هيومن رايتس ووتش تطالب الاتحاد الأوروبي بالتركيز على حماية حقوق الفلسطينيين 

قالت “هيومن رايتس ووتش” إن على الممثلة السامية لـ “الاتحاد الأوروبي” كايا كالاس ووزراء خارجية الاتحاد التركيز على حماية حقوق الفلسطينيين خلال الحوار رفيع المستوى مع “السلطة الفلسطينية” في 14 أبريل/نيسان 2025.

صعّدت السلطة الفلسطينية في الأشهر الأخيرة قمعها المعارضة، واعتقلت تعسفا المنتقدين والمعارضين وعذبتهم دون أن يواجه المنتهِكون أي عقاب. كما صعّدت السلطات الإسرائيلية بدورها القمع ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، عقب اجتماع “مجلس الشراكة” بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل في 24 فبراير/شباط، ضمن جريمتَيْها ضد الإنسانية المتمثلتين في الفصل العنصري والاضطهاد، وتواصل كذلك ارتكاب أفعال الإبادة الجماعية في غزة.

 

قال كلاوديو فرانكافيلا، المدير المشارك لشؤون الاتحاد الأوروبي في هيومن رايتس ووتش: “الفظائع الإسرائيلية لا تمنح السلطة الفلسطينية تصريحا مفتوحا لاعتقال المنتقدين والمعارضين وتعذيبهم. على الاتحاد الأوروبي إدانة انتهاكات السلطة الفلسطينية، لكنه لن يؤخذ على محمل الجد ما لم ينهِ معاييره المزدوجة ويتخذ إجراءات للتصدي للفصل العنصري وأفعال الإبادة الجماعية على يد إسرائيل ضد الفلسطينيين”.

 

بصفته المانح الرئيسي للسلطة الفلسطينية، على الاتحاد الأوروبي الضغط لإنهاء الاعتقالات التعسفية وسوء المعاملة والتعذيب. وثّقت هيومن رايتس ووتش على نطاق واسع كيف تعتقل قوات الأمن الفلسطينية المنتقدين والمعارضين تعسفا، وتهين المعتقلين، وتسيء معاملتهم، وتضربهم، وتعذبهم بدون عقاب.

 

قال حمزة زبيدات (40 عاما) لـ هيومن رايتس ووتش إن قوات الشرطة التابعة للسلطة الفلسطينية اعتقلته من منزله في مخيم الدهيشة للاجئين قرب بيت لحم في 20 فبراير/شباط، بعد ساعات من دعوته الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى التنحي في منشور على “فيسبوك”. قال إن قوات السلطة الفلسطينية “ضربتني بلا توقف على جسدي، وشتمتني وصرخت: يا كلب، يا حيوان، سنربيك”. أشار إلى أنهم وضعوه في زنزانة مكتظة وسكبوا عليه ماء باردا في يوم قارس البرودة. استجوبه المحققون بشأن المنشور، واتهمه الادعاء بإهانة “السلطات العليا” بموجب قانون الجرائم الإلكترونية المتشدد، بالإضافة إلى الاعتداء على عنصر أمن أثناء اعتقاله، وفقا لوثائق المحكمة. تستخدم السلطة الفلسطينية تهمة إهانة “السلطات العليا” بشكل روتيني، كما فعلت أيضا في أعقاب اعتقال زبيدات عام 2021 لمشاركته في احتجاج على مقتل ناشط بارز على يد قوات السلطة الفلسطينية، كما تستخدم تهما مماثلة لتجريم المعارضة السلمية. أُفرج عنه في 28 فبراير/شباط، لكن التهمة ما تزال قائمة.

 

في 2024، تلقت “الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان”، وهي مؤسسة رقابية قانونية فلسطينية، 231 شكوى تتعلق باعتقالات تعسفية، شملت الاحتجاز دون محاكمة أو تهمة، و124 شكوى تتعلق بالتعذيب وسوء المعاملة أثناء الاحتجاز من قبل السلطة الفلسطينية. في تقرير صدر في أبريل/نيسان 2024، أفادت الهيئة عن تلقيها 1,148 شكوى تتعلق بالتعذيب وسوء المعاملة ضد السلطة الفلسطينية، و766 شكوى ضد الشرطة، بين عامي 2018 و2022، وسلطت الضوء على انتشار الإفلات من العقاب على هذه الانتهاكات.

 

وجهت هيومن رايتس ووتش في 27 فبراير/شباط رسالة إلى رئيس وزراء السلطة الفلسطينية محمد مصطفى لطلب معلومات محدثة حول الاعتقالات ومعاملة المعتقلين، لكنها لم تتلقَّ ردا وافيا.

 

بين 5 ديسمبر/كانون الأول و21 يناير/كانون الثاني، نفذت السلطة الفلسطينية عمليات أمنية في مخيم جنين للاجئين قُتل فيها 11 شخصا على الأقل في شهر ديسمبر/كانون الأول وحده. من بين القتلى عنصر أمن، ولكن أيضا طفلان على الأقل، وطالب صحافة، ومقيم أعزل كان يركب دراجة نارية، بحسب الهيئة. قال سبعة من سكان المخيم لـ هيومن رايتس ووتش إنه في خضم تلك العمليات، كانوا غير قادرين في كثير من الأحيان على دخول المخيم أو مغادرته بأمان، وتعذّر الحصول على الطعام والكهرباء والماء، وتضررت منازل عديدة. وثّقت المنظمة القانونية الفلسطينية “محامون من أجل العدالة” أكثر من 200 حالة اعتقال وانتهاك شملت الاحتجاز التعسفي، والقيود على الحصول على محامٍ والتواصل مع العائلة، والتعذيب.

