هيومن رايتس ووتش تدين المحاكمات الجماعية لشخصيات بارزة من المعارضة في مصر

طالبت “هيومن رايتس ووتش” الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي” تخفيف عقوبات الإعدام الصادرة بحق 12 متظاهرا ممن كانوا في اعتصام “رابعة”.

وقد استنكرت المنظمة ادانة قادة بارزين في “الإخوان المسلمين” في محاكمة جماعية جائرة لمشاركتهم في اعتصام “رابعة” سنة 2013، الذي انتهى بمقتل 817 متظاهرا على الأقل على يد قوات الأمن.

في 14 يونيو/حزيران 2021، أيدت محكمة النقض، أعلى محكمة استئناف في مصر، أحكام الإعدام الصادرة ضدّ 12 متظاهرا، بالإضافة إلى أحكام مطوّلة بالسجن ضدّ مئات المتهمين الآخرين في قضيّة رابعة.

يذكر أن “قانون الإجراءات الجنائية” المصري يمنح للرئيس 14 يوما بعد صدور الحكم ليعفو عن المتهمين أو يخفّف عقوبات الإعدام.

كانت أحكام الإعدام من بين 75 حكما أصدرتها إحدى دوائر الإرهاب في محكمة جنايات القاهرة في سبتمبر/أيلول 2018، بعد محاكمة جماعية لـ 739 متهما بدأت في ديسمبر/كانون الأول 2015.

خفّفت محكمة النقض 31 حكما بالإعدام وحوّلتها إلى السجن المؤبد (وحُكم على الآخرين غيابيا). كان معظم المتهمين قد اعتقلوا أثناء فضّ اعتصام رابعة.

قالت هيومن رايتس ووتش إنّ على السلطات الإفراج عن أي شخص حوكم لمجرّد المشاركة في احتجاجات اتسمت بالسلميّة إلى حدّ كبير، وإعادة محاكمة المتهمين بارتكاب جرائم عنف في محكمة تستجيب للمعايير الدولية للمحاكمة العادلة.

وطالبت المنظمة الرئيس “السيسي” بتوجيه حكومته إلى وقف استخدام مصر المتصاعد لعقوبة الإعدام. حتى الآن، لم يتم التحقيق مع المسؤولين عن تنفيذ عمليات القتل الجماعي التي ارتكبتها قوات الأمن في رابعة.

قال “جو ستورك”، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “محاكمة رابعة كانت مهزلة، ومن المخزي أن تؤيد أعلى محكمة في البلاد أحكام الإعدام الـ12 هذه. يجب على الرئيس السيسي استغلال هذه الفرصة لإبطال إعدامهم، ووضع حدّ لتفشي استخدام عقوبة الإعدام في مصر”.

تراوحت التهم الموجهة إلى المتهمين في المحاكمة الجماعية بين المشاركة في احتجاجات عنيفة وقتل أو محاولة قتل العديد من عناصر الشرطة والجنود والجمهور أثناء الاعتصام الذي استمرّ ستّة أسابيع في يوليو/تموز وأغسطس/آب 2013.

لم يُنشَر القرار الكامل للمحكمة. اتسمت المحاكمة الجماعية في محكمة الإرهاب بالفوضى، وشابتها خروقات في جميع مراحلها. تأجلت المحاكمة عدة مرات لسنوات لأنه لم تكن توجد قاعة محكمة يُمكن أن تستوعب كل المتهمين.

مثل المحاكمات الجماعية الأخرى، لم تُثبت هذه المحاكمة مسؤوليات جنائية فردية، واستندت بشكل كبير إلى مزاعم لا أساس لها صادرة عن ضباط “جهاز الأمن الوطني”.

وكما هو الحال في عشرات قضايا الإرهاب في السنوات الأخيرة، عُقدت الجلسات داخل منشأة تابعة لوزارة الداخلية، وغالبا ما تمّ تكديس المتهمين في زنزانة ذات حواجز عازلة للصوت داخل قاعة المحكمة، ما صعّب على المراقبين رؤيتهم أو سماعهم، ومنعهم من التفاعل كما يجب مع القضاة.

احتُجز الكثير من المتهمين في “سجن العقرب” سيء السمعة، حيث يُحرم السجناء لأشهر أو لسنوات من مقابلة محامييهم وأقاربهم والتواصل معهم، مما يقوّض حقهم في الدفاع بشكل كبير.

ما لا يقلّ عن 22 ممن صدرت ضدّهم أحكام بالسجن كانوا أطفالا وقت القبض عليهم، لكنهم حوكموا مع البالغين، في انتهاك للقانون الدولي.

