هيومن رايتس ووتش: اللاجئون والمهاجرون غير مشمولين في حملة التلقيح بلبنان
قالت “هيومن رايتس ووتش” إن برنامج الحكومة اللبنانية للتلقيح ضد فيروس “كورونا” قد يستثني الفئات المهمشة، بما فيها اللاجئون والعمال المهاجرون.
وذكّرت “هيومن رايتس ووتش” بأن الحكومة كانت وقد وعدت ببرنامج عادل، إلا أن التنفيذ يتسم بالتدخل السياسي وغياب المعلومات.
تُظهر بيانات الأمم المتحدة أن معدل وفيات اللاجئين السوريين والفلسطينيين جراء كورونا تبلغ أربعة وثلاثة أضعاف المعدل الوطني على التوالي.
مع ذلك، يظهر على منصة التسجيل والمتابعة الحكومية على الإنترنت لتلقي لقاح كورونا أن 2.86% فقط من الذين تلقوا اللقاح، و5.36% من المسجلين لتلقيه، هم غير لبنانيين، رغم أنهم يشكلون 30% من السكان على الأقل.
قالت “نادية هاردمان”، باحثة حقوق اللاجئين والمهاجرين في “هيومن رايتس ووتش”: “واحد من أصل كل ثلاثة أشخاص في لبنان هو لاجئ أو مهاجر، ما يعني أن ثلث السكان معرضون لخطر الاستثناء من خطة التلقيح. على الحكومة أن تستثمر في الوصول الهادف لبناء الثقة لدى فئات طالما هُمّشت، وإلا باءت جهود التلقيح ضد كورونا بالفشل”.
بين فبراير/شباط ومارس/آذار 2021، قابلت هيومن رايتس ووتش 21 لاجئا سوريا، وستة لاجئين فلسطينيين، ووزير العمل في حكومة تصريف الأعمال، وموظفين في “مفوضية شؤون اللاجئين”، و”الأونروا”، و”منظمة الهجرة الدولية”، و”حركة مناهضة العنصرية”، وهي تجمع شعبي لمحاربة التمييز.
وكانت وزارة الصحة قد قالت إنها تهدف إلى تلقيح 80% من السكان قبل نهاية 2021، وإن خطة التلقيح الوطنية تشمل جميع المقيمين على الأراضي اللبنانية، بغض النظر عن جنسياتهم.
على أن تُعطى الأولوية في المرحلة الأولى من حملة التلقيح للعاملين في القطاع الصحي والأشخاص فوق الـ75، ثم من هم فوق الـ65، يليهم من هم فوق الـ54 ولديهم أمراض معيّنة.
غير أن الحكومة أعلنت نيتها حتى الآن شراء 7 ملايين جرعة فقط، أي ما يكفي نصف السكان تقريبا. وتتسم الخطة بالبطء، إذ تم إعطاء 233,934 جرعة فقط حتى 5 أبريل/نيسان – يعود الأمر أساسا إلى محدودية كمية اللقاحات المتاحة.
تلقى لبنان حتى الآن تقريبا 300 ألف جرعة لقاح “فايزر”، وفي 24 مارس/آذار تلقى 33,600 جرعة “أسترازينيكا” عبر إئتلاف “كوفاكس”، وهو نظام المشتريات العالمي الذي يهدف إلى تقديم جرعات إلى الحكومات المنخفضة الدخل تكفي 20% من سكانها قبل نهاية 2021.
قال وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال، حمد حسن، إن الحكومة حصلت على 33,600 جرعة من لقاح “أسترازنيكا” في 24 مارس/آذار، ما سمح بإعطاء الأولوية لفئة جديدة، تضم المعلمين والعاملين في قطاعات منتجة (الزراعة والصناعة)، في حملة تلقيح تبدأ في أبريل/نيسان.
حتى 5 أبريل/نيسان تم إعطاء اللقاح لـ 3,638 فلسطينيا و1,159 سوريا فقط، علما أن 19,962 لاجئا وموظفا طبيا فلسطينيين و6,701 لاجئين سوريين مؤهلون للحصول على اللقاح في المرحلة الأولى من الحملة.
