هيومن رايتس ووتش تطالب شركات التكنولوجيا إعطاء الأولوية للحقوق في أوكرانيا
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – طالبت “هيومن رايتس ووتش” شركات خدمات التواصل الاجتماعي بذل جهد أكبر للوفاء بمسؤولياتها الحقوقية في أوكرانيا وغيرها من الأزمات والنزاعات حول العالم.
منذ غزو روسيا لأوكرانيا في 24 فبراير/شباط 2022، أعلنت شركات مثل “ميتا” و”غوغل” و”تيك توك” و”تويتر” عن إجراءات عديدة، تهدف معظمها إلى مواجهة المعلومات المضللة المؤذية.
أضافت الشركات وسوم أو حظرت وسائل إعلام الدولة أو التابعة لها، وقدمت تدابير أمان إضافية. رغم أنه من السابق لأوانه إجراء تقييم كامل لمدى كفاية هذه الخطوات، تشير التقارير الأولية إلى أن تدابير مكافحة المعلومات المضللة والمعلومات الخاطئة الضارة غير كافية وتثير تساؤلات ومخاوف جدية حول ما إذا كانت هذه الشركات تفي بمسؤولياتها في مجال حقوق الإنسان.
قالت “ديبورا براون”، باحثة تكنولوجيا أولى في هيومن رايتس ووتش: “بينما سارعت معظم منصات التواصل الاجتماعي الكبيرة لإصدار البيانات وتطبيق إجراءات طارئة، كشفت الحرب في أوكرانيا عما وثقته هيومن رايتس ووتش وآخرون لسنوات”.
وأضافت “براون”: “تضاءل استثمار الشركات بشكل مزمن في معالجة قضايا حقوق الإنسان في العديد من البلدان حيث يعتمد الناس على منتجاتها وخدماتها، وأوكرانيا ليست استثناء”.
لشرح المسؤوليات الحقوقية لشركات التكنولوجيا في الأزمات، أصدرت هيومن رايتس ووتش وثيقة أسئلة وأجوبة تفصيلية، بعنوان “روسيا وأوكرانيا ووسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات المراسلة”.
توضح الوثيقة ما فعلته الشركات بشأن أوكرانيا قبل الأزمة وخلالها، ومدى وفائها بمسؤوليتها تجاه احترام حقوق الإنسان.
توفر أيضا معلومات أساسية عما فعلته هذه الشركات وما لم تفعله في النزاعات الأخرى، وتقدم توصيات حول كيف يمكنها الوفاء بمسؤولياتها الحقوقية في الحروب والأزمات.
تتمثل إحدى النتائج الواضحة في أن الشركات ينبغي أن تظهر مزيدا من الوضوح والاتساق والشفافية حتى يمكن تقييم أفعالها مقابل مسؤولياتها في مجال حقوق الإنسان، والتي تنطبق أينما تستخدم خدماتها.
قالت هيومن رايتس ووتش إن الغزو الروسي أظهر أن الشركات كانت تفتقر في السابق للاستثمار والشفافية في أوكرانيا.
في 2015، ورد أن الرئيس السابق للبلاد طلب من فيسبوك منع الكرملين من نشر معلومات خاطئة على الشبكة الاجتماعية، والتي قال إنها تحشد الدعم لاحتلال روسيا لأجزاء من أوكرانيا.
في سبتمبر/أيلول 2021، طلب وزير التحول الرقمي الأوكراني من مسؤولي غوغل في وادي السيليكون إجراء إشرافهم على المحتوى من أوكرانيا، بدلا من روسيا.
كتبت هيومن رايتس ووتش إلى غوغل في 9 مارس/آذار، تستفسر عما إذا كان المشرفون على المحتوى في أوكرانيا لا يزالون مقيمين في روسيا وما إذا كان لديهم مكتب في أوكرانيا، لم تردّ غوغل بعد.
في مشاركتها ضمن بتقرير المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحرية التعبير الصادر في أبريل/نيسان 2021، قالت أوكرانيا إن “الإجراءات التي اتخذتها شركات التواصل الاجتماعي، وممارسات حجب الحسابات الشخصية المزيفة وأنشطة مدققي الحقائق، لم تكن فعالة إلا بشكل جزئي”.
أشارت أوكرانيا إلى أن نجاح جهود الشركات في مكافحة المعلومات المضللة يتطلب أيضا “مستوى أعلى من الشفافية”.
بموجب “مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان”، تتحمل الشركات مسؤولية احترام حقوق الإنسان وتعويض الانتهاكات.
وهي مُطالَبة بتجنب الانتهاكات الحقوقية، واتخاذ خطوات لمعالجة الآثار السلبية على حقوق الإنسان المرتبطة مباشرة بممارساتها أو عملياتها.
ينبغي أن تفي الإجراءات التي تتخذها الشركات بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان، وأن تتم بطريقة شفافة وخاضعة للمساءلة، وأن تُنفّذ بطريقة متسقة وغير تعسفية.
قالت هيومن رايتس ووتش إنه لتقييم ما إذا كانت الشركات تحترم حقوق الإنسان بشكل كامل، هناك حاجة ملحة إلى إتاحة البيانات للباحثين المستقلين، بمن فيهم الذين يعملون في مجالات المعلومات المضللة عن حقوق الإنسان، وخطاب الكراهية، والتحريض على العنف، من بين أمور أخرى، مع حماية خصوصية المستخدمين.
العديد من الخطوات التي اتخذتها شركات وسائل التواصل الاجتماعي أثناء الحرب في أوكرانيا، مثل إزالة الحسابات والحظر الجغرافي للقنوات الإعلامية التابعة للدولة وإزالة المحتوى وتقليص انتشاره، لها تبعات على حرية التعبير.
على الشركات أن تكون قادرة على إثبات مدى امتثال هذه الإجراءات لمعايير حقوق الإنسان، بما فيه إذا كانت القيود المفروضة على التعبير ضرورية ومتناسبة مع هدف مشروع، وما إذا كانت عادلة من الناحية الإجرائية.
قالت هيومن رايتس ووتش إنه لتجنب القرارات التعسفية أو المتحيزة أو الانتقائية، على الشركات أن تتخذ فقط خطوات تستند إلى إجراءات واضحة وراسخة وشفافة.
يتعيّن أيضا على منصات وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات استضافة المحتوى الأخرى التي تزيل المحتوى، خاصة أثناء الأزمات، حفظ وأرشفة المواد التي قد يكون لها قيمة إثباتية لانتهاكات حقوق الإنسان، مع ضمان خصوصية وأمن الأشخاص المستضعفين.
قالت “براون”: “اضطرت شركات التكنولوجيا إلى التعامل مع النزاعات التي تدور على منصاتها وعبرها لسنوات في عديد من البلدان حول العالم، بما فيها أوكرانيا.
وأضافت “براون”: “يسلط النزاع في أوكرانيا الضوء على الأهمية المصيرية لأخذ مسؤولياتها على محمل الجد وتخصيص الموارد اللازمة لضمان أن منتجاتها لا تُسهل أو تُساهم في الإساءة والأذى، أينما يستخدمها الناس”.