منع الكاتب البارز والمدافع عن حقوق الإنسان الإيراني عماد الدين باقي من السفر
لا يزال المدافع عن حقوق الإنسان والمحامي والكاتب وعضو المجلس الاستشاري لمركز الخليج لحقوق الإنسان عماد الدين باقي ممنوعاً من السفر بعد أكثر من عقد ونصف، وقد تم اقتحام منزله أيضاً مؤخراً.
إن “باقي” هو مؤسس ورئيس لجنة الدفاع عن حقوق السجناء، وحائز على جائزة مارتن إينالز للمدافعين عن حقوق الإنسان لعام 2009، وكذلك حائز على جائزة حقوق الإنسان للجمهورية الفرنسية لعام 2005، وعدة جوائز أخرى. ونادى منذ الثمانينات بتحسين حالة حقوق الإنسان بشكل سلمي في إيران.
بتاريخ 28 يناير/كانون الثاني 2021، تمت مداهمة منزله، الواقع في العاصمة طهران، من قبل 11 شخصاً برفقة امرأة بدون أن يكون لديهم قرار محكمة قانوني بالتفتيش، وقاموا بمصادرة هواتفه النقالة وحواسيبه الشخصية التي تحوي كتاباته التي أمضى سنين طويلة من العمل الشاق لتكملتها.
بالرغم من مراجعاته المستمرة للسلطات الأمنية المختصة إلا إنها رفضت إعادة أجهزته الشخصية له.
في تصريحاتٍ أدلى بها باقي مساء نفس اليوم إلى “انصاف نيوز”، وهو موقع إخباري مرخص داخل إيران، ذكر ما يلي: ” لقد جاءوا إلى بابنا في الصباح، واتصلوا وقالوا لدينا رسالة من مكتب المدعي العام”.
ويضيف في تصريحاته: “لأنني لم تُوجه ضدي تهمة وكذلك لا توجد أية أوليات كنت أعتقد أن عملهم كان مخالفاً للقانون وبموجب قانون الإجراءات القضائية ليس لديهم الحق في إجراء هذا التفتيش”.
وأضاف بأنهم أخذوا معهم، “جهاز الحاسوب والحاسوب المحمول وثلاثة هواتف. كان لديهم ورقة مطبوعة تحوي مشخصات هذه الأجهزة، مما يشير إلى أنهم ربما تمكنوا من الحصول على العناوين الإلكترونية لهذه الأجهزة بالتعاون مع وزارة الاتصالات.”
وقال في ختام تصريحاته، “لقد وعدوا بإحضار أجهزة الكمبيوتر والهواتف في فترة ما بعد الظهر، لكنهم للأسف لم يفوا بوعدهم. قلت لهم هذه خصوصيتي. كل كتاباتي ومواضيعي وأبحاثي موجودة على هذا الحاسوب وهي جريمة لأي مسؤول قضائي وأمني أن يراها.”
كذلك فقد تحدث باقي بتاريخ 29 يناير/كانون الثاني 2021، مع قناة بي بي سي فارسي التلفزيونية عن اقتحام منزله ومصادرة أجهزته الإلكترونية.
بتاريخ 01 فبراير/شباط 2021، نشر باقي على حسابه في تلكرام بياناً ذكر فيه: “للأسف وبخلاف القانون ايضاً لقد سيطروا على الوسائط الرقمية الخاصة بي وغيروا كلمة المرور للبريد الإلكتروني والموقع الإلكتروني الخاص بي.”
في 06 فبراير/شباط 2021، كتب مقاله على حسابه في تلكرام أيضاً بعنوان، “موضوع التفتيش واستغلال السلطة” ورد فيه ما يلي، “إن عمليات التفتيش هذه كانت لها آثار نفسية مدمرة طويلة المدى، لهذا السبب، لا يسمح القانون بالتفتيش إلا في حالات خاصة وفي ظل ظروف معينة، وإلا فإن التفتيش العملي يعتبر جريمة شديدة”.
وقال ايضاً: ” استولوا على حصيلة أكثر من عشرين عاماً من عملي، وجميع المستندات الرقمية لمنشورات زوجتي، بخلاف القانون… ودمروا أرشيفي البالغ من العمر 20 عاماً، والذي يعد مخالفاً للقانون ويخضع للمحاكمة.”
ذكر “باقي” في مقالته هذه أيضاً أن عملية التفتيش التعسفية كانت خلافاً لعدة مواد من قانون الإجراءات القضائية وبضمنها المواد 56 والمادة 146.
يبلغ “باقي” 59 سنة من العمر، وقد قضى عدة سنوات في السجن منذ سنة 2000، بما في ذلك مدة ستة أشهر بدأت في 28 ديسمبر/كانون الأول 2009، عندما ألقي القبض عليه خلال موجة من الاعتقالات مع مئات المواطنين المؤيدين للإصلاح بعد احتجاجات واسعة في طهران.