سمحت وزارة الصحة للقطاع الخاص باستيراد لقاحات إضافية بغية تسريع عملية التلقيح. وبدأ بعض السياسيين بالفعل بتأمين لقاحات لمناصريهم، ما يثير الخوف من أن توزَّع اللقاحات على أساس الانتماء السياسي وتستثني الفئات المهمشة، بدلا من اتباع معايير توزيع شفافة قائمة على الأدلة وتنطبق على جميع المقيمين في لبنان بالتساوي.
ضُربت الثقة بخطة الحكومة أكثر بعد فضيحة تلقي بعض السياسيين اللقاح، دون انتظار دورهم، سرا في البرلمان. وكان ممثل “البنك الدولي” في لبنان قد هدد بأن البنك “سيتعامل” مع “أي انتهاك لمعايير تلقيح الفئات حسب الأولوية”.
ويمول البنك الدولي معظم حملة التلقيح في لبنان ويشرف على تنفيذها بالشراكة مع “الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر”.
نظرا إلى كمية اللقاحات المحدودة وبطء عملية التلقيح بدأت بعض المنظمات غير الحكومية تأمين التمويل لشراء لقاحات مخصصة للاجئين.
أعرب اللاجئون السوريون الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش عن خوفهم من التوقيف أو الاحتجاز أو حتى الترحيل في حال سجلوا على منصة الحكومة، خصوصا إذا لم تكن إقامتهم قانونية في لبنان.
20% فقط من أصل 1.5 مليون لاجئ سوري لديهم الحق القانوني للإقامة في لبنان بسبب سياسات الجنسية اللبنانية التقييدية، ما يجعل الغالبية العظمى عرضة للتوقيف التعسفي والاحتجاز والمضايقات وحتّى الترحيل.
رغم أن 200 ألف لاجئ فلسطيني لا يواجهون المخاوف نفسها من التوقيف والاحتجاز لا يثق إلا القليل منهم بالحكومة اللبنانية التي طالما ميزت ضدهم ومنعتهم من الحصول على خدمات الحكومة الاجتماعية، بما في ذلك الرعاية الصحية، حيث يمكنهم الحصول على الرعاية الصحية فقط عبر القطاع الخاص الذي يفرض رسوم باهظة، أو عبر منظمات دولية مثل الأونروا.
انعدام ثقة اللاجئين الفلسطينيين بالحكومة اللبنانية متجذر لدرجة أنهم قالوا لـ هيومن رايتس ووتش إنهم حتى لو سجلوا فإنهم لن يحصلوا على اللقاح أو سيضطرون إلى دفع مبالغ لا يمكنهم تحملها.
أما بالنسبة للعاملين المهاجرين، الذين يعمل معظمهم في ظل نظام الكفالة الاستغلالي، فهم لا يملكون أي معلومات حول اللقاحات أو عبروا عن عدم ثقتهم بالسلطات اللبنانية.
لضمان التوزيع العادل للقاحات على الرغم من النقص الهائل في الإمدادات، على السلطات اللبنانية اتباع “إطار القيم لفريق الخبراء الاستشاري المعني بالتمنيع بشأن توزيع لقاحات كوفيد-19 وتحديد أولوياتها” الصادر عن “منظمة الصحة العالمية”، الذي يقدم توجيهات لتحديد الأولويات عندما تكون كمية اللقاحات محدودة.
يدعو إطار القيم إلى ضمان العدل على المستوى الوطني في الوصول إلى اللقاح، تحديدا للفئات التي تعاني أكثر من غيرها جراء الوباء مثل الفقراء، خصوصا الذين يعيشون فقرا مدقعا، والعمال المهاجرين منخفضي الدخل بخاصة الذين يعيشون في أماكن مكتظة ولا يمكنهم تطبيق التباعد الجسدي.
