هيومن رايتس ووتش تدين جرائم الاغتصاب على ايدي “قوات الدعم السريع” باليمن
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إن “قوات الدعم السريع”، وهي قوة عسكرية مستقلة، وميليشيات متحالفة معها في السودان اغتصبت عشرات النساء والفتيات في الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور، وهاربات إلى تشاد بين أواخر أبريل/نيسان وأواخر يونيو/حزيران 2023. يبدو أن المهاجمين استهدفوهن بسبب انتمائهن إلى إثنية المساليت، وفي بعض الحالات، لأنهن كن ناشطات معروفات.
منذ بدء النزاع المسلح في السودان بين “القوات المسلحة السودانية” وقوات الدعم السريع في 15 أبريل/نيسان، شنت قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة ذات الأغلبية العربية هجمات متكررة على البلدات والقرى في ولاية غرب دارفور. استهدفت هذه الهجمات بشكل أساسي مناطق يقطنها المساليت، إحدى المجموعات السكانية غير العربية الرئيسية.
بدأت الهجمات في مدينة الجنينة في 24 أبريل/نيسان واستمرت حتى أواخر يونيو/حزيران، وتسببت بقتل وإصابة العديد من المدنيين، وأجبرت أكثر من 366 ألف شخص على الفرار إلى تشاد المجاورة. على مجلس الأمن الدولي عقد إحاطة إعلامية عاجلة لـ “الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالعنف الجنسي في حالات النزاع”.
قالت بلقيس والي، المديرة المساعدة في قسم الأزمات والنزاعات في هيومن رايتس ووتش: “يبدو أن قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها مسؤولة عن عدد هائل من حالات الاغتصاب وغيرها من جرائم الحرب أثناء هجومهم على الجنينة. على مجلس الأمن الدولي أن يتخذ خطوات عاجلة لوقف هذه الفظائع ليُظهر للمسؤولين عن الانتهاكات أن العالم يراقبهم”.
في أواخر يوليو/تموز، أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات شخصية في تشاد مع تسع نساء وفتاة عمرها 15 عاما من الجنينة تعرضن للاغتصاب وأشكال أخرى من العنف الجنسي. تعرضت أربعة، من بينهن الفتاة، للاغتصاب من قبل عدة رجال. كما قابلت هيومن رايتس ووتش أربع نساء شهدن أعمال عنف جنسي أو نتائج الاغتصاب بعد حدوثه مباشرة، بالإضافة إلى خمس مقدمات للخدمات، بينهن عاملات طبيات دعمن ضحايا العنف الجنسي في الجنينة. بناء على التجارب الشخصية للضحايا والحوادث التي شهدنها أيضا، وكذلك المعلومات التي شاركنها مع مقدمات الخدمات، بما فيها المواقع التي وقعت فيها الاعتداءات، وثّقت هيومن رايتس ووتش 78 ضحية للاغتصاب بين 24 أبريل/نيسان و26 يونيو/حزيران.
قالت ضحايا تحدثن إلى هيومن رايتس ووتش إن ما بين مهاجم واحد وستة مهاجمين مسلحين ارتكبوا أعمال عنف جنسي. تضمنت معظم مجموعات المهاجمين رجال يرتدون زي قوات الدعم السريع الكامل أو الجزئي، وبعضهم كانوا يرتدون ملابس مدنية. في كثير من الحالات، قدِموا في مركبات تحمل علامات قوات الدعم السريع. تعرفت امرأة على الشخص الذي اعتدى عليها على أنه من العرب المقيمين في الجنينة.
في جميع الحالات تقريبا التي أبلِغت بها هيومن رايتس ووتش، ارتكب المسؤولون عن الاغتصاب أيضا انتهاكات جسيمة أخرى، منها الضرب، والقتل، ونهب المنازل، والشركات، والمباني الحكومية أو حرقها.
قالت جميع الضحايا إن المهاجمين ذكروا صراحة هويتهم الإثنية واستخدموا شتائم عنصرية ضد المساليت أو غير العرب بشكل عام.
منذ العام 2019، تقاتل قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها بشكل متكرر جماعات المساليت المسلحة في غرب دارفور. كما أدت المظالم التاريخية القائمة على العرق، بما فيه تقاعس الحكومة السودانية عن معالجة مسألة استخدام الأراضي وملكيتها، إلى تأجيج التوترات. أدى غياب العدالة بشأن الانتهاكات الحقوقية السابقة وانتشار الأسلحة، بالإضافة إلى عدم إصلاح قطاع الأمن، إلى تفاقم المناخ المتوتر. خلال حملة التطهير العرقي التي شنها الرئيس عمر البشير في دارفور والتي بدأت في العام 2003، هاجمت القوات الحكومية والميليشيا المعروفة بـ “الجنجويد”، التي أصبحت فيما بعد قوات الدعم السريع، المجتمعات غير العربية، بما فيها المساليت.
