11 عاماً على مذبحة رابعة.. جراح مفتوحة وغياب للعدالة في مصر
تحل اليوم الذكرى الحادية عشرة لمذبحة رابعة العدوية والنهضة، التي شهدتها مصر في 14 أغسطس/آب 2013، حين أقدمت قوات الأمن على فضّ اعتصامين متزامنين في القاهرة والجيزة بالقوة المسلحة، ما أسفر عن مقتل مئات المحتجين وإصابة الآلاف في واحدة من أكثر الأحداث دموية في تاريخ البلاد الحديث.
جاء الاعتصامان احتجاجاً على الإطاحة بالرئيس المنتخب آنذاك، ورفعت خلالهما مطالب سياسية تتعلق باستعادة المسار الديمقراطي. لكن طريقة الفض، التي اتسمت باستخدام واسع النطاق للذخيرة الحية، حوّلت المشهد إلى ما يشبه ساحة قتال، وسط غياب ممرات آمنة لخروج المعتصمين، في انتهاك صارخ لمعايير حقوق الإنسان، وعلى رأسها الحق في الحياة وحرية التجمع السلمي.
انتهاكات جسيمة وملف حقوقي مفتوح
ترى منظمات حقوقية دولية أن ما جرى في رابعة والنهضة يرقى إلى مستوى الانتهاكات الجسيمة للحقوق الأساسية، وهو ما يتعارض مع التزامات مصر الأخلاقية والقانونية بموجب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
لكن المأساة لم تنته بانتهاء يوم الفض، إذ أعقبها موجات واسعة من الاعتقالات والمحاكمات التي طالت مئات من قادة المعارضة وآلاف المشاركين أو المتعاطفين مع الاعتصام. كثير من هؤلاء احتُجزوا لاحقاً في مجمع بدر شمال القاهرة، حيث يبرز سجن “بدر 3” كمثال على الانتهاكات المستمرة.
تشمل الانتهاكات الموثقة هناك الحبس الانفرادي المطوّل، ومنع الزيارات العائلية، وحرمان المعتقلين من الاتصال بالعالم الخارجي، إضافة إلى الإهمال الطبي المتعمد، في خرق واضح للمادة 10 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تنص على معاملة المحتجزين معاملة إنسانية تصون كرامتهم.
إضرابات واحتجاجات داخل السجون
خلال السنوات الماضية، لجأ عدد من المعتقلين البارزين إلى الإضراب المفتوح عن الطعام احتجاجاً على ظروف الاحتجاز، من بينهم شخصيات سياسية ودينية وأكاديميون. هذه الإضرابات تسلط الضوء على تدهور الأوضاع الإنسانية داخل السجون المصرية، وغياب أي آلية رقابية مستقلة لضمان احترام المعايير الدولية.
دعوات متجددة للمساءلة
في هذه الذكرى، تجدد المنظمات الحقوقية المحلية والدولية دعواتها إلى فتح تحقيق دولي مستقل وشفاف في أحداث الفض، ومحاسبة المسؤولين عن عمليات القتل الجماعي، ووقف الاعتقال التعسفي، وضمان وصول المنظمات الإنسانية إلى أماكن الاحتجاز.
كما تشدد هذه المنظمات على ضرورة التزام السلطات المصرية بـ القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء (قواعد نيلسون مانديلا)، والتي تضمن الحق في الرعاية الصحية والاتصال بالعالم الخارجي والحماية من المعاملة القاسية أو المهينة.
الإفلات من العقاب يعمّق الجراح
يبقى الصمت الرسمي وعدم اتخاذ خطوات جادة نحو المساءلة تجسيداً لحالة الإفلات من العقاب، ما يُبقي جراح رابعة مفتوحة، ليس فقط في ذاكرة الضحايا وذويهم، بل في سجل حقوق الإنسان في مصر.
وبينما يواصل أهالي الضحايا المطالبة بالعدالة، يظل الملف مفتوحاً أمام المجتمع الدولي كاختبار حقيقي لمدى احترام الدولة لالتزاماتها الحقوقية، ولقدرتها على طي صفحة من أكثر فصول تاريخها دموية عبر المحاسبة والإنصاف.