منظمات حقوقية تطالب الإمارات بإطلاق سراح الناشط السياسي عبد السلام المرزوقي
طالبت منظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي (DAWN) السلطات الإماراتية بالإفراج عن الإصلاحي السياسي “عبد السلام محمد درويش المرزوقي”، 50 عامًا، المعتقل منذ 23 يوليو/تموز 2012.
وطالبت المنظمة أيضاً بالسماح لـ”المرزوقي” بالعودة إلى عائلته، التي لم يُسمح لها بالتواصل معه منذ خمس سنوات.
نشرت منظمة (DAWN) دراسة حالة مفصّلة عن “المرزوقي”، بما في ذلك معلومات جديدة حول اعتقاله التعسفي والتعذيب وسوء المعاملة أثناء الاحتجاز والمحاكمة الجائرة والمضايقات وانتهاكات الحقوق التي تعرض لها هو وعائلته من قبل السلطات الإماراتية.
كما كشفت منظمة (DAWN) عن معلومات لم تُنشر من قبل تحدد مسؤولي حكومة الإمارات المتورطين في تعذيب “المرزوقي” ومحاكمته وحث المجتمع الدولي على نبذهم.
قال “سيفاك كيشيشيان” – باحث في الشؤون الخليجية في منظمة (DAWN)- : “كان عبد السلام المرزوقي مُعلّمًا محترمًا وموظفًا عامًا وأبًا مُحبًا عندما اعتقلته قوات أمن الدولة الإماراتية بشكل تعسفي وأخفته وعذبته لما يقرب من ثمانية أشهر قبل محاكمته”.
وأضاف “كيشيشيان”: “وبدلًا من إطلاق سراحه ومحاسبة جلاديه، مثل أي محكمة قانونية حقيقية، حكمت عليه المحكمة العليا في الإمارات العربية المتحدة بالسجن لمدة 10 سنوات بالإضافة إلى 3 سنوات من المراقبة لمجرد أنه دعا إلى إصلاحات سياسية ملحّة”.
قام أفراد من أمن الدولة يرتدون ملابس مدنية وبدون مذكرة توقيف باعتقال “المرزوقي” حوالي الساعة 11 مساء 23 يوليو/تموز 2012 عندما كان في طريقه إلى منزله. ثم أحضروه مقيد اليدين إلى منزله لتفتيشه حوالي الساعة 2:00 من صباح 24 يوليو/تموز 2012.
احتجزت قوات أمن الدولة الإماراتية المرزوقي بمعزل عن العالم الخارجي في الحبس الانفرادي لمدة 21 يومًا، وفي مركز اعتقال سري لم يُكشف عنه، قبل السماح له بمكالمة قصيرة مدتها دقيقتان تقريبًا مع عائلته.
وُضِع المرزوقي في الحبس الانفرادي في مركز احتجاز سري طيلة الأشهر السبعة والنصف الأولى من اعتقاله قبل نقله إلى سجن الرزين في أبو ظبي في 9 مارس/آذار 2013، حيث لا يزال هناك.
في جلسة المحاكمة التاسعة في 7 مايو/أيار 2013، تحدث المرزوقي عن تعذيبه وسوء معاملته على أيدي سلطات السجن التي حرمته من التعرض لأشعة الشمس وممارسة الرياضة والملابس الملائمة والصحف والكتب والأقلام والورق.
كما حرمته إدارة السجن في مناسبات عديدة من النوم بتعريضه لإضاءة الفلورسنت الساطعة لساعات بلا توقف، وتعمد جعل درجة حرارة زنزانته شديدة البرودة.
هدده عناصر أمن الدولة وسلطات السجن بقطع دواء داء السكري والأدوية الأخرى عنه، كما هددوا زوجة المرزوقي وبناته بالسجن إذا أعلنوا عن ظروف احتجازه في الرزين أو انتقدوا أي مؤسسة حكومية أو أي مسؤول.
ومن بين المسؤولين المتورطين في محاكمة المرزوقي وتعذيبه واحتجازه اللاإنساني أحمد راشد الظنحاني، المحامي العام الأول المكلّف، الذي قاد قضية النيابة وطالب المحكمة بفرض “أقسى عقوبة” على المرزوقي وآخرين، والذي رفض في البداية السماح للمرزوقي بالاطلاع على “أدلة” النيابة ضده.