 

في 21 يناير/كانون الثاني، داهم الجيش الإسرائيلي مخيم جنين للاجئين، وهو يسيطر عليه منذ ذلك الحين، فهجّر أكثر من 16 ألفا من السكان، ودمر البنية التحتية الحيوية، وتسبب بمقتل 25 فلسطينيا.

 

وسط تقارير “قناة الجزيرة” عن عمليات السلطة الفلسطينية في جنين، أوقف النائب العام الفلسطيني في 1 يناير/كانون الثاني بثّ القناة من الأراضي المحتلة، بعد تقييم لجنة وزارية بأنها مارست “التحريض على الفتنة” و”التدخّل في الشأن الفلسطيني الداخلي” وبثّت معلومات مضللة.

 

في 5 يناير/كانون الثاني، قيّدت محكمة فلسطينية الدخول إلى العديد من مواقع الجزيرة الإلكترونية بزعم أن تقاريرها تهدد الأمن القومي وتحرض على ارتكاب جرائم. كما حظرت الحكومة الإسرائيلية قناة الجزيرة وأغلقت مكتبها في رام الله. قالت هيومن رايتس ووتش إن إقدام السلطات الإسرائيلية والفلسطينية على إغلاق الجزيرة يُمثّل تصعيدا مُقلقا لتقييد حرية الإعلام وزيادة شح المعلومات حول الانتهاكات الجسيمة في إسرائيل وفلسطين.

 

في يناير/كانون الثاني، وجّه “مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية” رسالة إلى الرئيس عباس بشأن “الانتهاكات العديدة” التي وثّق أن قوات الأمن الفلسطينية ارتكبتها، بما في ذلك “التعذيب وسوء المعاملة، وانتهاكات لحرية الرأي والتعبير، وإجراء القبض والتوقيف كسياسة عقابية، وفرض عقوبات جماعية بما فيها حجز حرية المواطنين كرهينة؛ وإغلاق الصحف والمحطات والمواقع الالكترونية… وإصدار القرارات الإدارية بترهيب المواطنين؛ وعدم احترام قرارات وأحكام القضاء وتنفيذها”.

 

في مارس/آذار، وثّق مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة “نمطًا من الاعتقال التعسفي والتعذيب وسوء معاملة المعتقلين، بمن فيهم من يُنظر إليهم على أنهم معارضون في الضفة الغربية… والصحفيون والمدافعون عن حقوق الإنسان وغيرهم من الأفراد الذين تعتبرهم السلطة الفلسطينية منتقدين”. وسلط الضوء على روايات رجال وفتيان عن “الضرب المبرح” و”الوضع لفترات طويلة في أوضاع مجهدة، والتهديدات، والحبس الانفرادي”.

 

خلال اجتماع مجلس الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل مع وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر في 24 فبراير/شباط، أعرب وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي عن مخاوفهم بشأن الانتهاكات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، إلا أن دعواتهم لم تلقَ آذانا صاغية. منعت السلطات الإسرائيلية مجددا جميع المساعدات من دخول غزة، في انتهاك صارخ للقانون الدولي يشكل أحد أفعال الإبادة جماعية، وشنت غارات جوية متجددة أسفرت عن مقتل مئات المدنيين، بمن فيهم نساء وأطفال وصحفيون ومسعفون. وفي حملة متصاعدة، تلجأ إسرائيل بشكل متزايد في شمال الضفة الغربية إلى أساليب منتهِكة سبق أن طُبقت في غزة.

 

في يوليو/تموز 2024، أصدرت “محكمة العدل الدولية” حكما تاريخيا قضى بأن احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية المحتلة غير قانوني، وأن إسرائيل مسؤولة عن الفصل العنصري، ما يعزّز الإجماع داخل حركة حقوق الإنسان. وأكدت المحكمة على ضرورة تفكيك المستوطنات الإسرائيلية، ووجوب ألا تقوم أي دولة أخرى – ما في ذلك الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء – بالاعتراف بالاحتلال الإسرائيلي أو دعمه، ويشكل ذلك التجارة مع المستوطنات أو الاستثمار فيها.

 

في فبراير/شباط، حثّت 163 منظمة ونقابة عمالية، منها هيومن رايتس ووتش، الاتحاد الأوروبي على حظر التجارة والأعمال مع المستوطنات. لم تتلقَّ هذه المنظمات ردا بعد، ورُفضت طلبات عقد اجتماعات مع قادة الاتحاد الأوروبي لمناقشة هذه المسألة.

 

بالنظر إلى الفظائع التي ارتكبتها إسرائيل في غزة، حثّت حكومتا إسبانيا وأيرلندا، ومنظمات عديدة، منها هيومن رايتس ووتش، وأعضاء في “البرلمان الأوروبي”، الاتحاد الأوروبي على مراجعة اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، بهدف تعليقها. وتشمل الدعوات الأخرى التي أيدتها هيومن رايتس ووتش ومنظمات أخرى تعليق عمليات نقل الأسلحة إلى إسرائيل، نظرا إلى ارتفاع خطر التواطؤ في جرائم خطيرة. كما دعت إلى دعم “المحكمة الجنائية الدولية” وتنفيذ جميع أوامر الاعتقال الصادرة عنها. إلا أن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي منقسمة بشدة، وتتردد مفوضية الاتحاد في محاسبة السلطات الإسرائيلية.

 

قال فرانكافيلا: “يجد الفلسطينيون أنفسهم بين المطرقة والسندان، والاتحاد الأوروبي يدعم كلتا السلطتين القمعيتين. إذا كان الاتحاد الأوروبي يهتم حقا بالحقوق الإنسانية للفلسطينيين، فعليه اتخاذ إجراءات طال انتظارها لمحاسبة السلطات الإسرائيلية ووقف تمويل آلية القمع التي تستخدمها السلطة الفلسطينية”.

قد يعجبك ايضا