هيومن رايتس ووتش تطالب البحرين بالاعتراف بإساءة معاملة أطفال محتجزين
قالت “هيومن رايتس ووتش” و”معهد البحرين للحقوق والديمقراطية” اليوم إن تقريرا حكوميا بحرينيا ينفي قيام قوات من الشرطة وفي مراكز الاحتجاز بضرب أربعة صِبية أعمارهم بين 15 و17 عاما.
ونفى التقرير أيضاً حسب ما قالته هيومن رايتس ووتش إهانة الأطفال وتهديدهم بالاغتصاب أثناء احتجازهم أواخر 2020 وفي 2021.
أكدت المنظمة افتقار التقرير للمصداقية مقابل الأدلة الدامغة، ويمثّل التقرير محاولة سافرة للتغطية على انتهاكات الحقوقية الجسيمة.
قالت المنظمتان إن أقوال الصبية والمعلومات التي تؤيدها تتعارض مع تقرير 14 مارس/آذار الصادر عن الأمانة العامة للتظلمات بوزارة الداخلية البحرينية، والذي قال إن أيا من الصبية لم يتعرض لسوء المعاملة أثناء الاحتجاز. الحكومة البريطانية، حليفة البحرين، استشهدت بتقرير الأمانة العامة للتظلمات المضلل وأيدته.
قال “سيد أحمد الوداعي”، مدير المناصرة في معهد البحرين للحقوق والديمقراطية: “إذا أُعطِيت السلطات البحرينية الضوء الأخضر لتبرئة نفسها من إساءة المعاملة الرهيبة بحق الأطفال من خلال تحقيق زائف، فلن يمنعها مانع من إعادة الكرّة غدا.
الحكومات الأجنبية التي تدعم قوات الأمن والشرطة في البحرين، كالمملكة المتحدة، يجب أن تضغط لتحقيق المساءلة، وليس إبقاء الأمور على حالها مع المسؤولين الذين يعذبون الأطفال”.
في 7 يونيو/حزيران، كتبت هيومن رايتس ووتش ومعهد البحرين للحقوق والديمقراطية إلى الحكومة البريطانية بشأن إساءة معاملة الأطفال، وحثّاها على الضغط على البحرين لتحقيق المساءلة، وفقا للمنظمتين.
دعمت المملكة المتحدة وزارة الداخلية البحرينية بمبلغ 6.5 مليون جنيه إسترليني منذ 2012. الولايات المتحدة هي المورّد الرئيس للأسلحة التي تستخدمها قوات وزارة الداخلية.
تحدثت هيومن رايتس ووتش ومعهد البحرين للحقوق والديمقراطية إلى الصبية الأربعة وراجَعا الحكم في قضيتهم، وملف النيابة، وتقرير الأمانة العامة للتظلمات، ومواد أخرى.
سابقا، وثقت المنظمتان انتهاكات ضد عشرة أطفال آخرين في نفس القضية، حيث هُددوا بالاغتصاب والصعق بالصدمات الكهربائية بأسلاك متصلة ببطارية سيارة في مبنى خارجي في مركز للشرطة. أفادت “منظمة العفو الدولية” أن الأطفال الأربعة يحاكَمون كبالغين.
استدعت الشرطة في مدينة حمد جميل ج. (14 عاما)، الذي حُجب اسمه مثل الآخرين لأنهم أطفال، في أبريل/نيسان 2020 لاستجوابه حول أفعاله في 14 فبراير/شباط، ذكرى انتفاضة الربيع العربي في البحرين.
هدده أحد العناصر بضربه، بينما هدده آخر، قائلا: “سأضعك في زنزانة وأدع جميع العناصر يغتصبونك”، على حد قول جميل ج.. أُطلق سراحه وأُعيد استجوابه في 30 نوفمبر/تشرين الثاني، وكان عمره حينها 15 عاما، من قبل عنصرَيْ شرطة في “الإدارة العامة للمباحث” في المنامة.
قال إنهم صفعوه مرارا وهددوه بالضرب المبرح واعتقال والده. قال أحد العناصر: “هل ستعترف أم تود أن أعاملك كرجل؟” اعترف بإلقاء زجاجة حارقة وإحراق إطارات وأعطى أسماء صبية آخرين.
قال جميل ج. إن الشرطة وضعته في زنزانة مع البالغين، ثم سمحت له بالاتصال بوالديه لفترة وجيزة ونقلته إلى زنزانة انفرادية صغيرة بلا نوافذ ليومين.
