منظمات حقوقية تدعو الدوري الممتاز والحكومة البريطانية إلى الحد من استحواذ الدول على أندية كرة القدم
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – راسلت خمس منظمات حقوقية الدوري الممتاز والحكومة البريطانية احتجاجاً على الزيادة في استحواذ دول الخليج على أندية الدوري الممتاز.
ودعت المنظمات التي تركز على حالة حقوق الإنسان في دول الخليج إلى حظر ذلك الاستحواذ وإلغائه تدريجيا من كرة القدم الإنجليزية قبل الموسم الجديد للدوري الإنجليزي الممتاز الذي يبدأ نهاية هذا الأسبوع.
هذا وأعربت المنظمات عن قلقها من منح السلطةُ السياسية والاجتماعية والثقافية المرتبطة بالاستحواذ على أندية الدوري الممتاز تلك الدولَ تأثيرا غير لائق.
يأتي هذا في ظل الاستحواذ على نيوكاسل يونايتد بقيادة السعودية وامتلاك إماراتيين بوجه خاص لنادي مانشستر سيتي، إضافةً إلى امتلاك سعوديٍّ لنادي شيفيلد يونايتد والاستحواذ القطري المحتمل على مانشستر يونايتد.
وطالبت بأن تكون غطاءً لها لمواصلة ارتكابها بشكل صارخ انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة.
ورحبت المنظمات غير الحكومية في رسالتَيها الموجهتين إلى المدير التنفيذي للدوري الإنجليزي الممتاز ريتشارد ماسترز، ووزارة الثقافة والإعلام والرياضة، ووزارة الأعمال والتجارة، بالتعزيز الأخير لاختبار مالكي ومديري أندية الدوري الممتاز.
فضلا عن الورقة البيضاء للحكومة البريطانية بشأن إصلاح إدارة النادي.
ومع ذلك، تشير إلى أنهما لا تحددان معايير موضوعية وقوية بما يكفي للاستحواذ على النادي، وأنهما لا توضحان ما إذا كانتا ستمنعان مستقبلا عمليات الاستحواذ الحكومي على نوادي الدوري الممتاز.
لذلك، دعت المنظمات رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز والحكومة البريطانية إلى تنفيذ الضمانات اللازمة لمنع استحواذ الأفراد أو الكيانات المعرضة لتأثير الجهات الفاعلة الحكومية عليها أو ذات الصلة بانتهاكات حقوق الإنسان، على أندية كرة القدم الإنجليزية.
وأوضحت المنظمات غير الحكومية أن صندوق الاستثمارات العامة السعودي استحوذ على نيوكاسل يونايتد في عام 2021 على الرغم من المخاوف المثارة بخصوص السجل الحقوقي للسعودية.
ويشمل التراجع المسجَّل في المجال الحقوقي منذئذ إعدام 196 شخصًا في عام 2022 (وهو أعلى معدل منذ عقود)، وصدور موجة من الأحكام بالسجن لفترات طويلة غير مسبوقة بحق أفراد على خلفية نشاطهم السلمي على الإنترنت، والانتهاكات الجارية المتصلة بمشروع نيوم العملاق.
وقالت دعاء دهيني، وهي باحثة في المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان: “إن التركيز النسبي على سجل حقوق الإنسان في السعودية أثناء الاستحواذ على نيوكاسل يونايتد تراجع إلى حد ما منذ ذلك الحين”.
وأضافت: “شاهدنا في المقابل استمرار سلسلة من الانتهاكات الحقوقية على أرض الواقع، بما فيها أحكام الإعدام بحق الجانحين الأحداث والعقوبات الحبسية المطولة بحق ناشطات في مجال حقوق المرأة مثل الطالبة في سلك الدكتوراه في جامعة ليدز سلمى الشهاب“.
ومع أن رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز برّرت الموافقة على استحواذ صندوق الاستثمارات العامة على النادي بتلقيه مسبقا “ضمانات ملزمة قانونا بأن المملكة العربية السعودية لن تسيطر على نادي نيوكاسل يونايتد”.
فقد شددت المنظمات غير الحكومية على أن صندوق الاستثمارات العامة جزءٌ لا يتجزأ من الدولة السعودية.
وأشارت إلى مقابلةٍ جرى الكشف عنها في الآونة الأخيرة مع محافظ صندوق الاستثمارات العامة ياسر الرميان. حيث صرح بأن القرارات التي يتخذها مجلس إدارة الصندوق قابلة للإلغاء من الملك السعودي.
