هيومن رايتس ووتش تطالب بإحالة البشير وآخرين إلى المحكمة الجنائية الدولية
قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إن بدء جلسات الاستماع الرئيسية لـ “المحكمة الجنائية الدولية” في قضية “علي كوشيب” في 24 مايو/أيار 2021 هو خطوة مهمة نحو العدالة في الجرائم الجسيمة المرتكبة في دارفور بالسودان.
لكن غياب أربعة مشتبه بهم كبار آخرين، بمن فيهم الرئيس السوداني السابق “عمر البشير”، يُبرز ضرورة أن تحيلهم السلطات السودانية إلى المحكمة دون تأخير إضافي.
كان “علي كوشيب”، الاسم الحركي لـ”علي محمد علي”، قائدا لميليشيا “الجنجويد”، وشغل أيضا مناصب قيادية في “قوات الدفاع الشعبي” الرديفة و”قوات الاحتياطي المركزي” التابعة للشرطة في السودان.
في 27 أبريل/نيسان 2007، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أول مذكرة توقيف بحق “كوشيب”، شملت 50 تهمة ضده بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب.
وصدرت المذكرة لمسؤوليته عن عمليات اغتصاب، وتدمير ممتلكات، وأفعال لاإنسانية، وهجمات على المدنيين وقتلهم في أربع قرى في غرب دارفور في 2003 و2004.
قالت “إليز كيبلر”، المديرة المساعدة للعدالة الدولية في هيومن رايتس ووتش: “التقدم في قضية كوشيب مهم لتحقيق العدالة لضحايا الفظائع المرتكبة في جميع أنحاء دارفور وعائلاتهم الذين أرهبتهم ميليشيا الجنجويد”.
وأضافت “كيبلر”: “لكن غياب “البشير” ومتهمي دارفور الثلاثة الآخرين عن المحكمة الجنائية الدولية يمثل أحد أوجه القصور الرئيسية الواجب على السلطات السودانية معالجتها دون إبطاء”.
استسلم كوشيب طواعية في جمهورية أفريقيا الوسطى. في 9 يونيو/حزيران 2020، أعلنت المحكمة الجنائية الدولية أنه محتجز لديها، ثم أعلنت لاحقا عن مذكرة توقيف ثانية صدرت في 2018 أضافت ثلاث تهم متصلة بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية تتعلق بالقتل والأفعال اللاإنسانية المرتكبة في قرية دليج ومحيطها بدارفور في مارس/آذار 2004.
في الجلسات التي تبدأ في 24 مايو/أيار، سيقيّم قضاة المحكمة الجنائية الدولية ما إذا كانت هناك أدلة كافية لإحالة القضية إلى المحاكمة في عملية تُعرف بإجراءات “إقرار التهم”.
يواجه باقي المشتبه بهم في المحكمة تهما بارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، والإبادة الجماعية في دارفور، وهم، بالإضافة إلى البشير، وزير الدولة السابق للشؤون الإنسانية والوالي السابق لجنوب كردفان أحمد هارون؛ ووزير الدفاع السابق عبد الرحيم محمد حسين؛ وزعيم “حركة العدل والمساواة” المتمردة في دارفور عبد الله باندا أبكر. الجميع محتجزون في السودان ما عدا باندا.
الحكومة الانتقالية في السودان، التي تولت السلطة في 2019، وعدت بالتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، في تناقض ملحوظ مع عرقلة الحكومة السابقة لجهود المحكمة.
رحبت الحكومة الانتقالية بمدعية المحكمة في السودان لأول مرة في أكتوبر/تشرين الأول ووقعت اتفاقية تعاون معها بشأن قضية كوشيب. قالت هيومن رايتس ووتش إن على الحكومة الانتقالية زيادة تعاونها بما يتفق مع القانون الدولي.
يقع على السودان التزام قانوني صريح بنقل المشتبه بهم الأربعة إلى المحكمة الجنائية الدولية. فقرار مجلس الأمن تحت الفصل السابع الذي أحال الوضع في دارفور إلى المحكمة في 2005 يطالب السودان تحديدا بالتعاون مع المحكمة في اعتقال المشتبه بهم وتسليمهم.
تتحمل المحاكم الوطنية المسؤولية الأساسية عن التحقيق في الجرائم ومقاضاة مرتكبيها بما يتماشى مع ما يُعرف بمبدأ التكامل المتعلق بالمحكمة الجنائية الدولية.
لكن حيث تؤدي تحقيقات المحكمة بالفعل إلى أوامر توقيف، ينبغي للسلطات المحلية أن تثبت للمحكمة أنها تحاكم المشتبه بهم عن نفس الجرائم التي تحاكمها المحكمة الجنائية الدولية فيما يعرف باسم الطعن في مقبولية الدعوى (أو الطعن في اختصاص المحكمة).
وفقا للمعلومات المتاحة، لم يجرِ السودان أي إجراءات محلية من هذا القبيل للمشتبه فيهم المطلوبين من قبل المحكمة الجنائية الدولية.
في نهاية 2019، بدأ النائب العام السوداني آنذاك تحقيقا في جرائم دارفور، لكن لم يحدث أي تقدم ملحوظ.
قالت هيومن رايتس ووتش إن محاولة التقاضي في قضايا المحكمة الجنائية الدولية أمام محكمة سودانية سيواجه عقبات كبيرة.
جرائم الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب لم تكن تشكل جرائم في القانون السوداني إلا بعد أكثر من خمس سنوات منذ بدء القوات الحكومية ارتكاب فظائع واسعة النطاق في دارفور.
كما لم يُدرج القانون السوداني بعد عقيدة مسؤولية القيادة، التي تتوقف عليها إدانة القادة في كثير من الأحيان. حصانة المسؤولين، وقوانين التقادم، وانعدام ضمانات المحاكمة العادلة تشكل تحديات إضافية.
قالت هيومن رايتس ووتش إن إنشاء محكمة خاصة بجرائم دارفور، على النحو المنصوص عليه في اتفاقية جوبا للسلام، مبادرة مهمة، لكن سيستغرق الأمر وقتا وموارد لإطلاقها عمليا.
أفادت وسائل إعلام أن أحمد هارون، أحد المشتبه بهم المتبقين، أعلن في أوائل مايو/أيار أنه يفضل محاكمته في المحكمة الجنائية الدولية.
ضُمّت قضيته إلى قضية كوشيب، لكن فصلت المحكمة القضيتين لاحقا عندما احتُجز كوشيب وظل هارون هاربا.
كان مكتب الادعاء في المحكمة قد وصف هارون وكوشيب بأنهما “عملا معا ومع آخرين بهدف مشترك هو مهاجمة السكان المدنيين في هذه القرى والبلدات الأربع”.
قالت “كيبلر”: “يجب ألا يحتفظ السودان بالهاربين من المحكمة الجنائية الدولية، وهو تحدٍ لالتزاماته الدولية، بسبب تطلع الحكومة الانتقالية إلى محاكمتهم بهم يوما ما على الجرائم التي نصت عليها هذه المحكمة. لا يخدم هذا النهج الضحايا أو الحكومة”.
اقرأ أيضاً: خطوة السودان مهمة لكن عليه إرسال مطلوبي «الجنائية الدولية» إلى لاهاي