أطاح الجيش المصري بالرئيس الأسبق محمد مرسي واعتقله يوم 30 يونيو/حزيران 2013 في أعقاب احتجاجات عارمة مناهضة للإخوان. عندها نظّم أنصار مرسي احتجاجات واسعة في كل أنحاء مصر، وتجمّعوا في ميدانين رئيسيين في القاهرة، هما رابعة والنهضة.

وثّقت هيومن رايتس ووتش ستة حوادث أطلقت فيها قوات الأمن النار بشكل غير قانوني على حشود من المتظاهرين في أغلبهم سلميين بين 3 يوليو/تموز و16 أغسطس/آب، مما أسفر عن مقتل 1,185 شخصا على الأقل.

قالت هيومن رايتس ووتش إنّ عمليات القتل الجماعي هذه تُشكّل على الأرجح جرائم ضدّ الإنسانية، وتتطلب تحقيقا دوليا.

أقرّت العديد من البيانات والتقارير الرسمية بأن الشرطة استخدمت القوة المفرطة أثناء عملية الفضّ. قال حازم الببلاوي، رئيس الوزراء الذي أشرف على العملية، في ردّ على التقرير الذي أصدرته هيومن رايتس ووتش في 2014 إنّه “يجب تقديم كل من ارتكب خطأ للمحاكمة… والتحقيق معه”. لكن لم يتم إجراء أي تحقيق في السنوات الثماني التي تلت المجزرة.

في 6 مارس/آذار 2014، أصدر “المجلس القومي لحقوق الإنسان”تقريرا عن فض اعتصام رابعة قال فيه إنّ بعض المتظاهرين كانوا مسلّحين، لكنّ الردّ لم يكن متناسبا، حيث استخدمت قوات الأمن القوة المفرطة، ولم تُخصص مخرجا آمنا للمتظاهرين كي يغادروا، ولم تقدّم مساعدة طبية للمصابين.

وقبل ذلك ، في ديسمبر/كانون الأول 2013، أنشأ الرئيس المؤقت عدلي منصور لجنة لتقصي الحقائق مهمتها جمع “المعلومات والأدلة” على الأحداث التي رافقت احتجاجات 30 يونيو/حزيران.

أصدرت اللجنة ملخصا تنفيذيا في نوفمبر/تشرين الثاني 2014 ألقت فيه باللوم إلى حدّ كبير على قادة الاحتجاجات في سقوط ضحايا في رابعة، لكنها أقرّت بأنّ قوات الأمن لم تستهدف فقط الأشخاص المسلّحين.

قال وزير الداخلية محمد إبراهيم مباشرة بعد فضّ الاعتصام إنه تم ضبط 14 بندقية فقط لدى المتظاهرين. التقرير الكامل لم يُنشر بعد.

طالب كلّ من اللجنة والمجلس القومي بالتعويض لضحايا رابعة الذين “لم يشاركوا في العنف”. دعا المجلس القومي أيضا إلى إجراء تحقيق قضائي مستقلّ.

في يوليو/تموز 2018، وافق السيسي على “القانون رقم 161 لسنة 2018 في شأن معاملة بعض كبار قادة القوات المسلحة”، الذي يمنح “حصانة” لهؤلاء الضباط من المحاكمة أو الاستجواب عن أي أحداث بين 3 يوليو/تموز 2013 ويناير/كانون الثاني 2016، ما لم يأذن بذلك “المجلس الأعلى للقوات المسلحة”.

بحسب “منظمة العفو الدولية”، أصبحت مصر في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي واحدة من الدول الثلاث الأولى من حيث عدد الإعدامات وأحكام الإعدام على مستوى العالم.

تعارض هيومن رايتس ووتش عقوبة الإعدام في جميع الظروف. في 2017، دعت هيومن رايتس ووتش الرئيس السيسي إلى تعليق استخدام عقوبة الإعدام في ظلّ الارتفاع الحاد في أحكام الإعدام. بحسب العفو الدولية، أعدمت السلطات المصرية 51 رجلا وامرأة على الأقل في النصف الأول من 2021.

في أكتوبر/تشرين الأول 2020، وثقت هيومن رايتس ووتش إعدام السلطات المصرية لـ49 رجلا وامرأة في عشرة أيام فقط.

قال ستورك: “يتعيّن على مصر وقف أي إعدامات أخرى على الفور، لا سيما في حق الذين أدينوا في محاكمات بالغة الظلم. لكي تمضي مصر قدما، عليها معالجة الجرائم التي ارتكبتها قوات الأمن، بما في ذلك رابعة وعمليات القتل الجماعي الأخرى”.

اقرأ أيضاً: إدانة تنفيذ مصر حكم الإعدام بحق 17 شخصًا بعد محاكمات “تفتقر للعدالة”

قد يعجبك ايضا