هيومن رايتس ووتش تطالب بالإفراج الفوري عن هانيبال القذافي المحتجز تعسفياً في لبنان

طالبت منظمة هيومن رايتس ووتش السلطات اللبنانية بالإفراج الفوري عن هانيبال القذافي، نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، مؤكدة أنه محتجز بشكل غير قانوني منذ قرابة عشر سنوات من دون محاكمة، في انتهاك صارخ للقانونين اللبناني والدولي. ودعت المنظمة إلى تعويضه عن فترة اعتقاله التعسفي ومحاسبة المسؤولين عن احتجازه المطوّل.

وقد اعتُقل هانيبال القذافي في ديسمبر/كانون الأول 2015 على يد قوى الأمن الداخلي اللبنانية، بعد أن خُطف من سوريا ونُقل إلى لبنان. وبعد أيام، أصدر القاضي زاهر حمادة مذكرة توقيف بحقه بتهمة حجب معلومات حول اختفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه عام 1978 في ليبيا، حين كان هانيبال طفلاً في الثانية من عمره. ورغم مرور قرابة عقد، لم تُتخذ أي خطوات قضائية لمحاكمته أو لتبرير استمرار احتجازه.

وقال رمزي قيس، باحث لبنان في هيومن رايتس ووتش: “قضية القذافي تجسد نظاماً قضائياً متصدعاً يفتقر إلى الاستقلالية ويخضع للتدخل السياسي. لقد حان الوقت لإنهاء احتجازه التعسفي فوراً.”

ظروف احتجاز قاسية

زار باحث في المنظمة القذافي في 12 أغسطس/آب 2025 داخل مقر “فرع المعلومات” في بيروت. وأفاد القذافي بأنه محتجز في غرفة تحت الأرض بلا نوافذ، مع تهوية محدودة وحرمان من ضوء الشمس الطبيعي، ما سبب له ضعفاً جسدياً ونقصاً في الفيتامينات ومشكلات صحية نفسية بسبب العزلة الطويلة.

أوضح القذافي أنه يعاني من آلام ظهر وكسور سابقة في الجمجمة والأنف نتيجة تعرضه للتعذيب على يد خاطفيه قبل تسليمه للسلطات اللبنانية. ورغم تلقيه الحد الأدنى من الطعام والرعاية الطبية، أكد أن صحته تدهورت خلال السنوات الأخيرة.

كما أشار إلى القيود الصارمة على تواصله مع أسرته وفريقه القانوني. فقد مُنعت زوجته وأطفاله من دخول لبنان لسبع سنوات، ولم يُسمح لهم بالزيارة إلا منذ 2022، وبشكل محدود وغير منتظم.

أزمة السجون في لبنان

تأتي قضية القذافي في ظل أزمة أوسع يعانيها النظام العقابي اللبناني. إذ تشير تقارير نقابة المحامين في بيروت (2024) إلى أن نسبة الإشغال في السجون تتجاوز 300%، وأن أكثر من 80% من السجناء موقوفون بلا أحكام قضائية. وتصف هيومن رايتس ووتش هذه الأوضاع بأنها إفلاس للعدالة، تجعل من الاعتقال التعسفي قاعدة لا استثناء.

صمت رسمي وتجاهل دولي

رغم مخاطبات رسمية متكررة، لم تتلق المنظمة أي رد من الحكومة اللبنانية أو من القاضي زاهر حمادة المسؤول عن القضية. ففي أبريل/نيسان 2025 كتبت المنظمة لوزيري الداخلية والعدل ورئيس الوزراء نواف سلام مطالبة بتوضيحات، لكن الرسالة أُهملت. كما تجاهلت السلطات رسالة سابقة في يوليو/تموز 2023 بشأن الوضع الصحي والقانوني للقذافي.

في المقابل، تحدثت تقارير إعلامية عن أن القاضي حمادة ربط أي إفراج محتمل عن القذافي بالحصول على نتائج تحقيقات من ليبيا حول قضية الصدر، في موقف وصفه مراقبون بأنه تسييس للعدالة على حساب حقوق الفرد.

ويؤكد خبراء المنظمة أن استمرار اعتقال القذافي يخالف:

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (المادة 9)، الذي يحظر الحرمان من الحرية خارج إطار القانون.

الدستور اللبناني (المادة 8)، الذي يجرّم الاحتجاز التعسفي.

قانون العقوبات اللبناني، الذي ينص على معاقبة أي مسؤول يخرق شروط الاحتجاز القانوني.

وشددت المنظمة على أن الاحتجاز السابق للمحاكمة يجب أن يكون استثناء لا قاعدة، وأن غياب محاكمة عادلة طيلة هذه المدة يجعل احتجازه غير قانوني.

وطالبت هيومن رايتس ووتش الحكومة اللبنانية بالإفراج الفوري عن هانيبال القذافي، وتعويضه عن سنوات الاعتقال، وفتح تحقيق مستقل بمسؤولي الأجهزة الأمنية والقضائية المتورطين في احتجازه.

وقالت المنظمة: “إن احتجاز القذافي التعسفي يعكس أزمة عميقة في النظام القضائي اللبناني، ويجب أن يُنظر إليه كجريمة بحد ذاتها. الإفراج عنه ليس فقط إنصافاً فردياً، بل اختبار لالتزام لبنان بسيادة القانون.”

قد يعجبك ايضا