منظمة حقوقية: العشرات من النشطاء الأماراتيين تعرّضوا لجريمة الاختفاء القسري

اليوم العالمي لضحايا الاختفاء القسري، يستمرّ العشرات من من أبناء الإمارات في دفع ثمن جرائم قوات جهاز الأمن الإماراتي التي أدت بهم إلى السجون ثم إلى محاكمات افتقرت لمعايير المحاكمات العادلة.

أكد المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان أن جريمة الاختفاء القسري التي تعرّض لها النشطاء مازلت تفلت من العقاب حيث لم يتم فتح تحقيقات جدية فيها ولم تقع محاسبة المسؤولين عنها وعن كل الانتهاكات التي انجرت عنها.

قانون الإجراءات الجزائية الإماراتي في المادة 47 ينص على ضرورة إحالة المحتجزين على النيابة العامة في غضون يومين. إلا أن قانون جهاز أمن الدولة الإماراتي لعام 2003 يمنح ضباط أمن الدولة صلاحيات واسعة لاحتجاز الأشخاص لفترات طويلة دون أي تدقيق قضائي.

من جهة أخرى تسمح المادة 28 من قانون جهاز أمن الدولة، عند قراءتها مقرونة بالمادة 14، لرئيس جهاز أمن الدولة باحتجاز أي شخص لمدة 106 أيام “إذا كان لديه من الأسباب المعقولة” أن الشخص متورط ضمن أمور أخرى منها في “المساس بسلامة وأمن الدولة… أو… بسلامة الوحدة الوطنية” أو “أعمال تخريبية أو… أي نشاط ضار باقتصاد الدولة” أو “كل ما من شأنه إضعاف مركز الدولة وإثارة العداء ضدها أو زعزعة الثقة بها”.

بالنظر للمادة 14 (5) من “الميثاق العربي لحقوق الإنسان”، التي تنص على أن “يقدم الموقوف أو المعتقل بتهمة جزائية أمام أحد القضاة أو أحد الموظفين المخولين قانونا مباشرة وظائف قضائية، ويجب أن يحاكم خلال مهلة معقولة أو يفرج عنه”، فإن قانون جهاز أمن الدولة ينتهكها بشكل واضح. حيث أن هذا القانون يُعرّض الأشخاص لخطر الاختفاء القسري وبالتالي للتعذيب.

تنص المادة 5 من “الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري لعام 2006″على أنه: “تُشكل ممارسة الاختفاء القسري العامة أو المنهجية جريمة ضد الإنسانية كما تم تعريفها في القانون الدولي المطبق وتستتبع العواقب المنصوص عليها في ذلك القانون”. لم تُوقع الإمارات على الاتفاقية أو تصدق عليها بعد.

لاتزال حكومة الإمارات تراوح مكانها في مسألة التوقيع على اتفاقية حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري خلافا لما تعهّدت به حين الاستعراض الدوري أمام مجلس حقوق الإنسان لسنة 2013.

كما لم تنضم للبروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغير ذلك من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة والتي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر 2002 ولازالت تتحفظ على بند الشكاوى في اتفاقية مناهضة التعذيب مما يحرم العديد من الضحايا من فرص التظلم واسترجاع الحقوق.

إذ أعلنت سلطات دولة الإمارات أنّها لا تعترف باختصاص لجنة مناهضة التعذيب كما أكدت أنها ليست معنية بالتسوية عن طريق التحكيم بينها وبين غيرها من الدول فيما يتعلّق بتفسير هذه الاتفاقية أو تنفيذها.

ويضاف إلى ذلك عدم مصادقة دولة الإمارات على العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

في 28 مارس 2017 أصدر الفريق العامل بالاختفاء القسري بالاشتراك مع أصحاب ولايات آخرين نداء عاجلا حث فيه حكومة الإمارات العربية المتحدة على الكشف فورا عن مكان وجود المدافع عن حقوق الإنسان “أحمد منصور” والذي اعتقل من قبل جهاز أمن الدولة يوم 20 مارس 2017 على الساعة الثالثة فجر.

وقد قضى “أحمد منصور” سنة كاملة في مكان غير معلوم مع تعرضه للتعذيب وغياب محامي وقلة الزيارات قبل أن يحال على المحاكمة بتاريخ مايو 2018 ويحاكم بالسجن لمدة 10 سنوات وغرامة قدرها مليون درهم إماراتي (حوالي 270 ألف دولار أمريكي) بسبب نشاطه الحقوقي على شبكات التواصل الاجتماعي.

تعمّدت سلطات دولة الإمارات في الأشهر الأخيرة توظيف معتقلين سياسيين من أجل تبرئة دولة الإمارات مما ينسب لها من انتهاك لحقوق الإنسان وحط من كرامة المعتقلين وهو ما حصل مع المعتقل السياسي عبد الرحمن بن صبيح والذي ظهر على تلفزيون أبوظبي في 14 جويلية 2017 لينفي تعرّضه للاختطاف وللاختفاء القسري والتعذيب والمعاملة المهينة والمحاكمة الجائرة.

