه حسين مصطفى (23 عاما حينها)، من منزلهما في ريف الرقة الشمالي في 2 أغسطس/آب 2014، بعد أن ساعدوا جنود الحكومة في الاختباء من داعش.

قبل ستة أيام من ذلك التاريخ، مع اقتراب داعش من مقر “الفرقة 17″، لجأ حوالي 400 جندي حكومي إلى حقول الذرة الخاصة بالعائلة.

بعد أن أخبر أيمن مصطفى والده شعبان مصطفى أنهم يختبئون هناك، نقل هو وحسين مصطفى الماء إلى الجنود. سمحت لهم الأسرة بالبقاء حتى حلول الليل.

في صباح 2 أغسطس/آب، كان ابنا العم يعملان في الحقول، عندما أخذهما داعش.

ذهب والدا أيمن مصطفى فورا إلى مقر داعش القريب في حزيمة وسألوا عنهما. أخبرهما عناصر داعش هناك أنهما نُقلا إلى مدينة الرقة، إلى مركز احتجاز يسمى “النقطة 11″، المعروف أيضا باسم “الاستاد الأسود”.

لم تحصل الأسرة على أي أخبار أخرى عنهما. فرّ شعبان مصطفى وعائلته من القصف أثناء الحملة لاستعادة المنطقة من داعش، وكانوا قد نزحوا من منازلهم لأكثر من عام عندما قابلتهم هيومن رايتس ووتش في 2018.

رغم تقديمهم استفسارات منتظمة إلى أجهزة المخابرات و”الأسايش”، لم تعلم الأسرة لم بأي شيء آخر عنهما.

 

اقرأ أيضا: العراق: تصاعد محاولات تأجيج الحرب الطائفية 

 

قد يعجبك ايضا