تحالف حقوقي: الهجمات على حرية التعبير في لبنان بتوقيف فنان كوميدي بسبب نكت نقدية

الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – استنكر “تحالف الدفاع عن حرية الرأي والتعبير في لبنان” إن قيام السلطات اللبنانية بتوقيف الممثل الكوميدي البارز نور حجار والتحقيق معه بناءً على عروضه الكوميدية ونكته فقط.

ووصف التحالف هذا الفعل بأنه يشكل تصعيدًا جديدًا في قمع الانتقاد العلني وحرية الرأي والتعبير في لبنان.

هذا وطالب التحالف السلطات القضائية اللبنانية بالامتناع عن الادّعاء على حجار وغيره ممَن تتم ملاحقتهم فقط بسبب التعبير السلمي عن آرائهم.

ودعا أيضاً إلى التوقف عن استخدام القوانين المتعلقة بتجريم التحقير والقدح والذم للحد من انتقاد السلطات السياسية، والدينية، والعسكرية في البلاد.

قالت غيدة فرنجية، مسؤولة التقاضي الاستراتيجي في “المفكرة القانونية”: “تؤدي الكوميديا وظيفة اجتماعية هامّة”.

وأضافت فرنجية: “يجب أن يُمنح الكوميديون أوسع حماية قانونية، بخاصّة عندما ينتقدون السلطات أو الممارسات العامة أو الدينية، في بلد يحكمه الإفلات من العقاب”.

استجوبت النيابات العامّة حجار خلال الأسبوع الماضي فيما يتعلق بقضيتين منفصلتين.

في 25 أغسطس/آب، استدعت النيابة العامّة العسكرية حجار للتحقيق معه في مقر “الشرطة العسكرية” في الريحانية.

تبين لاحقاً أن الاستدعاء كان بسبب نكتة تلاها على المسرح بشأن تولي عناصر الجيش اللبناني وظائف إضافية كسائقي توصيل بسبب الأزمة الاقتصادية وانخفاض قيمة رواتبهم بالليرة اللبنانية.

بعد استجوابه، احتُجز حجار مؤقتًا وأُطلق سراحه بعد 11 ساعة، ليتم استدعاؤه مجددًا في 29 أغسطس/آب للتوقيع على سند إقامة.

في 29 أغسطس/آب، بحسب محامية حجار، أثناء مغادرته مقر الشرطة العسكرية، تم توقيفه من قبل عناصر تابعة لقسم المباحث الجنائية في قوى الأمن الداخلي.

تبين لاحقاً أن سبب التوقيف كان إخبار قدمه ضده عضو بارز في دار الفتوى، وهي أعلى مرجعية دينية تابعة للطائفة المسلمة السنية في لبنان.

وزعمت دار الفتوى أن المشهد الكوميدي الذي قدمه حجار على المسرح العام 2018 “يمس بمقدسات المسلمين” و”يعرّض السلم الأهلي للمخاطر”.

بحسب المادة 10 من قانون أصول المحاكمات الجزائية اللبناني، فإن مهلة مرور الزمن لملاحقة مثل هذه الأفعال تقتصر على ثلاث سنوات، وبالتالي، فإن المهلة كانت قد انقضت حين أوقف حجار، وفقًا لخبراء قانونيين.

بناءً على أوامر النائب العام التمييزي غسان عويدات، وهو أعلى مسؤول في النيابة العامة في لبنان، نقل العناصر حجار، من دون إبلاغ محاميته، إلى مقر المباحث الجنائية في وزارة العدل في بيروت، حيث استجوبوه لعدة ساعات.

بعد الاستجواب، احتُجز حجار مؤقتًا ولم يُطلق سراحه إلا في وقت لاحق من ذلك المساء، بعد أن تجمّع عشرات المتظاهرين أمام الوزارة للمطالبة بالإفراج عنه.

وتمكنت محامية حجار من حضور الاستجوابَين، في حين ما تزال القضيتان بحقّه عالقتَيْن حتى الآن.

ويأتي استدعاء حجار وسط تصاعد حملة السلطات اللبنانية على الخطاب المعارض، وفي ظل أزمة اقتصادية حادة، أفقرت معظم السكان.