كما فعلت سلطات دولة الإمارات بالمثل مع المعتقل عيسى بن خليفة السويدي ضمن القضية المعروفة ب” إمارات 94 ” والذي ظهر على قناة دبي في 18 أوت 2017 ليفيد بالمعاملة الحسنة التي لقيها في السجن ولإدانة دولة أخرى.

ولم تقدّم سلطات دولة الإمارات أيّة إيضاحات بخصوص إخراج المعتقلين من سجنهما وإظهارهما في الإعلام وما إذا كان ذلك بأمر من النيابة العامة المشرفة على السجون أم بتعليمات من السلطة السياسية علما وأنّ المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان لم يعثر على مادة من مواد القانون الاتحادي بشأن المنشآت العقابية يجيز إظهار سجين ليدلي باعترافات على شاشة التلفزيون.

وأكد المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان أنّ إدلاء سجينين سياسيين باعترافات على قنوات تلفزية يمثل انتهاكا جديدا لحقوق الإنسان ويرجح المركز تعرضهما للضغط والتهديد والتخويف من أجل تقديم هذه الشهادات المفبركة على شاشة التلفزيون.

المجرمون الذين انتهجوا سياسة الاختفاء القسري مسؤولون عن الزج بالعشرات من الحقوقيين المرموقين في دولة الإمارات وتعريضهم لمخاطر التعذيب وسوء المعاملة في ظل غياب آليات التحقيق، والمحاسبة، والعقاب.

إنه من المؤسف والخطير أن تفتقد دولة الإمارات لقضاء ونيابة يعملان طبق مبادئ الأمم المتحدة ذات الصلة وأهمها الاستقلالية والحياد والنزاهة ويضمنان حماية المواطنين من كل اعتداء ينال من حرمتهم الجسدية والأدبية ويوفران للضحايا الحق في الانتصاف وفي جبر الضرر.

ولم تهتم سلطات دولة الإمارات القضائية بما أثاره النشطاء السياسيون والحقوقيون والمدونون أثناء محاكمتهم من تعرّضهم للاختفاء القسري والتعذيب وسوء المعاملة ولم تبادر بالتحري حول هذه الادعاءات لتعيين المسؤولين عن ذلك وبغاية إنصاف الضحايا.

كما لم تباشر النيابة العامة إجراء تفتيش على مراكز الاحتجاز منعا لكل انتهاك يطال كرامة المحتجزين وهو ما يقيم الدليل على تبعية القضاء والنيابة العامة لجهاز أمن الدولة وللسلطة التنفيذية عموما.

هذا فضلا عن ملاحقة سلطات دولة الإمارات قضائيا لكل من يكشف عن وجود تعذيب واختفاء قسري على معنى القانون الاتحادي رقم 5 لسنة 2012 في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات وقانون العقوبات الإماراتي.

المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان يعبر عن قلقه واستنكاره لانتهاج سلطات دولة الإمارات لسياسة الإخفاء القسري ضد كل من عارض سياساتها دون احترام للمواثيق والعهود الدولية.

كما يذكر بتوصيات المفوض السامي لحقوق الإنسان الصادرة بتاريخ 7 أغسطس 2018 والتي حث فيها دولة الإمارات على التحقيق في مزاعم التعذيب والإفراج فورا عن كل الذين اعتقلوا تعسفيا ومن بينهم أحمد منصور وناصر بن غيث وتيسير النجار وأسامة النجار وإلغاء السجون السرية والاعتقال بمعزل عن العالم.

الإفراج دون تأخير عن كلّ الذين تحتجزهم دولة الإمارات في سجونها وفي غيرها من مراكز الاحتجاز من الناشطين السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والمدونين والكفّ عن انتهاك حقوقهم في الأمان الشخصي وحرية الرأي والتعبير والضمير والعقيدة والحق في التنظم والتجمع السلمي وفي محاكمة عادلة ومعاملة كريمة تحفظ آدميتهم.

فتح تحقيق سريع وجاد ومن قبل جهة مستقلة بخصوص ادعاءات الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي والتعذيب وسوء المعاملة داخل مراكز الاحتجاز الإماراتية والتي نالت من كرامتهم وسلامتهم الجسدية والنفسية ومحاسبة كلّ من يثبت تورطه في ذلك للحيلولة دون إفلاتهم من المساءلة والعقاب ومنعا لتكرارها وتمكين الضحايا من حقّهم في الإنصاف وجبر ضررهم والعمل على تأهيلهم وردّ الاعتبار لهم.

التعجيل بالمصادقة على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري وعدم التحفظ على أي مادة من موادها.

السماح للمقررين الأمميين الخاصين وفرق العمل الأممية والمنظمات الحقوقية الدولية بزيارة مراكز الاحتجاز الإماراتية لمعاينة مدى احترام سلطات دولة الإمارات العربية المتحدة للمعايير الدولية ذات الصلة وعدم نيلها من كرامة المحتجزين.

اقرأ أيضاً: تقرير حقوقي لـ”سام” بمناسبة اليوم الدولي لضحايا الإخفاء القسري في اليمن

قد يعجبك ايضا