في 2 ديسمبر/كانون الأول، عرضت الشرطة جميل ج. على النيابة العامة دون محام. قال: “كل ما قاله لي [وكيل النيابة]، أجبت عليه بنعم، نعم. كنت سأفعل أي شيء حتى لا أعود إلى المباحث لأنني كنت أخشى أن يضربوني مجددا”. نُقل بعد اعترافه إلى مركز احتجاز الحوض الجاف.
الصِبية الثلاثة الآخرون في القضية، أحمد أ.، وحسن هـ.، وسيد حسن أمين، استُدعوا إلى محكمة الجنايات الرابعة في المنامة في 11 فبراير/شباط 2021، حيث أمر قاض باعتقالهم.
من المحكمة، أُخذ الأطفال لإجراء فحوصات فيروس “كورونا” في منشأة تابعة لوزارة الداخلية في حي القلعة في المنامة، ثم إلى الإدارة العامة للمباحث.
أخذت الشرطة بصمات أصابع الصبية وصوّرتهم، وأخذت عينات من حمضهم النووي، وقيّدت أيديهم وعصبت أعينهم، وأبقتهم منتظرين في الممر منذ الساعة 1:30 بعد الظهر تقريبا، حتى 1:30 صباحا.
قال الصبية إن الشرطة أهانتهم، وصفعتهم، وهددتهم. قال أحمد أ. (17 عاما): “أخجل أن أخبركم بالإهانات التي قالوها لي”. وقال حسن هـ. (16 عاما): “بداية صفعوني وعصبوا عينيّ وقيدوا يديّ”.
ظل مقيد اليدين عندما “أحضروا لنا الغذاء، وحتى عندما ذهبت إلى الحمام”. لم تستجوبهم الشرطة، بل أمرتهم بالتوقيع على وثائق لم يقرؤوها. قال حسن هـ.: “لم أكن أكيدا ماذا كان في الأوراق”.
قالوا إنهم نُقلوا في الساعة 1:30 صباحا إلى زنازين عزل صغيرة في الإدارة العامة للمباحث. في الساعة 4:30 صباحا، قيّدت الشرطة أيدي الصبية ونقلتهم بالحافلة إلى مركز احتجاز الحوض الجاف، وصفعتهم وسبّتهم. في السجن، بحسب ما قال أحمد أ.: “أُجبرنا على الوقوف بمواجهة الحائط، وبعد حوالي 15 دقيقة طلبت الجلوس.
قال أحد العناصر: ́هل تعتقد أن السجن مكان للعب؟̀ وصفع رأسي. قصوا شعري. كنت خائفا. هدد باغتصاب والدي”. قال حسن هـ. إن عنصرا “قال إنهم سيغتصبون أمي وأبي”.
أمر المسؤولون الصبية بخلع ملابسهم وأن يرتدي اثنان منهم وزار (قطعة قماش تغطي أسفل الجسم). قال لنا أحد الصبية إن الضباط قالوا له أن يتجرد من ملابسه بالكامل دون إعطائه وزار، لإذلاله. فتشتهم الشرطة وأمرتهم بحمل فُرُش قالوا إنها كانت رطبة وقذرة، إلى نفس الزنزانة التي كان يحتُجز فيها جميل ج.
احتُجز الصبية الأربعة حتى 11 مارس/آذار. كان في الزنزانة قرابة تسعة أطفال آخرين، أعمارهم بين 15 و17 عاما. قال الصبية إنهم كانوا يخرجون إلى ساحة السجن ساعة يوميا، حيث اختلطوا بمحتجزين بالغين.
كان المسؤولون يراقبون الزنزانة بكاميرا مراقبة، وفي بعض الأحيان يستدعي مسؤول الصبية ويضربهم بسبب مخالفات مثل الكتابة على جدار الزنزانة. قالوا إن أحد الحراس كان يدخل الزنزانة بانتظام ويركل الصبية أو يدوسهم.
في إحدى الحوادث، دخل حارس الزنزانة وطالب صبيَّين بالوقوف. عندما “ابتسم له” أحدهما، فسّرها الحارس بأنها وقاحة على ما يبدو، فرشّهم بالفلفل، على حد قول الصبية. قال حسن هـ.: “قال، ́سأصلبك̀، ثم رش رذاذ الفلفل في الزنزانة على اثنين، فاختنق الجميع” في الزنزانة.
قالوا إنه بعد ستة أيام، مرض كل من كان في زنزانتهم، لكن الحراس رفضوا تقديم الرعاية الطبية. قال أحمد أ. : “مرضتُ لثلاثة أو أربعة أيام، احتجتُ للذهاب إلى العيادة، كان لدي حمى وصداع وإسهال وألم في جسمي، لكنهم لم ينقلوني.