حذرت الأمم المتحدة من أنه “في ظل غياب إجراءات حماية فعالة لدى خدمات الصحة العامة من سلطات الهجرة، فإن جمع البيانات ومشاركة المعلومات حول لقاحات كورونا قد يؤدي إلى زيادة المخاوف بين المهاجرين في ظل الوضع غير المعتاد”.
قالت هاردمان: “في البداية تم الترحيب بخطة لبنان الشاملة لتلقيح جميع المقيمين على أراضيه، لكن سرعان ما تبين أن تنفيذ الخطة مليء بالثغرات”.
,وأضافت هاردمان: “إذا كان لبنان يريد تحقيق توزيع لقاحات عادل خلال هذا العام وإعادة تحريك عجلة الاقتصاد، عليه أن يضمن وصول الجميع إلى المعلومات”.
يواجه لبنان، كما العديد من البلدان الفقيرة، تحديات خارجية في الحصول على لقاحات كورونا.
تدعم هيومن رايتس ووتش ومنظمات عديدة أخرى اقتراح جنوب أفريقيا والهند إلى “منظمة التجارة العالمية” بالتخلي مؤقتا عن بعض حقوق الملكية الفكرية إلى حين “تحقيق تلقيح على نطاق واسع عالميا”.
قد يسمح التخلي عن هذه الحقوق بموجب “الاتفاقية حول الجوانب التجارية لحقوق الملكية الفكرية” بمزيد من التعاون الدولي في تصنيع اللقاحات ومنتجات طبية أخرى – دون إذن الشركات المصنعة – وتسريع الإنتاج وإتاحة اللقاح عالميا.
ناقشت منظمة التجارة العالمية الاقتراح خلال اجتماعها في مارس/آذار، لكنه لا يزال يواجه معارضة من دول غربية غنية مثل المملكة المتحدة، والولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وأستراليا.
بالإضافة إلى مشاكل تأمين اللقاحات وتوزيعها العادل، لم تقدم الحكومة اللبنانية معلومات دقيقة وحديثة لللاجئين السوريين والفلسطينيين، أو العمال المهاجرين، حول اللقاح وكيفية التسجيل للحصول عليه، وتطمينهم أن أعمال التلقيح ستكون محمية من نشاطات إنفاذ قوانين الهجرة.
لغاية 5 أبريل/نيسان ، لم يكن قد تسجل سوى 17,891 ألف غير لبناني أو سوري أو فلسطيني للحصول على اللقاح، بينما حصل عليه 1,159 شخصا فقط.
لم يسّجل أي من اللاجئين السوريين الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش على المنصة الإلكترونية. 17 لاجئا سوريا لم يعلموا بوجود المنصة، وتسعة لم يعلموا بحقهم بالتسجيل معتقدين أنه متاح للمواطنين اللبنانيين فقط.
قال بعض الذين أُجريت معهم مقابلات إنهم سمعوا إشاعات أن عليهم دفع ثمن اللقاح، وقال كثيرون إنهم لا يعرفون أماكن مراكز التلقيح ويعتقدون أن ليس بإمكانهم تحمل تكاليف الانتقال إليها. وقال ثلاثة إنهم سمعوا أن اللقاح غير آمن وقد يؤدي إلى الموت.
حتى عندما أخبرناهم أن من حقهم التسجيل والحصول على اللقاح مجانا، عبّر معظمهم عن مخاوفهم من تبعات التسجيل على تطبيق تديره الحكومة، مما قد يؤدي إلى توقيفهم أو احتجازهم أو ترحيلهم لافتقارهم إلى الإقامة القانونية. سمع العديد إشاعات أن التسجيل للحصول على اللقاح يندرج ضمن خطة الحكومة لإعادتهم إلى سوريا.