إضافة إلى النزاعِ القانوني الذي وقع مؤخرا بين بي جي إي تاورز (PGA Tours) وليف غولف (LIV-Golf) المدعوم من الصندوق والذي وصف أثناءه محامو ليف غولف صندوقَ الاستثمارات العامة بأنه “أداة سيادية للمملكة العربية السعودية”.
وقالت لينا الهذلول، رئيسة قسم الرصد والمناصرة في منظمة القسط لحقوق الإنسان: “إن ‘الضمانات التي قدمها صندوق الاستثمارات العامة للدوري الممتاز بخصوص استقلاله عن الدولة السعودية لا تساوي الورقة التي كُتبت عليها”.
وإضافت: “إذ يكفي النظر إلى الشخص الذي يترأسه، وهو ولي العهد بنفسه الذي يمكنه الاعتراض على أي قرار لا يتفق معه”.
وتابعت الهذلول قائلة: “من الواضح أن اختبار مالكي الدوري الممتاز لا يصلح للغرض المنشود، وتوجد حاجة ماسة لمراجعته”.
وتتطرق الرسالتان أيضا لمالكي نادي مانشستر سيتي، مجموعة أبو ظبي المتحدة التي يشغل مالكها، الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، منصب نائب الرئيس ونائب رئيس مجلس الوزراء في الإمارات العربية المتحدة.
وعلى مدار 15 سنة منذ استحواذ مجموعة أبو ظبي المتحدة على النادي، انخرطت حكومة منصور في حملة قمعية مستمرة وشرسة على المعارضة داخل البلد.
واعتقلت العشرات من المنتقدين السلميين للحكومة والمناصرين للإصلاح، ولا يزال أغلبهم قيد الاحتجاز التعسفي.
وقال حمد الشامسي، المدير التنفيذي لـ مركز مناصرة معتقلي الإمارات: “في الوقت الذي يحتفل فيه مالكو مانشستر سيتي بالموسم الذي حققوا فيه ثلاثية تاريخية، يستمر الحبس الانفرادي للمدافعين الإماراتيين عن حقوق الإنسان مثل أحمد منصور لمجرد الدعوة سلميا إلى الإصلاح”.
وفي عام 2016، أوردت التقارير بأن السير ريتشارد ليز، رئيس مجلس مدينة مانشستر، وصف المستثمرين الإماراتيين بكونهم “شركاء نموذجيين”.
ومع ذلك، اتُّهم نادي مانشستر سيتي في الآونة الأخيرة بارتكابه أكثر من 100 انتهاك لقواعد الدوري الممتاز فيما يتعلق بمعلومات النادي المالية على مدى تسع سنوات، بما في ذلك عدم التقيد بقواعد اللعب المالي النظيف التي وضعها الاتحاد الأوروبي لكرة القدم.
ولفتت رسالتا المنظمات غير الحكومية الانتباه أيضا إلى مستثمرين آخرين تربطهم علاقات وثيقة بدول الخليج لهم صلات قوية بالفعل مع الدوري الممتاز، مما يعكس اتجاها متزايدا في هذا الصدد.
ويملك حاليا الأمير السعودي عبد الله بن مساعد آل سعود نادي شيفيلد يونايتد الذي سيلعب في الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم.
وتجري حاليا مناقشاتٌ مع الشيخ جاسم بن حمد بن جاسم آل ثاني، وهو أحد أفراد العائلة الحاكمة في قطر، للاستحواذ على مانشستر يونايتد، رغم السجل السيئ لقطر في مجال حقوق الإنسان.
وقال خالد إبراهيم، المدير التنفيذي لـ مركز الخليج لحقوق الإنسان: “إن السماح لجهات فاعلة حكومية ارتكبت انتهاكات جسيمة موثَّقة توثيقا جيدا في مجال حقوق الإنسان، مثل السعودية والإمارات وقطر، باستخدام كرة القدم الإنجليزية في الغسيل الرياضي يشكل خطرًا كبيرًا على نزاهة اللعبة الرائعة”.
وأضاف إبراهيم: “إذا لم يتخذ الدوري الإنجليزي الممتاز والحكومة البريطانية إجراءات متضافرة، فإن دولا أخرى ذات سجلات حقوقية مشبوهة مماثلة ستسعى إلى أن تحذو حذوها”.