زيارة نتنياهو تسلط الضوء على مخاطر مسؤولية المسؤولين الأمريكيين
قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” إن ظهور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام جلسة مشتركة لـ “الكونغرس” في 24 يوليو/تموز 2024 يسلط الضوء على استمرار توريد الولايات المتحدة الكبير للأسلحة للجيش الإسرائيلي رغم المزاعم الموثوقة بارتكاب إسرائيل جرائم حرب مستمرة.
وعلقت تيرانا حسن، المديرة التنفيذية لـ هيومن رايتس ووتش: “يعلم المسؤولون الأمريكيون جيدا الأدلة المتزايدة على ارتكاب القوات الإسرائيلية جرائم حرب في غزة، بما فيها على الأرجح باستخدام أسلحة أمريكية. ينبغي للمشرعين الأمريكيين أن يشعروا بقلق بالغ إزاء مخاطر المسؤولية المترتبة على الاستمرار في توفير الأسلحة والاستخبارات بناء على تأكيدات إسرائيل الواهية بأنها تلتزم بقوانين الحرب”.
في 2023، قدمت إدارة بايدن سياسة منقحة لتصدير الأسلحة التقليدية عدلت من نهجها، وخفضت متطلبات “مستوى اليقين المطلوب لرفض نقل الأسلحة إلى طرف ما” من “المعرفة الفعلية إلى مجرد ترجيح أن الأسلحة ستُستخدم لارتكاب جرائم، أو تسهيل ارتكاب انتهاكات القانون الدولي أو مفاقمة خطره”. تتطلب القوانين المحلية أيضا تقييم المخاطر قبل تقديم المساعدة الأمنية ووضع خطوط حمراء عندما لا يُسمح بالمساعدة.
مع ذلك، أبلغت إدارة بايدن الكونغرس في مايو/أيار بأن القوات الإسرائيلية تمتثل للسياسات والقوانين المحلية الأمريكية المتعلقة بنقل الأسلحة. في مارس/آذار، حذّرت هيومن رايتس ووتش و”أوكسفام” من أنه لا مصداقية لضمانات الحكومة الإسرائيلية لإدارة بايدن بأنها تفي بالشروط القانونية الأمريكية.
قدمت المنظمتان ملفا مشتركا إلى وزارة الخارجية يظهر انتهاكات القوات الإسرائيلية للقانون الإنساني الدولي، منها منع المساعدات الإنسانية وتنفيذ ضربات غير قانونية أدت إلى مقتل مدنيين.
هاجمت القوات الإسرائيلية على نحو غير مشروع المباني السكنية والمنشآت الطبية وعمال الإغاثة، وقيّدت عمليات الإجلاء الطبي، واستخدمت التجويع سلاحَ حرب في قطاع غزة، حيث يعاني حوالي 500 ألف شخص من نقص “كارثي” في الغذاء في ظروف شبيهة بالمجاعة. وقُتل أكثر من 38,600 فلسطيني، بحسب وزارة الصحة في غزة.
احتجزت السلطات الإسرائيلية آلاف الفلسطينيين وأساءت معاملتهم، مع استمرار ورود أنباء عن تعرضهم للتعذيب. في الضفة الغربية المحتلة، حيث قتلت القوات الإسرائيلية أكثر من 050 فلسطيني منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، هجّر المستوطنون والجنود تجمّعات سكانية فلسطينية بأكملها، فدمّروا كل منزل فيها، بدعم مفترض من السلطات الإسرائيلية العليا، وصادروا فعليا أراضي السكان.
حددت هيومن رايتس ووتش و”منظمة العفو الدولية” وعشرات التقارير الإعلامية، منها من “سي إن إن” و”إن بي آر” و”نيويورك تايمز” و”وكالة فرانس برس”، الأسلحة الأمريكية المستخدمة في الهجمات الإسرائيلية غير القانونية التي قتلت عشرات المدنيين وعمال الإغاثة.
في مايو/أيار، أعلن الرئيس بايدن أن الولايات المتحدة ستوقف شحنة واحدة على الأقل من الأسلحة التي تحتوي على قنابل زنة ألفي رطل، وقنابل زنة 500 رطل، ومقذوفات مدفعية إلى إسرائيل. في يوليو/تموز، أوضحت الإدارة أنها ستوقف فقط القنابل زنة ألفي رطل، وأنها سترسل القنابل زنة 500 رطل إلى إسرائيل. قالت إن “قلقها” يتعلق بـ”الاستخدام النهائي للقنابل زنة ألفي رطل، خاصة في حملة إسرائيل على رفح، التي أعلنوا أنهم ينهونها”.
في السنوات الأخيرة، حذر أساتذة قانون ومشرعون أمريكيون من أن الدعم الأمريكي للحملة العسكرية السعودية في اليمن – بما فيه بيع الأسلحة – قد يعرّض المسؤولين الأمريكيين إلى المسؤولية القانونية على جرائم الحرب.
في 2016، وفقا لتقارير إعلامية، أعرب مسؤولو وزارة الخارجية الذين يراجعون مبيعات الأسلحة إلى السعودية عن مخاوفهم من أن السوابق القضائية الصادرة عن المحاكم الدولية قد توفر سابقة لمسؤوليتهم.
وفي مسودة رسالة لم يرسلها إلى وزير الخارجية، خلص محامٍ في وزارة الخارجية إلى احتمالية اتهام مسؤولين أمريكيين بارتكاب جرائم حرب بسبب سلوك التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن.
في 2020، عند مناقشة مخاطر مبيعات الأسلحة المستمرة إلى السعودية، قالت أونا هاثاواي، أستاذة كلية الحقوق بـ “جامعة ييل” ومحامية في وزارة الدفاع في إدارة أوباما، لـ نيويورك تايمز: “لو كنت في وزارة الخارجية، كنت سأصاب بالهلع بشأن احتمال تحميلي للمسؤولية. أعتقد أن أي شخص متورط في هذا البرنامج يجب أن يتواصل مع محام. استمرار الولايات المتحدة في تقديم الدعم يضعها في وضع خطير جدا، نظرا لعدد المدنيين الذين قتلوا”.
في 2022، أرسل إليزابيث وارن وبيرني ساندرز ومايك لي، وهم أعضاء في “مجلس الشيوخ الأمريكي”، رسائل إلى وزارتي الدفاع والخارجية، داعين إلى “إجراء تحقيقات شاملة في التواطؤ الأمريكي المحتمل بإلحاق الضرر بالمدنيين في اليمن”.
قد تكون الدولة التي تساعد دولة أخرى أو جماعة مسلحة غير حكومية متواطئة في جرائم حرب وغيرها من المخالفات إذا كانت مساعدتها تساهم بشكل كبير وعن علم في الفعل غير المشروع. يمكن إثبات تورط أفراد في “المساعدة والتحريض” في جرائم الحرب بموجب القانون الدولي.
قالت هيومن رايتس ووتش إن على الولايات المتحدة وغيرها من موردي الأسلحة تعليق المساعدات العسكرية ومبيعات الأسلحة لإسرائيل.
وأكدت أنه ينبغي لإدارة بايدن استخدام نفوذها لدى إسرائيل لإنقاذ الأرواح، بما في ذلك عن طريق المساعدات العسكرية وفرض عقوبات محددة الهدف، للضغط على السلطات الإسرائيلية لتمكين توفير المساعدات الإنسانية والخدمات الأساسية، والتوقف عن ارتكاب الانتهاكات الجسيمة في غزة.