أثناء احتجازه، قضى خمسة أشهر من أصل الستة أشهر في الحبس الانفرادي، وكان يعاني من مشاكل في القلب والتنفس، فضلاً عن آلام الظهر الشديدة. وتم إطلاق سراحه بكفالة في 23 يونيو/حزيران 2010، لأسباب صحية، وبعد دفع كفالة تبلغ نحو 200 ألف دولار.
في 21 سبتمبر/أيلول 2010، تم استدعاء باقي من قبل الفرع 1057 من محكمة الثورة في طهران بشأن إغلاق لجنة الدفاع عن حقوق السجناء في عام 2009.
ثم أُبلغ أنه في 17 أغسطس/آب 2010، حُكم عليه الفرع 26 من محكمة الثورة بالسجن لمدة ست سنوات بتهمتي “الدعاية ضد الدولة” و “التواطؤ على أمن النظام” فيما يتعلق بمقابلةٍ تم بثها على قناة بي بي سي.
في 27 يوليو/ تموز 2010، حُكم عليه أيضاً من قبل الفرع 15 للمحكمة الثورية بالسجن لمدة عام وخمس سنوات من الحرمان من الأنشطة المدنية في قضية أخرى لقيادته لجنه الدفاع عن حقوق السجناء.
لقد ظل خارج السجن بكفالة حتى 05 ديسمبر/ كانون الأول 2010 عندما تم اعتقاله مرة أخرى، دون السماح له بزيارات عائلية على الرغم من وجود أدلة على استمرار تدهور صحته، أطلق سراحه في 20 يونيو/حزيران 2011، وبقي ممنوعاً من السفر منذ ذلك الحين.
إن مجموع سنوات السجن التي تم الحكم بها ضده 18 سنة ونصف السنة في قضايا مختلفة تتعلق بعمله السلمي في مجال حقوق الإنسان، لكن بسبب نقض الأحكام في مرحلة الاستئناف، فقد تحمل ما مجموعه 5 سنوات في السجن، قضى منها في الحبس الانفرادي عدة أشهر.
في 04 أكتوبر/تشرين الأول 2004، صادر مسؤولون إيرانيون جواز سفره بمطار طهران وتم منعه من مغادرة إيران. لقد أبلغه أحد عناصر أمن الدولة، دون إبداء أسباب، أن أمراً قضائياً يمنعه من السفر خارج البلاد.
كان من المقرر أن يحصل على جائزة الشجاعة المدنية من صندوق نورثكوت باركنسون، والتي تكرم “المقاومة الصامدة للشر بمخاطر شخصية كبيرة”، في حفل أقيم في نيويورك بتاريخ 12 أكتوبر 2024.
“باقي” متزوج من “فاطمة كمالي”، وأنجب منها ثلاثة بنات، من بينهم “مريم باقي”. في عام 2007، حُكم على “فاطمة كمالي” و”مريم باقي” بالسجن ثلاث سنوات مع وقف التنفيذ وخمس سنوات تحت المراقبة لحضورهما تدريب في مجال حقوق الإنسان بدبي قبل ثلاث سنوات.
كتب “باقي” العديد من الكتب في القضايا الدينية والتاريخية والاجتماعية، وعمل مدرساً جامعياً لمدة ثماني سنوات قبل أن يتم إخراجه تحت ضغط من السلطات.
وقد مُنع منذ ذلك الحين من تدريس في الجامعات. قامت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان بالتعاون مع الحملة الدولية لحقوق الإنسان في إيران، بطباعة كتابه “الحق في الحياة” باللغة العربية، وقام بترجمته المترجم “صادق العبادي”، حيث صدر عام 2008.
يُركز الكتاب على إيجاد مخرج من تطبيق عقوبة الإعدام، وتقع الدراسة في 145 صفحة، كما تتضمن 3 فصول، حاول فيها المؤلف طرح بدائل لعقوبة الإعدام.
استنكر مركز الخليج لحقوق الإنسان بأقوى العبارات استمرار استهداف مدافع حقوق الإنسان البارز “عماد الدين باقي” وفرض حظر السفر عليه ويطالب السلطات بالتوقف عن استهدافه والسماح له بالسفر وكذلك إعادة كافة أجهزته الإلكترونية له على الفور.
ان “باقي” هو مدافع شجاع قضى سنين طويلة في الدفاع عن حقوق السجناء المنسيين وأنقذ الكثيرين من عقوبة الإعدام مقدماً مساعداته التطوعية للعشرات من الأسر التي استطاع انقاذ أبنائها بجهوده الشخصية، وهذا كله يستدعي الاحتفاء به وتكريمه وليس التضييق عليه.