منظمتان حقوقيتان: السعودية تنفذ موجة متصاعدة وغير مسبوقة من الإعدامات في العام 2025

قالت “هيومن رايتس ووتش” و”مركز الديمقراطية في الشرق الأوسط” اليوم إن السلطات السعودية تنفذ موجة متصاعدة وغير مسبوقة من الإعدامات في العام 2025 دون احترام الإجراءات القضائية الواجبة على ما يبدو.

وبحسب المنظمتين يثير إعدام الصحفي تركي الجاسر، المعروف بفضحه الفساد داخل العائلة المالكة السعودية، في 14 يونيو/حزيران، مخاوف من أن تكون الحكومة السعودية تستخدم عقوبة الإعدام لقمع المعارضة السلمية.

أعدمت السلطات السعودية 241 شخصا على الأقل في العام 2025 حتى 5 أغسطس/آب، ونُفِّذ 22 إعداما في الأسبوع الماضي وحده، وفقا لمنظمة “ريبريف” الدولية لحقوق الإنسان. وأفادت المنظمة أن عدد الإعدامات في العام 2025 سيتجاوز جميع الأرقام القياسية السابقة إذا استمرت بالمعدل نفسه.

قالت جوي شيا، باحثة السعودية والإمارات في هيومن رايتس ووتش: “استخدمت السلطات السعودية نظامها القضائي سلاحا لتنفيذ عدد مرعب من الإعدامات في العام 2025. ارتفاع الإعدامات ما هو إلا أحدث دليل على الحكم الاستبدادي الوحشي لولي العهد الأمير محمد بن سلمان”.

الخروقات المتفشية للإجراءات القانونية الواجبة والانتهاكات المنهجية ضد المتهمين في المحاكم ونظام العدالة الجنائية في الممكلة تجعل من المستبعد للغاية أن يكون أي من الذين أُعدموا في العام 2025 قد نالوا محاكمة عادلة. ومنهم 162 شخصا أعدموا بتهم متعلقة بالمخدرات لا تشمل القتل، وأكثر من نصف الذين أُعدموا كانوا من الرعايا الأجانب، بحسب ريبريف. وكان الجاسر أول صحفي تعدمه السلطات السعودية منذ قتل جمال خاشقجي في أكتوبر/تشرين أكتوبر 2018. ويشترط القانون السعودي أن يوافق الملك أو ولي العهد على جميع أحكام الإعدام.

كان الجاسر، الذي كان في أواخر القعد الرابع من عمره، كاتبا وصحفيا ومدونا سعوديا بارزا. كتب في صحيفة “التقرير” المستقلة التي دافعت عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، والتي أغلقتها السلطات السعودية في سبتمبر/أيلول 2015. كان الجاسر يدير حساب “كشكول” الشهير على منصة “إكس”، الذي كان يكشف بانتظام عن الفساد وانتهاكات حقوق الإنسان المرتبطة بالعائلة المالكة السعودية. أُغلق الحساب بعد وقت قصير من اعتقال الجاسر في العام 2018.

في 14 يونيو/حزيران، أصدرت وزارة الداخلية بيانا أعلنت فيه إعدام الجاسر، متهمة إياه بارتكاب “عدد من الجرائم الإرهابية”، منها “زعزعة أمن المجتمع واستقرار الدولة”. لم تقدم السلطات تفاصيل أو أدلة على هذه الجرائم المزعومة.

وقد أحاطت السرية باعتقال الجاسر، واعتقاله، ومحاكمته، وإعدامه. زارته عائلته قبل وقت قصير من إعدامه، لكنها لم تتلقَّ أي معلومات أو مؤشرات على أنه حُكم عليه بالإعدام أو أن إعدامه وشيك، بحسب ما أفاد به مركز الديمقراطية في الشرق الأوسط. لم تستلم عائلة الجاسر جثته.

في مارس/آذار 2018، داهمت السلطات السعودية منزل الجاسر وصادرت أجهزته الإلكترونية واعتقلته خلال حملة قمع واسعة ضد المعارضين. احتجزت السلطات الجاسر في سجن الحائر سيئ السمعة، حيث تعرض للتعذيب بحسب الزعم. لا تتوفر أي معلومات عن محاكمة الجاسر: لم يتمكن أي من أفراد أسرته أو محاميه من حضورها، ولم يتسلم أحد أي وثائق قضائية تتعلق بقضيته. ومن غير الواضح ما إذا كان الجاسر نفسه قد تلقى أي وثائق قضائية تتعلق بقضيته.

يعتقد نشطاء سعوديون أن إعدام الجاسر تم عمدا في اليوم التالي لهجوم إسرائيل على مواقع عسكرية ونووية إيرانية رئيسية، حين كان يفترض أن وسائل الإعلام الإقليمية والدولية غير مركزة على الأحداث في السعودية.

