موريتانيا: سنوات من الانتهاكات في إطار ضبط الهجرة بدعم أوروبي – وخطوات أولى نحو الإصلاح

قالت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير جديد إن قوات الأمن الموريتانية ارتكبت انتهاكات خطيرة بين عامي 2020 وأوائل 2025 ضد المهاجرين وطالبي اللجوء، معظمهم من غرب ووسط أفريقيا. هذه الانتهاكات شملت التعذيب، الاغتصاب، الاعتقالات التعسفية، الطرد الجماعي، والاحتجاز في ظروف غير إنسانية.

التقرير، الواقع في 142 صفحة بعنوان “اتهموني بمحاولة الذهاب إلى أوروبا: انتهاكات ضبط الهجرة ونقل الاتحاد الأوروبي المسؤولية إلى موريتانيا”، وثّق شهادات مهاجرين احتُجزوا وضُربوا وأعيدوا قسرًا إلى الحدود، حيث تُركوا في مناطق نائية داخل مالي والسنغال.

ورغم خطورة هذه الانتهاكات، واصل الاتحاد الأوروبي وإسبانيا تمويل قوات الأمن الموريتانية وتجهيزها، باعتبار نواكشوط شريكًا رئيسيًا في ضبط “الطريق الأطلسي” للهجرة نحو جزر الكناري الإسبانية.

أبرم الاتحاد الأوروبي في 2024 اتفاقًا مع موريتانيا بقيمة 210 ملايين يورو لتقليص الهجرة غير النظامية، على غرار صفقات مماثلة مع تونس ومصر. كما عززت إسبانيا تعاونها المباشر مع نواكشوط، عبر نشر شرطة وحرس مدني إسبانيين على أراضي موريتانيا لدعم عمليات مراقبة الحدود.

تقول هيومن رايتس ووتش إن هذا التعاون “شجع الانتهاكات بدلًا من محاسبتها”، حيث نفذت القوات الموريتانية طردًا جماعيًا لعشرات الآلاف دون إجراءات قانونية، في انتهاك للقانون الدولي. وفي النصف الأول من 2025 وحده، طردت السلطات أكثر من 28 ألف مهاجر نحو الحدود مع مالي والسنغال.

وفي بعض الحالات، وثّقت المنظمة وجود قوات إسبانية أثناء عمليات اعتقال واحتجاز تعسفي لمهاجرين في موريتانيا. كما موّل الاتحاد الأوروبي تجديد مراكز احتجاز للمهاجرين، رغم تقارير متواترة عن سوء المعاملة داخلها.

اعتمد التقرير على مقابلات مع أكثر من 220 شخصًا، بينهم مهاجرون من السنغال وغينيا ومالي والكاميرون وسيراليون وليبيريا، ومسؤولون حكوميون وأمميون، إضافة إلى شهود وخبراء محليين.

إحدى الشهادات رواها ماركو غيبسون، وهو ليبيري اعتقله الجيش الموريتاني في ديسمبر/كانون الأول 2024 مع أكثر من 40 مهاجرًا أثناء محاولتهم مغادرة البلاد: “ضربونا بالعصي والسياط المطاطية… لم أرَ مثل هذا العنف من قبل.” بعد أيام من طرده إلى مالي، تعرضت المنطقة التي تُرك فيها لهجوم من جماعات مسلحة.

كما وصف مهاجرون آخرون ظروف الاحتجاز بأنها مزرية: نقص الطعام، غياب الرعاية الصحية، احتجاز مراهقين مع بالغين غرباء، وحالات من الاعتداء الجسدي والجنسي على أيدي الحراس.

إصلاحات أولية من جانب موريتانيا

في مواجهة هذه الانتقادات، ردت الحكومة الموريتانية بأنها ترفض “مزاعم التعذيب أو التمييز المنهجي”، مشيرة إلى إجراءات إصلاحية اتُخذت مؤخرًا، بينها حظر الترحيل الجماعي واعتماد إجراءات تشغيل قياسية جديدة في مايو/أيار 2025 لضمان حقوق المهاجرين أثناء إنزالهم واحتجازهم.

كما أكدت المفوضية الأوروبية أن شراكتها مع موريتانيا “ترتكز على احترام الحقوق”، مشيرة إلى دعمها لهذه الإجراءات الإصلاحية.

قالت لورين سيبرت، باحثة حقوق اللاجئين والمهاجرين في هيومن رايتس ووتش: “لسنوات، تبنت السلطات الموريتانية نهجًا تعسفيًا في ضبط الهجرة، لكن الإصلاحات الأخيرة تظهر أن التغيير ممكن. ينبغي تكثيف مراقبة قوات الأمن ووقف الطرد الجماعي.”

وشدد التقرير على أن التعاون المستقبلي بين موريتانيا والاتحاد الأوروبي يجب أن يركز على إنقاذ الأرواح وضمان الحقوق، بدلًا من السياسات الأمنية القمعية التي تفاقم معاناة المهاجرين وتزيد من الوفيات في الطريق الأطلسي.

قد يعجبك ايضا