في العام 2023 وحده، استدعت السلطات اللبنانية صحفيين، ومحامين، ومعلمين، والآن تستدعي فنانًا كوميديًا، لمجرد انتقاد ممارسات الحكومة والمسؤولين الرسميين.

في الوقت نفسه، لم تحقق السلطات اللبنانية أي تقدم في تطبيق إصلاحات اقتصادية، ومالية، وقضائية ضرورية.

في العام 2022، أدانت المحكمة العسكرية اللبنانية فنانة كوميدية أخرى، هي شادن فقيه، بتهمة المسّ بسمعة قوى الأمن الداخلي وتحقير عناصرها.

وحكمت المحكمة على شادن بدفع غرامة ردًا على مكالمة مسجلة أجرتها مع قوى الأمن الداخلي تضمنت مقلبًا فكاهيًا ونشرتها لاحقًا على الإنترنت.

يضمن الدستور اللبناني حرية التعبير (ضمن دائرة القانون) لكن قانون العقوبات يفرض في الوقت نفسه عقوبات تصل إلى ثلاث سنوات سَجن لتحقير الشعائر الدينية.

ويعاقب قانون القضاء العسكري تحقير العلم أو الجيش بعقوبة قد تصل إلى السجن ثلاث سنوات.

النصوص القانونية المتعلقة بتجريم التحقير والقدح والذم لا تحترم المعايير الدولية لحقوق الإنسان وتقيّد الحق في حرية التعبير بشكل غير مبرر.

طالب تحالف الدفاع عن حرية الرأي والتعبير في لبنان السلطات القضائية بإسقاط جميع دعاوى الحق العام المقامة بسبب التعبير السلمي.

ودعا التحالف مجلس النواب إلى إلغاء القوانين التي تجرّم الكفر، والقدح والذم، وازدراء الأديان، أو انتقاد السلطات السياسية، أو الدينية، أو العسكرية بشكل عاجل.

وناشد التحالف بعدم محاكمة المدنيين في المحاكم العسكرية، وألا تحتجز السلطات أشخاصًا بسبب الانتقاد السلمي على الإطلاق.

كما طالب المدعين العامين والأجهزة الأمنية بالامتناع عن استدعاء الأشخاص إلى التحقيق بسبب ممارسة حقهم في حرية التعبير.

وطالب التجالف أيضاً بالامتناع أيضًا عن تجاوز صلاحياتهم عبر الضغط على المشتبه فيهم لإزالة المحتوى الذي يُزعم أنه مسيء أو لتوقيع تعهدات قبل حصولهم على محاكمة عادلة.

بحسب لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، المعنية بتفسير العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية: “تشكل مضايقة شخص بسبب الآراء التي يعتنقها أو تخويفه أو وصمه بما في ذلك توقيفه أو احتجازه أو محاكمته أو سجنه، انتهاكًا” للعهد، الذي وقعه لبنان في 1972.

كما تقول اللجنة إن القوانين التي تمنع إشهار عدم احترام أحد الأديان أو نظام معتقدات ما، بما في ذلك القوانين التي تجرّم الكفر، لا تتماشى مع العهد.

قالت آية مجذوب، نائبة مديرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: “توقيف نور حجار هو أحدث مثال على استخدام قوانين التحقير والقدح والذم من قبل السلطات اللبنانية لتخويف المنتقدين ومضايقتهم، وخنق حرية التعبير في البلاد”.

وأضافت مطالبة: “ينبغي لمجلس النواب أن يلغي بشكل عاجل جميع القوانين التي تجرّم التحقير ويستبدل مواد القدح والذم بنصوص من القانون المدني”.

الموقعون:

ألِف – تحرّك من أجل حقوق الإنسان

تجمع نقابة الصحافة البديلة

الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات

سمكس

اللجنة الدولية للحقوقيين

المركز اللبناني لحقوق الإنسان

المفكرة القانونية

منظمة إعلام للسلام (ماب)

منظمة العفو الدولية

مؤسسة سمير قصير

مؤسسة مهارات

موقع “درج”

نواة للمبادرات القانونية

هيومن رايتس ووتش

قد يعجبك ايضا