كما أشارت منظمة (DAWN) إلى دور القاضي محمد حمد عبد القادر من المحكمة الاتحادية العليا الإماراتية، الذي لم يحقق في مزاعم المرزوقي بالتعذيب ومدد حبس المرزوقي احتياطيًا خمس مرات، منها ثلاث مرات دون حضور المرزوقي أو محاميه كما يقتضي القانون، على الرغم من علمه أن أمن الدولة كان يحتجز المرزوقي في مركز احتجاز غير رسمي، في انتهاك للقانون الإماراتي.
كما وثقت منظمة (DAWN) دور القاضي فلاح الهاجري الذي قام مع القاضيين عبد الرسول طنطاوي وعبد القادر رسول بإدانة المرزوقي والحكم عليه مع 68 آخرين في نفس المحاكمة.
ومن بين المسؤولين المتورطين الآخرين، الرئيس السابق للمحكمة الاتحادية العليا القاضي عبد الوهاب عبدول والنائب العام السابق سالم سعيد سالم كبيش ووكيل أول نيابة أمن الدولة صقر سيف النقبي والنقيب علي سيف والضابطة غاية خلفان ومدير سجن الرزين سهيل مطر.
قال “كيشيشيان”: “إن أدوار هؤلاء المدعين العامين والقضاة وغيرهم من المسؤولين في إساءة معاملة المرزوقي تستحق الإدانة والازدراء في جميع أنحاء العالم، وعلى الحكومات والمنظمات منعهم من امتيازات السفر والمشاركة مع المجتمع الدولي.”
وأضاف “كيشيشيان”: “للأسف قد تستطيع حكومة الإمارات أن تفلت من العقاب على آلة القمع عبر شرعنة إجرائاتها حينما وظّفت أدوات من أمثال الظنحاني وعبد القادر وآخرين للمساعدة في القيام بهذه الانتهاكات”.
منعت السلطات الإماراتية المرزوقي وعائلته، بعد فترة وجيزة من اعتقاله، من الوصول إلى مدخراته التقاعدية. وفي ديسمبر/كانون الأول 2016، أبلغت القنصلية الإماراتية في بوسطن عائلة المرزوقي بأنهم لن يتلقوا بعد الآن المبالغ التي كان يتم صرفها لهم لعلاج إعاقة أطفال المرزوقي في مستشفى بوسطن للأطفال.
كما سحبت السلطات الإماراتية جنسية أبنائه في عام 2017 وصادرت بطاقة هوية ابنته، وهي فرد العائلة الوحيد المتبقي في الإمارات منذ يوليو/تموز 2016، ومنعتها من زيارة المرزوقي لأن سلطات السجن تطلب بطاقات هوية لزوار السجن.
ومنذ مايو/أيار 2017، منعت إدارة سجن الرزين جميع أفراد عائلة المرزوقي الموجودين في الخارج من الاتصال به أو تلقي مكالمات هاتفية منه.
قال “كيشيشيان”: “وكأن تعذيب المرزوقي وحبسه خلف القضبان لمدة عقد من الزمان لم يكن كافيًا، فقد عاقبت السلطات الإماراتية جميع أفراد أسرته لجعلهم جميعًا يعانون، وقامت بسحب جنسية الأبناء وجعلهم بدون جنسية”.
وأضاف “كيشيشيان”: “تحتاج حكومة الولايات المتحدة إلى فرض سياسة حظر خاشقجي على المسؤولين الإماراتيين الذين يتصرفون نيابة عن حكومة الإمارات العربية المتحدة في أنشطة مناهضة للمعارضين من خلال سحب جنسية أطفال المرزوقي وقطع المساعدة الطبية عن أبنائه الثلاثة عندما هربت الأسرة من الاضطهاد واتخذت من الولايات المتحدة ملاذًا”.
في سبتمبر/أيلول 2020، دعا جيم ماكغفرن، عضو الكونغرس الأمريكي الذي يمثل المنطقة الثانية من ولاية ماساتشوستس والرئيس المشارك للجنة توم لانتوس لحقوق الإنسان، إلى إطلاق سراح المرزوقي وقال إن حقوق المرزوقي الإنسانية “انتُهكت مرارًا وتكرارًا منذ اعتقاله بدون إذن قضائي في عام 2012.”
لم تقم الحكومة الإماراتية، وهي حليف مقرب للولايات المتحدة وتستفيد من الدعم السياسي والعسكري الأمريكي، بفعل أي شيء إزاء ذلك. تعتبر الإمارات أكبر سوق تصدير للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لمدة اثني عشر عامًا متتالية، وهي مستورد رئيسي للأسلحة الأمريكية.