شابهت نتائج هيومن رايتس ووتش تلك الصادرة عن “لجنة الإنقاذ الدولية” و”تحالف حماية لبنان” اللذان أفادا في 26 فبراير/ شباط أنه وبناء على 883 مقابلة أجريت مع أسر من اللاجئين السوريين في شمال لبنان والبقاع، “عدد قليل للغاية من اللاجئين [السوريين] تتوافر لديهم معلومات حول لقاح كوفيد-19” ولاحظوا “ترددا كبيرا لجهة الحصول عليه”.
أثّر الوجود غير القانوني للسوريين على قدرتهم على التنقل بحرية بسبب نقاط التفتيش التي توزّعت في كل مكان قبل انتشار فيروس كورونا، مما صعّب وصولهم إلى الخدمات كالرعاية الصحية.
تزيد قيود الحركة التمييزية المفروضة من بعض البلديات على السكان السوريين من تهميش اللاجئين وتعيق وصولهم إلى الخدمات.
فقد تأثر اللاجئون السوريون بشكل خاص بالأزمة الاقتصادية في لبنان إذ ارتفعت نسبة اللاجئين السوريين القابعين في فقر مدقع من 55% في العام السابق إلى 89% حاليا.
كما لم يكن لدى اللاجئين الفلسطينيين الذين تحدثت إليهم هيومن رايتس ووتش معرفة بخطة التطعيم الحكومية وبمدى أهليتهم وأعربوا عن مخاوفهم من التعرض للتمييز، نظرا لتاريخ الحكومة اللبنانية في ممارسة التمييز ضدهم ما أعاق وصولهم إلى جميع الخدمات الاجتماعية تقريبا.
قالت امرأة فلسطينية عمرها 39 عاما تعيش في مخيم الرشيدية: “لم يشرح لنا أي أحد شيئا. والأمر ليس كفترة بداية الوباء عندما جاء الناس ليشرحوا لنا [عن فيروس كورونا] … حتى أنني لم أثق باللقاح من قبل، ولم أغير رأيي إلا عندما عرفت شخصا تلقى اللقاح في الخارج … لا توجد توعية – وبدلا من ذلك تنتشر الشائعات على واتساب. لم يُشرح أي شيء بشكل صحيح. من الضروري شرح جوانب اللقاح الإيجابية حتى يفهم الناس”.
وقال متحدث باسم الأونروا لـ هيومن رايتس ووتش إن معدلات التسجيل المنخفضة بين اللاجئين الفلسطينيين يمكن أن تُعزى إلى عدم الثقة باللقاح والإحجام عن أخذ اللقاح في المراكز الموجودة خارج المخيمات.
تباينت تصريحات السلطات اللبنانية حول تضمين العمال المهاجرين بحملة التلقيح. فبينما صرحت “اللجنة الوطنية لكوفيد-19” المسؤولة عن وضع الخطة، أن كل شخص في لبنان يمكنه التسجيل بغض النظر عن جنسيته، قالت وزارة الصحة إنها لا تملك التمويل الكافي لتوفير اللقاح للعمال المهاجرين.
قالت وزيرة العمل في حكومة تصريف الأعمال لمياء يمين لـ هيومن رايتس ووتش إن في لبنان حوالي 500 ألف عامل مهاجر مسجل وتقدر ان عدد أكبر من العمال الذين ليس لديهم وثائق.
وأكدت “منظمة الهجرة الدولية” لـ هيومن رايتس ووتش أنها “تبحث في طرق لدعم توزيع اللقاح لضمان وصوله إلى المهاجرين، بما في ذلك شراء جرعات إضافية”.
في خطوة إيجابية، مكّنت المنصة المُعتمدة الأشخاص غير المسجلين من إدراج أسمائهم دون الحاجة إلى تقديم رقم الهوية. ويبقى أن نرى ما إذا كان سيتم تحديد مواعيد لمن هم مؤهلون للتطعيم وفقا للخطة المتّبعة.
عوائق كبيرة أخرى بالتظار العمال المهاجرين. إذ وجدت حركة مناهضة العنصرية في بحث أُجري في مارس/آذار افتقار العمال المهاجرين إلى معلومات دقيقة حول اللقاح نفسه وكيفية تلقيه في لبنان.
