وتيرة هي الأعلى منذ ثلاثة عقود.. آلة الإعدام السعودية والقاصرون المهددون بالخطر
في تصاعد مقلق يستدعي الانتباه الدولي، تسارع المملكة العربية السعودية وتيرة تنفيذ عقوبة الإعدام بوتيرة هي الأعلى منذ ثلاثة عقود.
ففي عام 2024 وحده، نفذت السلطات السعودية 345 إعداماً، أي بمعدل إعدام واحد كل 25 ساعة، وفق بيانات رسمية ومنظمات حقوقية، وسط مؤشرات على استمرار هذا الزخم خلال عام 2025.
وذكرت منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين، أنه من بين هؤلاء الذين يواجهون خطر الإعدام الفوري، شابان كانا قاصرين وقت توجيه الاتهامات إليهما: عبد الله الدرازي وجلال اللباد. فقد كان الدرازي يبلغ من العمر 16 عاماً عند اعتقاله عام 2014، وتعرض للاختفاء القسري، التعذيب، والحرمان من التمثيل القانوني، فيما اعتُقل اللباد في 2017 وهو دون الثامنة عشرة، وتعرض بدوره لتعذيب وحكم عليه بالإعدام في قضية تعزيرية غامضة تستند إلى سلطة تقديرية مطلقة للقضاء السعودي، دون وجود نص قانوني ملزم.
وقد أثارت هذه القضايا غضباً دولياً واسعاً، حيث أدرج اسماهما في رسالة من مقرري الأمم المتحدة الخاصين في 2023 يعبرون فيها عن القلق العميق إزاء تنفيذ الإعدام بحق القاصرين.
غير أن السلطات السعودية رفضت هذه التحذيرات واعتبرتها “غير دقيقة”، بينما أكد خبراء الأمم المتحدة في أبريل 2025 أن هذه الإعدامات تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، لا سيما اتفاقية حقوق الطفل التي صادقت عليها السعودية.
في عام 2020، أعلنت الرياض إلغاء حكم الإعدام على القاصرين، لكن رصد منظمة ADHRB الحقوقية كشف أن هذا الإجراء تضمن استثناءات خطيرة للقضايا التي تقع تحت إطار القصاص والحدود والتعزير، حيث يحتفظ القضاة بصلاحيات واسعة تعني استمرار إصدار أحكام الإعدام بحق القاصرين من خلال إعادة تصنيف التهم.
نماذج مثل يوسف المناصف وعبد الله الحويطي تؤكد هذا الواقع المرير، فالمناصف اعتقل وهو في سن 14، ويواجه حكم إعدام مجدداً بعد إعادة تفعيل القضية عام 2024، بينما الحويطي أُدين في جريمة مزعومة ارتكبها وهو قاصر، وسط اتهامات باستخدام الاعترافات المنتزعة تحت التعذيب.
ولا يتوقف القمع عند حد السجن أو الإعدام، فالمفرج عنهم من المعتقلين السياسيين يُواجهون قيوداً تعسفية تشمل منع السفر، المراقبة المستمرة، وأوامر حظر النشر، مع تهديد مستمر بإعادة الاعتقال، كما هو الحال مع الناشطة لجين الهذلول التي ما زالت ممنوعة من السفر رغم انتهاء حكمها منذ سنوات.
وفي الوقت الذي تروج فيه السعودية لفعاليات دولية ضخمة مثل سباقات الفورمولا 1 في جدة، وترشيحها لاستضافة كأس العالم 2034، تغطي هذه الحملات الدعائية على انتهاكات صارخة تتواصل يومياً.
تجسد قضيتي عبد الله الدرازي وجلال اللباد نظاماً قضائياً قمعياً يُجرم المعارضة، ويقمع الأطفال والضعفاء، ويستخدم الإعدام وسيلة للترهيب والسيطرة، في حين يبقى المجتمع الدولي مدعوماً إلى التحرك الفوري لوضع حد لهذه الانتهاكات، من خلال وقف الإعدامات، إصلاح القوانين، وضمان حماية حقوق المعتقلين كافة، لتتحول الرياضة والسياسة إلى أدوات للعدالة لا للتغاضي عن القتل والتعذيب.