منظمات حقوقية تطالب بمساءلة الحكومة المصرية على انتهاكاتها حقوق الإنسان
أعرب عدد من المنظمات الحقوقية عن قلقهم البالغ إزاء مواصلة الحكومة المصرية وجهاز مخابراتها جهودهم الحثيثة لاستهداف وإسكات المدافعين عن حقوق الإنسان.
وأعربت المنظمات أيضاً عن قلقها من وصول هذه الممارسات حتى لخارج حدود مصر ومهاجمة المعارضين وأهاليهم في الداخل والخاري.
دعت المنظمات حكومة الولايات المتحدة لإدانة هذه الممارسات. إذ كان موقع بوليتيكو قد نشر تقريرًا يشير إلى طلب قدمه رئيس المخابرات العامة المصرية “عباس كامل” لمسئولين أمريكيين، أثناء زيارته لواشنطن في يونيو الماضي، بسجن المدافع الأمريكي عن حقوق الإنسان “محمد سلطان”.
واستند رئيس المخابرات في طلبه لوثيقة مصرية غامضة الصياغة لا سند قانوني لها، زعم فيها موافقة الولايات المتحدة على استكمال “سلطان” ما تبقى من حكم بالسجن المؤبد، سبق وأصدرته السلطات المصرية بحقه، في سجن أمريكي.
وكان “سلطان” قد اعتُقل بشكل تعسفي في مصر في 2013، وتعرض أثناء اعتقاله للتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة، وأُدين في محاكمة بالغة الجور. وفي 2015، تفاوضت إدارة أوباما على إطلاق سراحه وعودته إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
في هذا السياق، فقد حثت المنظمات إدارة “بايدن” التأكيد علنًا أنه لن يتم النظر في طلب الحكومة المصرية بسجن “سلطان” والذي يعاني منذ عودته للولايات المتحدة الأمريكية، من حملات التشهير المنهجية من جانب الحكومة المصرية والإعلام الموالي لها بسبب عمله في مجال حقوق الإنسان.
الحملات التشهيرية التي تقودها الدولة المصرية تصف “سلطان” زورًا بأنه إرهابي، أو عضو في جماعة الإخوان المسلمين، أو عميل لحساب أطراف أجنبية. وغالبًا ما تظهر هذه المزاعم في تصريحات الحكومة المصرية، وفي وسائل الإعلام التي ترعاها الحكومات في مصر والمملكة العربية السعودية.
في الوقت نفسه، أبلغ “سلطان” السلطات الأمريكية عن تعرضه للمراقبة والمضايقات والتهديدات من جانب المسئولين المصريين على الأراضي الأمريكية. وتعرض العديد من أفراد عائلته المتواجدة في مصر للاعتقال والمضايقة والاحتجاز بشكل متكرر فيما يبدو أنه انتقام لنشاطه.
وفي يونيو 2020، تم نقل والد “سلطان”، من سجن وادي النطرون حيثما كان معتقلًا، إلى مكان مجهول. ولا يزال “صلاح سلطان” مختفيًا قسرًا حتى وقت كتابة هذا البيان، لفترة تتجاوز العام.
تمثل حملة المضايقات والترهيب المنظمة بحق سلطان جزءً من حملة الحكومة المصرية الأوسع على الحقوق والحريات، بهدف وصم المدافعين عن حقوق الإنسان، على الصعيدين المحلي والخارجي، وتقويض فعالية عملهم.
وتقدم الوثيقة التي سلمها رئيس المخابرات المصرية للمسئولين الأمريكيين دليلًا لا جدال فيه على أن هذه الحملات تُنظم من أعلى مستويات الحكومة المصرية.
أثناء حملته الانتخابية، وعد “جو بايدن”، مرشح الرئاسة آنذاك، بـ”التوقف عن إصدار الشيكات على بياض للرئيس عبد الفتاح السيسي” مشيرًا لاستهداف سلطان على وجه التحديد.
ورغم ذلك، لم يعلن الرئيس “بايدن” أو وزارة الخارجية عن أي إجراءات محددة ستتخذها الإدارة؛ لمساءلة الحكومة المصرية على هذه الانتهاكات.
في سياق متصل، يحل بنهاية سبتمبر الموعد النهائي لصرف 300 مليون دولار من التمويل العسكري الأمريكي لمصر للعام 2020، ويشترط الكونجرس ضمن شروط هذا التمويل إحراز تقدم في وضع حقوق الإنسان في مصر، ولكنه الشرط الذي قد يتنازل عنه وزير الخارجية “أنطوني بلينكين” متحججًا بمصالح الأمن القومي الأمريكي.
وعليه، فقد حثت المنظمات وزير الخارجية على النظر لممارسات القمع المتواصلة على نطاق واسع للحقوق والحريات في مصر، وجهود السلطات المصرية لترهيب ووصم المدافعين عن حقوق الإنسان وغيرهم من منتقدي الحكومة السلميين في مصر والخارج، بما في ذلك في الولايات المتحدة. كما نطالبه بإرسال رسالة واضحة داعمة لحقوق الإنسان عن طريق عدم الإفراج عن التمويل الأمريكي، وكذا عدم التنازل عن شرط تحسين حالة حقوق الإنسان في مصر.
وفيما يناقش الكونجرس الأمريكي المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر للسنة المالية 2022، أكدت المنظمات الحقوقية على ضرورة تضمين شروط هذه المساعدات شرط واضح يلزم حكومة الرئيس “السيسي” باتخاذ إجراءات ملموسة في سبيل إنهاء الانتهاكات المنهجية وواسعة النطاق لحقوق الإنسان، ومنع إساءة استخدام المساعدات في ارتكاب الانتهاكات، ومحاسبة المسئولين الأمنيين على دورهم في مثل هذه الانتهاكات. ولا ينبغي التنازل عن هذه الاعتبارات تحت أي ظرف من الظروف.
إن أي رسالة أمريكية بخلاف هذه الإجراءات وما تتضمنه من رسائل قوية ستسمح للحكومة المصرية بمواصلة انتهاكاتها وضمان إفلاتها من العقاب، الأمر الذي يهدد الأرواح بشكل مباشر ويهدد العيش الكريم لملايين المصريين.
اقرأ أيضاً: استمرار سقوط ضحايا في السجون المصرية آخرها وفاة “محمود الهمشري”