هيومن رايتس ووتش تتهم إسرائيل بالتهجير القسري وانتهاكات جسيمة في جنوب سوريا
اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش القوات الإسرائيلية، التي تسيطر على أجزاء من جنوب سوريا منذ ديسمبر/كانون الأول 2024، بارتكاب سلسلة من الانتهاكات ضد المدنيين السوريين، من بينها التهجير القسري وهدم المنازل ومصادرة الممتلكات والحرمان من سبل العيش، بالإضافة إلى اعتقال سوريين ونقلهم بشكل غير قانوني إلى داخل إسرائيل.
وقالت المنظمة إن التهجير القسري في الأراضي المحتلة يُعد جريمة حرب بموجب القانون الدولي الإنساني.
وبحسب التقرير، توغلت القوات الإسرائيلية بعد انهيار الحكومة السورية السابقة في المنطقة المنزوعة السلاح بإشراف الأمم المتحدة بين الجولان المحتل ومحافظة القنيطرة، وأنشأت سريعاً تسعة مواقع عسكرية تمتد من جبل الشيخ (حرمون) مروراً بمدينة القنيطرة وصولاً إلى أجزاء من غرب درعا.
وأشارت المنظمة إلى أن مسؤولين إسرائيليين كرروا منذ فبراير/شباط 2025 الحديث عن نية “تجريد جنوب سوريا بالكامل من السلاح” والإبقاء على وجود عسكري “إلى أجل غير مسمّى”.
في قرية الحميدية الواقعة على خط الفصل، ذكرت المنظمة أن القوات الإسرائيلية هدمت ما لا يقل عن 12 مبنى في 16 يونيو/حزيران، بعد أن كانت قد طردت ثماني عائلات بالقوة في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، اليوم الذي سقطت فيه حكومة بشار الأسد.
وروى شهود أن الجنود اقتحموا المنازل تحت تهديد السلاح ومنعوا السكان من أخذ متعلّقاتهم، قبل أن تعود الجرافات ليلاً لتسوّي الأبنية بالأرض.
وأظهر تحليل صور أقمار صناعية – وفق المنظمة – أن بناء منشأة عسكرية جديدة على مسافة أقل من 500 متر من القرية بدأ مطلع يناير/كانون الثاني 2025.
وفي جباتا الخشب، قالت هيومن رايتس ووتش إن القوات الإسرائيلية أقامت منشأة عسكرية أخرى وطهّرت مساحات واسعة، شملت محمية غابات يزيد عمرها عن قرن، ومنعت السكان من الوصول إلى أراضيهم الزراعية والمراعي المجاورة.
ووثّق التقرير اعتقال ثمانية سوريين منذ ديسمبر/كانون الأول 2024، إضافة إلى طفل اعتُقل في أبريل/نيسان 2024 وهو في السابعة عشرة، مشيراً إلى أن جميعهم نُقلوا إلى داخل إسرائيل ويُحتجزون “بمعزل عن العالم الخارجي ومن دون تهمة”، بحسب روايات أقارب وشهود.
وأكدت المنظمة أنها خاطبت الجيش الإسرائيلي في 3 سبتمبر/أيلول لطلب معلومات عن المحتجزين.
وذكّرت المنظمة بأن المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة تحظر تهجير المدنيين قسراً في الأراضي المحتلة إلا لضرورات عسكرية قاهرة أو لأمنهم المباشر، وبشروط إنسانية صارمة تشمل النقل الآمن والإيواء المناسب وحق العودة عند زوال الأخطار.
كما يحظر القانون نقل المحتجزين خارج الأراضي المحتلة إلى دولة الاحتلال، ويحظر تدمير الممتلكات المدنية ما لم يكن “ضرورياً للغاية” ومتصلاً مباشرة بالعمليات القتالية الجارية.
ودعت هيومن رايتس ووتش الحكومات إلى تعليق أي دعم عسكري لإسرائيل قد يسهم في الانتهاكات بجنوب سوريا، وفرض عقوبات محددة الهدف على المسؤولين المتورطين، ومراجعة التعاون الثنائي وحظر التجارة مع المستوطنات بما فيها تلك المقامة على الجولان السوري المحتل.
كما حثّت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا على تفعيل الولاية القضائية العالمية ودعم إجراءات المحكمة الجنائية الدولية سعياً للمساءلة، والإبقاء على العقوبات إلى حين اتخاذ خطوات قابلة للتحقق تتيح عودة آمنة وطوعية وكريمة للنازحين.
وقالت هبة زيادين، كبيرة الباحثين في شؤون سوريا لدى المنظمة، إن “تقاعس الحكومات الأخرى عن الرد على السلوك غير القانوني يسمح لإسرائيل بتطبيق أساليب قمعية دون عقاب”، داعية إلى تحرك دولي عاجل “لتعليق الدعم العسكري وفرض تدابير محددة ودعم المساءلة”.
وتشير المنظمة إلى أن إسرائيل منعت عشرات الآلاف من النازحين السوريين من العودة إلى الجولان منذ 1967، وأن التوغلات والإنشاءات العسكرية الجديدة في القنيطرة وأجزاء من درعا، إلى جانب استمرار القيود على الوصول، تجعل عودة الأهالي في المدى القريب مستحيلة عملياً، بما يقوّض أي ادعاء بأن التهجير مؤقت.