فقال بعضهم إنهم يخشون ألا تمنحهم الحكومة اللبنانية “اللقاح الجيّد”، مما يدل على ضعف الثقة بين المجتمع والحكومة.
قدمت منظمة الهجرة الدولية المساعدة لمجموعة من العمال المهاجرين الذين تزيد أعمارهم عن 55 ولديهم مشاكل صحية إضافية لمساعدتهم في التسجيل للحصول على اللقاح.
قالت وزارة الصحة إنها لا تملك الأموال اللازمة لمنح اللقاح للعمال المهاجرين، بينما أعربت وزيرة العمل في حكومة تصريف الأعمال عن التزامها بضمان حصول جميع العمال المهاجرين على اللقاح.
فصرّحت يمين إنها تعمل مع منظمة الهجرة الدولية على تطوير خطة لجمع البيانات حول العمال غير المسجلين، والتأكد من أن جميع العمال المهاجرين يمكنهم التسجيل، بالإضافة إلى رفع مستوى الوعي حول اللقاح بين أصحاب العمل والعمال المهاجرين وتأمين التمويل اللازم.
كما أوصى مكتب منظمة الهجرة الدولية في لبنان في رسالة إلى هيومن رايتس ووتش بضرورة أن “تقدم الحكومة حلولا لإزالة بعض العوائق الرئيسية التي تواجه بعض فئات المهاجرين: بما في ذلك الإدارية أو القانونية، والمالية، والثقافية والإعلامية”.
في توجيهات مشتركة صدرت جنبا إلى جنب مع آليات حقوق الإنسان الإقليمية، قالت “لجنة الأمم المتحدة المعنية بالعمال المهاجرين” أن “رسائل الاتصال والحملات الإعلامية العامة يجب أن توضح أن المهاجرين غير النظاميين لن يتم معاقبتهم أو استهدافهم لإنفاذ قوانين الهجرة عند تسجيلهم للحصول على لقاح كوفيد-19”.
قالت هيومن رايتس ووتش أن على السلطات اللبنانية تعزيزالثقة في اللقاحات والخطة الوطنية المتّبعة من خلال توفير معلومات يسهل الوصول إليها حول اللقاحات وكيفية التسجيل لها، وطمأنة اللاجئين والعمال المهاجرين بأنه لن يتم بأي حال من الأحوال استخدام معلوماتهم لاستهدافهم بالاعتقال أو الترحيل حاضرا أو مستقبلا وأنهم لن يضطروا لدفع ثمن اللقاح.
وعلى نطاق أوسع، على الحكومات المانحة دفع السلطات اللبنانية إلى مراجعة سياساتها القسرية ضد الفئات المهمشة التي ساهمت في خلق بيئة من الخوف وانعدام الثقة في وقت تشتد فيه الحاجة لهذه الثقة. وقد قوّضت قلة الثقة هذه الجهود الوطنية لنشر اللقاح.
يجب أن تكون المعلومات حول لقاحات كورونا متاحة ومتوفرة بلغات متعددة، بما في ذلك لأولئك الذين لا يجيدون القراءة والكتابة وأن تستخدم المواد الإعلامية لغة واضحة لتحقيق الفهم بأقصى قدر ممكن.
لتسهيل حصول العمال من المهاجرين واللاجئين غير المسجلين وممن ليس لديهم وثائق ثبوتية على اللقاح، على السلطات التشاور مع أفراد المجتمع لتحديد طرق أخرى يمكنهم من خلالها تأكيد هويتهم. قد يشمل ذلك السماح للشهود بإثبات هوية الشخص أو توقيعه على إفادة تشهد بهويته وأهليته.
بالإضافة إلى ذلك، على الحكومات التركيز على النهج المجتمعي لزيادة الوعي وتبديد التصورات الخاطئة للناس لتغيير سلوكهم.