إعدام الجاسر هو أحد حالتين على الأقل من الإعدامات الأخيرة التي يشتبه نشطاء في أن عقوبة الإعدام استُخدمت فيها لقمع المعارضة.

في 27 فبراير/شباط 2024، أعدمت السلطات السعودية عبد الله الشمري، المحلل السياسي السعودي المتخصص في تركيا. في بيان أعلن فيه عن الإعدام، اتهمت وزارة الداخلية الشمري بارتكاب جرائم إرهابية مختلفة، منها “خيانة وطنهم وتهديد استقراره وتعريض أمنه للخطر”. كان الشمري يلتقي بانتظام مع صحفيين من وسائل إعلام بارزة وظهر كمعلق سياسي على شاشات التلفزيون.

في يوليو/تموز 2023، أدانت محكمة الإرهاب السعودية، “المحكمة الجنائية المتخصصة”، المدرّس السعودي المتقاعد محمد الغامدي بجنايات عدة تتعلق حصرا بتعبيره السلمي على الإنترنت. حكمت عليه بالإعدام، مستخدمة تغريداته، وإعادة تغريداته، ونشاطه على “يوتيوب” دليلا ضده. خُفِّفت عقوبته لاحقا إلى 30 عاما في السجن.

كما يسعى المدعون العامون السعوديون إلى فرض عقوبة الإعدام على عالم الدين الإسلامي البارز سلمان العودة بتهم غامضة متعددة تتعلق بتصريحاته السياسية السلمية وانتماءاته ومواقفه، وكذلك على المفكر الإصلاحي الديني حسن فرحان المالكي بتهم غامضة تتعلق بأفكاره الدينية السلمية.

قالت هيومن رايتس ووتش ومركز الديمقراطية في الشرق الأوسط إن هذه الحالات تبرز هذه استخدام السلطات السعودية عقوبة الإعدام بشكل متزايد سلاحا لقمع حرية التعبير في المملكة.

انتقدت هيومن رايتس ووتش ومركز الديمقراطية في الشرق الأوسط مرارا الانتهاكات الجسيمة في نظام العدالة الجنائية في السعودية، بما في ذلك الاحتجاز المطول دون تهمة أو محاكمة، والحرمان من المساعدة القانونية، واعتماد المحاكم على اعترافات انتزعت تحت التعذيب كأساس وحيد للإدانة. وقالت المنظمات إن انتهاكات حقوق المتهمين جذرية ومنهجية لدرجة أنه من الصعب التوفيق بين نظام العدالة الجنائية السعودي ونظام قائم على المبادئ الأساسية لسيادة القانون والمعايير الدولية لحقوق الإنسان.

أعدمت السلطات السعودية 81 رجلا في 12 مارس/آذار 2022، في أكبر إعدام جماعي في المملكة منذ سنوات، على الرغم من وعود القيادة بالحد من استخدام عقوبة الإعدام. قال نشطاء سعوديون لـ هيومن رايتس ووتش إن 41 من الرجال ينتمون إلى الأقلية الشيعية في البلاد، التي طالما واجهت تمييزا منهجيا من قبل الحكومة. في يناير/كانون الثاني 2016، أعدمت السلطات 47 رجلا بتهم متعلقة بالإرهاب. وفي أبريل/نيسان 2019، أعدمت السلطات 37 رجلا، بينهم 33 شيعيا على الأقل، بعد إدانتهم في محاكمات جائرة بتهم مختلفة، منها جرائم متصلة بالاحتجاج والتجسس والإرهاب.

تُلزم المعايير الدولية لحقوق الإنسان، بما فيها “الميثاق العربي لحقوق الإنسان” الذي صادقت عليه السعودية، الدول التي تطبق عقوبة الإعدام ان تقتصر في استخدامها على “أخطر الجرائم” وفي ظروف استثنائية. أصدرت “مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان” بيانا في نوفمبر/تشرين الثاني 2022 بشأن المعدل المقلق للإعدامات في السعودية بعد أن أنهت وقفا غير رسمي لمدة 21 شهرا لاستخدام هذه العقوبة في جرائم المخدرات.

قال عبد الله العودة، مدير أول لمكافحة الاستبداد في مركز الديمقراطية في الشرق الأوسط: “السعودية تعدم خلف الأبواب المغلقة نشطاء وصحفيين سلميين عقب محاكمات مسيّسة. هذا القتل برعاية الدولة انتهاك لحقوق الإنسان الأساسية وكرامته، ولا يمكن للعالم أن يتجاهله”.

قد يعجبك ايضا