في اليوم الأول للهجمات على الجنينة في 24 أبريل/نيسان، دخل خمسة رجال مسلحين عرب بملابس مدنية منزل طالبة جامعية عمرها 20 عاما وأربع نساء أخريات في حي الجبل. طالبوا بمعرفة قبيلة النساء. قالت: “كذبنا وقلنا برقو”. “لكنهم قالوا: “لا، أنت من المساليت، أنت نوبية [مصطلح يستخدم في السودان بمعنى “متمردين” أو غير عرب]. “اغتصبني أحدهم بينما انتظر الآخرون في الخارج. ثم جاء آخر واغتصبني”.
قالت إنه بعد أكثر من شهرين، ظل الهجوم يلازمها: “أبكي كثيرا، وعندما أبكي، حلقي يؤلمني. لا أستطيع النوم، لا أشعر أنني طبيعية. عندما أسير في الخارج، أتوه باستمرار. لا أستطيع أن أجد طريقي عندما أحاول الذهاب إلى أي مكان”.
في أربع حالات ذكر المهاجمون صراحة عمل المرأة في حقوق الإنسان وفي إحدى الحالات ذكروا عمل زوجها، ما يشير إلى أنهم كانوا يعرفون من اعتدوا عليهن.
واحدة فقط من الضحايا اللواتي قابلتهن هيومن رايتس ووتش تلقت بعض الرعاية الطارئة بعد الاغتصاب في الجنينة. خلال ذروة العنف، نهبت قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة، وأحرقت، المرافق الطبية ومكاتب المنظمات غير الحكومية التي كانت تقدم الرعاية العاطفية والنفسية إلى ضحايا العنف الجنسي.
أفادت “منظمة مستقبل النساء” الدارفورية أن 24 فقط من بين 103 ضحايا في حوادث اغتصاب سجلتها المنظمة تلقّين خدمات طبية لاحقة. وقعت 73 حادثة اعتداء في غرب دارفور.
يحظر القانون الإنساني الدولي، المعروف بقوانين الحرب، على أطراف النزاع المسلح تعمد إيذاء المدنيين. تحظر “المادة 3 المشتركة في اتفاقيات جنيف لعام 1949” والقانون الدولي الإنساني العرفي، وكلاهما ينطبق على جميع الأطراف المتحاربة في السودان، الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي. يمكن أن يشكل الاغتصاب الذي يرتكبه المقاتلون أحد أشكال التعذيب. يشكل الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي المرتكبة في سياق نزاع مسلح جريمة حرب، وإذا كان جزءا من هجوم واسع النطاق أو منهجي من قبل حكومة أو جماعة مسلحة على السكان المدنيين، يمكن أن يشكل جرائم ضد الإنسانية.
تدعو المعايير الدولية الحكومات إلى تخفيف مخاطر العنف القائم على النوع الاجتماعي منذ بداية الاستجابة للأزمات، بما فيه بالمعالجة الإكلينكية للاغتصاب والخدمات الشاملة الأخرى لضحايا العنف.
أرسلت هيومن رايتس ووتش في 11 أغسطس/آب ملخص النتائج بالبريد الإلكتروني إلى قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو للتعليق، لكنها لم تتلق أي رد حتى وقت النشر.
بعد دعوة الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالعنف الجنسي في حالات النزاع براميلا باتين في 1 أغسطس/آب لمنع العنف الجنسي والتصدي له، أقر نائب قائد قوات الدعم السريع الفريق عبد الرحيم دقلو بخطورة العنف الجنسي في سياق النزاع المسلح. أصدرت قوات الدعم السريع بيانا بعد الاجتماع “أكدت فيه تعاون قوات الدعم السريع الكامل مع الأمم المتحدة في التحقيق في أي مزاعم تتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان”.
في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول، على جميع الدول دعم إنشاء لجنة تحقيق دولية للتحقيق بشكل مستقل وحفظ الأدلة المتعلقة بالانتهاكات الجسيمة في دارفور وأماكن أخرى في السودان، ما يساعد في ضمان محاسبة المسؤولين.
قالت والي: “على الحكومات المعنية تخصيص مزيد من الموارد لضحايا العنف الجنسي في دارفور. الشهادات الفظيعة عن الاغتصاب والعواقب الرهيبة لهذه الجرائم يجب أن تحشد المانحين لتلبية احتياجات الضحايا ودعم الخطوات لإحقاق العدالة”.