هذا أمر بالغ الأهمية إذ أن تجارب الاستجابة لأزمة الصحة العامة السابقة تظهر أن التغيير المستمر في السلوك على مدى فترة طويلة يعتمد على شراكات قوية بين جميع المعنيين، لا سيما النساء والقادة الدينيين.
يمكن للأنظمة الصحية المجتمعية أيضا مراقبة الآثار السلبية المحتملة للقاح. فبغياب نظام للرد الفوري والتحقيق في مثل هذه التقارير، قد تنتشر شائعات لا أساس لها نتيجة لمرض أو حالات وفاة غير ذات صلة بعد أخذ اللقاح.
سيؤدي التقاعس عن معالجة مثل هذه الأحداث إلى تعزيز التردد تجاه اللقاح وتقويض جهود التلقيح. يمكن أن يساعد تطوير روابط قوية مع المجتمع وقادته في زيادة المساءلة – على سبيل المثال، إذا تم التعامل مع اللقاحات أو توزيعها بطرق تتعارض مع معايير الأولوية.
للتغلب على العقبات التي تحول دون الوصول إلى مراكز التطعيم للفئات المهمشة التي قد لا تكون قادرة على تحمل تكاليف النقل إلى المستشفيات المحلية، على الحكومات النظر في توفير عيادات متنقلة بالشراكة مع مجموعات الإغاثة العاملة على الأرض.
أوصت منظمة الصحة العالمية بأنه “ومع استعداد البلدان لإطلاق برامج نشر لقاحات كوفيد-19، ستحتاج إلى تصميم وتنفيذ أنظمة مراقبة لقياس تقدم وفعالية هذه البرامج.
وهذا يشمل قياس الإقبال على اللقاح وتغطيته عموم السكان، بمن فيهم أولئك المعرضين للخطر والذين لهم الأولوية”.
فعلى الحكومات في البلاد التي تستقبل لاجئين ومهاجرين ضمان تصنيف البيانات وتسجيلها بشكل منفصل، والإبلاغ عن اللقاحات المُعطاة لمجموعات معيّنة من السكان، كالقاطنين في المخيمات أو الأماكن الشبيهة بها، والتي تضم اللاجئين والنازحين.
التمييز على أساس الأصل القومي أو مكان الإقامة يتعارضان مع القانون الدولي، وينتهكان على وجه الخصوص التزامات لبنان بموجب “اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري” و”العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية”.
ويشار بالتمييز غير المباشر إلى القوانين أو السياسات أو الممارسات التي تبدو محايدة ولكن لها تأثير غير متناسب على ممارسة حقوق الإنسان.
لا يمكن تبرير أي معاملة تفاضلية على أساس الأصل القومي أو وضع الهجرة إلا إذا ما كانت تسعى إلى تحقيق هدف مشروع ومتناسب مع إنجازه.
الحكومات مسؤولة عن توفير المعلومات اللازمة لحماية وتعزيز الحقوق، بما في ذلك الحق في الصحة. كما أن التمسك بالحق في الوصول إلى المعلومات دون عوائق مفتاح التغلب على التردد في تلقي اللقاح، ومواجهة المعلومات المضللة، وانعدام الثقة، وإن كان بعضها متجذرا في الوصمة الثقافية والمحظورات.
لتحقيق استجابة تحترم وتراعي الحقوق ضد جائحة كورونا نحتاج لضمان أن تكون المعلومات حول الفيروس واللقاحات والوصول إلى الخدمات وانقطاعها وبعض جوانب الإستجابة الأخرى لتفشي المرض، دقيقة وحديثة ومتاحة بسهولة وللجميع.
وعلى السلطات الصحية تنظيم حملات إعلامية منتظمة بالمعلومات الصحية وإعلانات الخدمة العامة التي تهدف إلى مواجهة المعلومات المضللة والمساعدة في تهدئة الذعر واستعادة ثقة الجمهور وتشجيع مساعدة الناس في الأزمة.
اقرأ أيضاً: انتشار كورونا بين لاجئي الدول العربية يستوجب تحرك قبل فوات الأوان