واستفادت الإمارات، حتى أوائل هذا العام، من الدعم العسكري الأمريكي المباشر لحربها في اليمن وتواصل استخدام الأسلحة الأمريكية لارتكاب جرائم حرب في اليمن وليبيا. كما استفادت الإمارات من عدم وجود رقابة أمريكية على قمع المعارضة داخل حدودها وفي الشرق الأوسط بشكل عام، لا سيما في أعقاب انتفاضات “الربيع العربي.”
قال “كيشيشيان”: “إذا كانت إدارة بايدن جادة في تعزيز حقوق الإنسان والديمقراطية، فعليها أن تبدأ بإنهاء دعمها العسكري لـ” الحلفاء “من أمثال الإمارات أو مواجهة حقيقة أن ادعائاتها بدعم الديمقراطية والحقوق مثل اهتمام الإدارة السابقة سيئة السمعة في مثل هذه الملفآت”.
وأضاف “كيشيشيان”: “طالما استمرت معاناة أشخاص مثل المرزوقي في سجون الحكومات التي تحميها الولايات المتحدة، سيستمر النظر إلى السياسة الخارجية الأمريكية على أنها منافقة وليست ذات مبادئ وبدون قيم”.
دعت منظمة (DAWN) الجمهور إلى تقديم مزيد من المعلومات حول الجناة التالية أسماؤهم وغيرهم من المتورطين بشكل مباشر في انتهاك حقوق المرزوقي:
- المحامي العام الأول المكلّف أحمد راشد الظنحاني: قاد مرافعة النيابة وطالب المحكمة بفرض “أقسى عقوبة” على المرزوقي وآخرين. في البداية رفض السماح للمرزوقي بالاطلاع على “أدلة” النيابة ضده ومنع أسرته من زيارته.
- النائب العام السابق سالم سعيد سالم كبيش: أشرف على عمل الظنحاني في قيادة الملاحقة القضائية ضد المرزوقي والمتهمين الآخرين بسبب نشاطهم السلمي.
- وكيل أول نيابة أمن الدولة صقر سيف النقبي: هو المدعي العام الذي غض النظر عن مزاعم المرزوقي في التعذيب وقام بتمديد الحبس الاحتياطي للمرزوقي وأرغمه على توقيع وثائق تحتوي على “اعترافات” مزعومة دون السماح له بقراءة محتواها.
- القاضي محمد حمد عبد القادر: وهو قاضي بالمحكمة الاتحادية العليا لم يحقق في مزاعم المرزوقي بالتعذيب وقام بتمديد الحبس الاحتياطي للمرزوقي خمس مرات، ثلاث منها دون أن يطلب حضور المرزوقي أو محاميه كما يقتضي القانون على الرغم من علمه بأن أمن الدولة احتجز المرزوقي في مركز احتجاز غير رسمي، في انتهاك للقانون الإماراتي.
- القاضي عبد الوهاب عبدول: الرئيس السابق للمحكمة الاتحادية العليا في الإمارات الذي تجاهل استئناف محامي المرزوقي ضد تمديد حبس المرزوقي احتياطيًا.
- القاضي فلاح الهاجري: رئيس المحكمة الاتحادية العليا الذي أدان وحكم على المرزوقي و 68 آخرين، وتجاهل مزاعم التعذيب وسوء المعاملة.
- القاضي عبد الرسول طنطاوي: قاضي محكمة استئناف مصري وأحد قضاة الهيئة القضائية الثلاثة الذين أدانوا وحكموا على المرزوقي و 68 آخرين.
- القاضي عبد القادر رسول: العضو الثالث في الهيئة القضائية التي حكمت على المرزوقي و 68 آخرين. جنسيته غير معروفة.
- سهيل مطر: مدير سجن الرزين، حيث أصدر أوامر تعسفية بمضايقة وإساءة معاملة المحتجزين وعائلاتهم أثناء الزيارات.
- النقيب علي سيف: ضابط أمن الدولة الذي ألقى القبض على المرزوقي دون مذكرة توقيف وفتش منزله دون مذكرة تفتيش.
- الضابطة غاية خلفان: الشرطية الإماراتية التي قادت الوحدة النسائية عند تفتيش منزل المرزوقي.
اقرأ أيضاً: مرور قرابة عقد من الزمن على الحبس الجائر للمعارضين في قضية ’الإمارات-94‘