لم يعطوني مسكّنات أو يجروا لي فحص كورونا”. قال سيد حسن أمين إن صبيا مصريا في الزنزانة كان “مريضا جدا، ومصابا بالصداع والحمى وآلام في المعدة، وظللنا نطرق الباب” طلبا للمساعدة، لكن الحارس أمرهم بالتوقف.
أمين (16 عاما) لديه مضاعفات صحية بسبب فقر الدم المنجلي، لكن المسؤولين رفضوا السماح له بتناول الأدوية الموصوفة له لمدة ثمانية أيام.
ثم “أمرني أحد العناصر بتناول أدويتي أمامه”، لكنها كان يجب أن تؤخذ في أوقات محددة، فرفض. “ثار غضبه، فقيدني بشدة لمدة ساعتين”، مما تسبب لي بألم دائم.
قال أمين إن السجناء البالغين علموا أن لديه أدوية و”جاؤوا إلى الزنزانة لطلبها، وعرضوا عليّ نقودا، لكنني رفضت”. استطاع أن يحتفظ بأدويته.
في 11 مارس/آذار، أدانت المحكمة في المنامة جميل ج. بناء على اعتراف انتزع منه بالإكراه ووجود بصمات أصابعه على زجاجة حارقة، وأدانت الصبية الثلاثة الآخرين فقط على أساس اعتراف جميل ج. تُعامل القوانين الجنائية البحرينية الأطفال الذين تبلغ أعمارهم 16 عاما وما فوق كبالغين.
لكن المحكمة أفرجت عن الصبية بالحكم عليهم بالسجن ستة أشهر مع وقف التنفيذ، مع تطبيق قانون جديد لم يدخل حيز التنفيذ بعد يُعرّف الطفل بأنه أي شخص دون سن 18 عاما. وجاء الإفراج بعد تغطية إخبارية دولية لانتهاكات ضد أطفال آخرين اعتقلوا في نفس القضية.
في 12 مارس/آذار، استدعت الأمانة العامة للتظلمات بوزارة الداخلية اثنين من الصبية الأربعة اللذين قالا إنهما شعرا بالإرغام على الحضور.
قال الصبيان إن المسؤولين سألوهما عن استجوابهما من قبل الشرطة في الإدارة العامة للمباحث، وليس عن الانتهاكات في السجن. قالا إن المسؤولين رفضوا طلبات الصبية المتكررة بحضور محامين وتزويدهما بنسخ من أقوالهما.
في 14 مارس/آذار، أفادت الأمانة العامة للتظلمات أن الصبية لم يتعرضوا لانتهاكات أثناء الاستجواب، وادعت أن سيد حسن أمين تلقى أدويته أثناء الاحتجاز.
كما استدعت “وحدة التحقيق الخاصة” البحرينية الصبية، لكنهم رفضوا الحضور بسبب “تجربتهم السيئة جدا مع الأمانة العامة للتظلمات”، على حد قول أحمد أ.
طلبت الأمانة العامة للتظلمات من هيومن رايتس ووتش في 10 مارس/آذار مشاركة أسماء الصبية الآخرين الذين قابَلَتهم وقالوا إنهم تعرضوا لسوء معاملة خلال احتجازهم.
رفضت هيومن رايتس ووتش الطلب من الأطفال مشاركة معلوماتهم مع جهة وجدوا أن ممارساتها مؤلمة وتفتقر إلى الإنصاف، واستنتاجاتها لا تبدو ذات مصداقية.
أثارت “لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب” مخاوف من أن الأمانة العامة للتظلمات ووحدة التحقيق الخاصة البحرينييّن ليستا مستقلتين أو فاعلتين. لم تحققا في مزاعم التعذيب ذات المصداقية أو تحاسب المسؤولين.
قال بيل فان إسفلد، المدير المشارك لحقوق الطفل في هيومن رايتس ووتش: “عندما أفرجت السلطات البحرينية أخيرا عن هؤلاء الصبية، استدعتهم لمزيد من الاستجواب للتغطية على الانتهاكات التي تعرضوا لها.
على المسؤولين الأجانب التوقف عن ترديد أقوال البحرين غير المعقولة لتبرئة نفسها. عليهم الضغط لتحقيق المساءلة، وإلا فقد يتعرض المزيد من الأطفال للخطر”.
اقرأ أيضاً: إطلاق مؤشرا يصنف دول المنطقة بناء على قوانين العنف ضد الأطفال