منظمتان حقوقيتان تطالبان بمراجعة قانون جهاز الأمن الوطني السوداني

الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – طالبت منظمتان حقوقيتان برلمان جنوب السودان بمراجعة “مشروع قانون تعديل جهاز الأمن الوطني”، الذي ينتظر البت فيه، لإنهاء الاعتقالات التعسفية وغيرها من الممارسات التعسفية التي يمارسها الجهاز.

فقد نشرت “منظمة العفو الدولية” و”هيومن رايتس ووتش” رسالة مشتركة إلى البرلمان تفصّلان فيها مواد القانون الإشكالية، بالإضافة إلى المواد الإيجابية.

قالت ماوسي سيغون، مديرة قسم أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “المراجعة المعمقة للثغرات الباقية في القانون الذي يحكم جهاز الأمن الوطني أمر بالغ الأهمية لردع الجهاز سيئ الصيت”.

وأضاف سيغون: “ينبغي للبرلمان ضمان أن القانون الذي ينتظر البت فيه يقيّد فعلا سلطات جهاز الأمن ويعزز الرقابة على أنشطته”.

قانون جهاز الأمن الوطني الحالي، الذي أُقر في 2014، يمنح الجهاز سلطات واسعة وبدون ضوابط تسمح له بارتكاب انتهاكات جسيمة والإفلات من العقاب، ما يولّد القمع والخوف ويغذيهما.

وثّقت هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية، ومنظمات حقوقية أخرى، مساهمة سلطة الجهاز الأمني الواسعة في تقليص الحيّز المدني.

قالت المنظمتان إن الجهاز يمارس سلطته بدون إشراف قضائي أو تشريعي يُذكر، ونادرا ما يُعاقَب عناصره على الانتهاكات، في حين تفتقر الحكومة إلى الإرادة السياسية للتصدي لهذه الممارسات المتفشية.

تسببت هذه الانتهاكات للعديد من الضحايا بمشاكل صحية بدنية ونفسية طويلة الأمد.

صاغت “اللجنة الوطنية للتعديل الدستوري” مشروع قانون تعديل التشريع الصادر في 2014، المعروض حاليا على البرلمان، كجزء من الإصلاحات التي بدأتها اتفاقية سلام العام 2018 المعاد تفعيلها.

أحيل مشروع القانون إلى وزارة العدل في 2019 ثم إلى رئاسة الجمهورية في أبريل/نيسان 2021 للبت فيه، بسبب عدم توافق أعضاء اللجنة على سلطة الجهاز في تنفيذ الاعتقالات.

في ديسمبر/كانون الأول 2022، أوصى وزير العدل مجلس الوزراء والرئاسة بتقييد سلطة الجهاز في توقيف المشتبه به واحتجازهم.

في 22 فبراير/شباط 2023، أفادت وسائل إعلام عديدة أن الرئاسة وافقت على إلغاء سلطة الجهاز في توقيف الأشخاص واحتجازهم، بمذكرة أو بدون مذكرة. في 9 مايو/أيار، أفادت وسائل إعلام أن مشروع القانون سيُعرض على البرلمان لقراءته الأولى في غضون أسبوعين، وقد انقَضَت هذه المدة.

قالت هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية إن مشروع القانون يتضمن سلسلة من المواد الإيجابية.

فهو يقدم مبادئ إرشادية قائمة على احترام حقوق الإنسان، ويحظر التعذيب والمعاملة القاسية وغير الإنسانية والمهينة؛ كما يحظر التوقيف أو الحبس من قبل عناصر الأمن.

ويمنح وزير العدل والمحاكم المدنية دورا أكبر في مقاضاة مسؤولي الأجهزة المتهمين بارتكاب جرائم.

لكن مشروع القانون ما يزال يحتوي على أحكام غامضة وفضفاضة من شأنها أن تسمح للجهاز بمواصلة انتهاك حقوق الإنسان، بحسب المنظمتين.

في حين أن مشروع القانون يلغي المادتين 54 و55 من قانون جهاز الأمن الوطني، اللتين تمنحان الجهاز سلطة الاعتقال بمذكرة أو بدونها، فهو يُبقي على سلطة الاعتقال “في حالة الطوارئ”، التي قد تؤدي إلى انتهاكات.

كما يسمح بالاعتقالات بدون مذكرة في المادة 57 منه، إذا اشتبه بارتكاب الشخص “جرائم ضد الدولة”. وقالت المنظمتان إنه ينبغي للبرلمان إلغاء سلطة الاعتقال هذه في مراجعة مشروع القانون.

علاوة على ذلك، في حين أن القسم 57 يمنح القضاة سلطة زيارة مواقع الاحتجاز، فإن هذا القسم، إذا قُرِأ مع القسم 13(15)، يسمح للجهاز باعتقال الأشخاص في ظروف معينة، ما يوحي بأن بإمكان الجهاز احتجاز الأشخاص.

قالت هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية إنه ينبغي للبرلمان أن يوضح أن ليس من صلاحيات الجهاز احتجاز المدنيين تحت أي ظرف كان.

ثمة إشكالية في تعريف “الجرائم ضد الدولة” الفضفاض في مشروع القانون بأنها “أي نشاط يستهدف تقويض… الحكومة” والإشارة إلى الجريمة ذاتها في قانون العقوبات لعام 2008، وهي أيضا غامضة.

استخدمت الحكومة في الماضي اتهامات ملفقة بارتكاب جرائم ضد الدولة لتقييد الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات، بما يشمل المعارضة السياسية السلمية، أو الانتقاد العلني لسياسة الدولة وأفعالها.

في الوقت نفسه، ينبغي لحكومة جنوب السودان أن تأمر بإغلاق جميع مواقع الاحتجاز غير المصرح بها التي يديرها جهاز الأمن، والإفراج عن المحتجزين أو تسليمهم إلى العناصر الشرعيين في الأجهزة الأمنية والقضائية لتوجيه التهم إليهم ومنحهم محاكمة عادلة.

ينبغي للسلطات أيضا الكشف عن مكان موريس مابيور أويكجيوك وحالته، وهو لاجئ من جنوب السودان نُقل من كينيا في أوائل مارس/آذار. أفيد أنه محتجز بمعزل عن العالم في مركز احتجاز البيت الأزرق التابع لجهاز الأمن.

قال تيغيري تشاغوتا، المدير الإقليمي لشرق وجنوب أفريقيا في منظمة العفو الدولية: “لتكون مساعي إصلاح جهاز الأمن مؤثرة، يجب أن تترافق بإجراءات لمحاسبة العناصر والضباط على انتهاكات الحقوق السابقة والمستمرة”.

وأضاف تشاغوتا: “ينبغي للسلطات ضمان محاسبة أعضاء الأجهزة الأمنية، بمن فيهم كبار المسؤولين”.

قد يعجبك ايضا