“هيئة الانتخابات” التونسية تمهّد الطريق لولاية ثانية لقيس سعيّد
وافقت هيئة الانتخابات التونسية هذا الأسبوع على ثلاثة مرشحين فقط للانتخابات الرئاسية المقررة في 6 أكتوبر/تشرين الأول، منهم الرئيس الحالي قيس سعيّد ومرشح محتجز، متجاهلة الأحكام القضائية المهمة التي سمحت لثلاثة منافسين آخرين بالعودة للترشح في الانتخابات.
أكدت “الهيئة المستقلة للانتخابات” أن الرئيس سعيّد وعضوين سابقين في البرلمان، زهير المغزاوي والعياشي زمال، هم المرشحون الوحيدون للرئاسة – وهي نفس القائمة التي أصدرتها بدايةً في 10 أوت/آب. وكانت الهيئة قد استبعدت سابقا 14 مرشحا محتملا، بينهم منافسون حقيقيون لسعيّد، لأسباب مختلفة.
فاز ثلاثة من المرشحين المرفوضين بطعون تقدموا بها ضد هيئة الانتخابات أمام “المحكمة الإدارية” التونسية: وزير الصحة السابق عبد اللطيف المكي، والوزير السابق في عهد الرئيس زين العابدين بن علي منذر الزنايدي، والعضو السابق في البرلمان عماد الدائمي.
قرارات المحكمة الإدارية، التي تتمتع بالاختصاص الحصري في نزاعات الترشح للانتخابات، ملزِمة قانونا. ومع ذلك، أعلن رئيس هيئة الانتخابات فاروق بوعسكر في 2 سبتمبر/أيلول “استحالة” تنفيذ أحكام المحكمة، وأن قائمة المرشحين للرئاسة “نهائية وغير قابلة للطعن”.
تخضع الهيئة الانتخابية لسيطرة الرئيس سعيّد منذ أن أعاد هيكلتها في أفريل/نيسان 2022؛ والآن يسمّي الرئيس أعضاءها السبعة. وبدلا من ضمان نزاهة الانتخابات المقبلة، تدخلت الهيئة حتى يميل الاقتراع لصالح سعيّد.
حاولت الهيئة التشكيك في مصداقية أحكام الطعن الصادرة عن المحكمة الإدارية من خلال تقديم التماس لاستبعاد القضاة – وهي محاولة واهية رفضتها المحكمة في 31 أوت/آب. كما تقدمت بعدة شكاوى، بعضها أدى إلى إدانات، ضد المعارضين السياسيين للرئيس سعيّد أو منتقديه، ومنهم رئيسة “الحزب الدستوري الحر” عبير موسي.
يستعد التونسيون لانتخاب رئيس على خلفية زيادة قمع المعارضة، وإسكات وسائل الإعلام، واستمرار الهجمات على استقلال القضاء. شرعت السلطات منذ بداية الفترة الانتخابية في 14 جويلية/تموز بمقاضاة أو إدانة أو احتجاز ما لا يقل عن تسعة مرشحين محتملين. وخضع زمال، أحد المرشحين القلائل المؤكدين، للتوقيف في 4 سبتمبر/أيلول في انتظار محاكمته بتهمة تزوير التزكيات.
إجراء الانتخابات وسط مثل هذا القمع هو استهزاء بحق التونسيين في المشاركة في انتخابات حرة ونزيهة. ينبغي لهيئة الانتخابات التراجع فورا عن قرارها، وتنفيذ حكم المحكمة الإدارية، ووقف تدخلها السياسي في هذه الانتخابات.