منصة “زوم” للاتصالات المرئية تراقب الاتصالات وتعيق الحريات الأكاديمية
مع تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد، وتزايد الاعتماد على المنصات الإلكترونية مثل منصة “زوم” في التواصل اليومي، بدأت الرقابة تتخذ أشكالًا جديدة.
لا تعد الرقابة على أصوات النشطاء ظاهرة جديدة، فلطالما كانت تأخذ أشكالًا مختلفة في أماكن مختلفة.
ارتفعت شعبية منصة الاتصال المرئي الأمريكية “زوم” في الوقت الذي بدأ ملايين العاملين حول العالم بالعمل من منازلهم بدلاً من الذهاب إلى أماكن عملهم بسبب تفشي فيروس كوفيد – 19.
وبالرغم من ضمان حرية التعبير وفق التعديل الأول لدستور الولايات المتحدة، تمارس الشركة عدة أساليب تقييدية على بعض النشطاء، من خلال إلغائها البث فجأة عبر منصتها على سبيل المثال، أو إزالة التسجيلات المؤرشفة عندما يعتبر المتحدثون مرفوضين من قبل الداعمين الماليين أو الحكومات القوية مثل حكومتي إسرائيل والصين.
في إحدى الحالات البارزة، ألغت منصة “زوم” ندوتين إلكترونيتين كانتا برعاية جامعة سان فرانسيسكو وجامعة هاواي، واستضافتا الناشطة الفلسطينية “ليلى خالد”. حيث رفضت المنصة استضافة الندوات الإلكترونية بعد ضغوطٍ من جماعات الضغط الإسرائيلية واليهودية، بما في ذلك جماعة “لوفير بروجيكت”.
وكان من المقرر أن تلقي “خالد” ندوة بعنوان “روايات مَن؟ النوع الاجتماعي، والعدالة، والمقاومة”، كجزء من يوم العمل الوطني الذي نظمته الحملة الأمريكية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل.
بعد إلغاء المنصة للندوة، تم بثها على منصتي “يوتيوب” و “فيسبوك” اللتان سرعان ما قامتا بحذف الفيديو أيضًا.
لم تكن هذه المرة الأولى التي تفرض فيها المنصات الإلكترونية وعمالقة شركات وسائل التواصل الاجتماعي الرقابة على المحتوى الفلسطيني على وجه التحديد. فخلال عام 2020، تم حذف حسابات 50 ناشطًا ومراسلًا فلسطينيًا من منصة “فيسبوك” بسبب اتهامهم بتهمٍ غير واضحة، وهي عدم الالتزام بـ “معايير المجتمع”.
وفي عام 2019، قامت شركة “فيسبوك” بإغلاق صفحة يديرها المركز الفلسطيني للإعلام، إلى جانب 59 صفحة أخرى، دون أي تفسير واضح.
كما حجب موقع “تويتر” حساب شبكة قدس الإخبارية، وقام تطبيق المراسلات “واتساب” بإغلاق حسابات العديد من الصحفيين الفلسطينيين.
في 4 يونيو 2020، حجبت منصة “زوم” حسابات النشطاء الصينيين المقيمين في الولايات المتحدة ممن كانوا ينظمون فعاليات لإحياء ذكرى “مذبحة ميدان السلام السماوي” عام 1989 في بكين،
ففي اليوم المقرر للفعاليات، تم إغلاق حساب “زوم” الخاص بـ “لي تشوك يان”، وهو ناشط مؤيد للديمقراطية في هونغ كونغ. وأفاد الناشط “وانج دان” أن حسابه قد أُغلق أيضًا. وقد هددت منصة “زوم” بمنع أية فعاليات أخرى ينظمها النشطاء الصينيون وتُعارض الحكومة الشيوعية في بكين.
زعم مسؤولو “زوم” أن الفعاليات لم تمتثل للقوانين المحلية، مشيرين كذلك إلى أنه عندما يتم استضافة البث في أكثر من دولة، على المشاركين في كلٍ منها الامتثال لقوانينهم الخاصة، حتى لو كانت تنتهك حقوق الإنسان الأساسية. ومع ذلك، لم توضح الشركة القوانين التي تم انتهاكها.
يجدر الذكر أن منصة “زوم تعد إحدى المنصات الإلكترونية المعدودة التي ما تزال متاحة للجمهور الصيني لمشاركة المعلومات، بسبب الضوابط التي تفرضها الحكومة منذ عام 2006، حيث لا يُتاح للصينيين استخدام منصات وسائل التواصل الاجتماعي مثل “فيسبوك” و “تويتر” و “يوتيوب”.
خلال جائحة كورونا، أصبحت “زوم” المنصة الرئيسة التي يتسخدمها الطلاب للحصول على الخدمات التعليمية والتواصل مع معلميهم وزملائهم فيما يتعلق بدروسهم، بسبب عدم قدرتهم على حضور الفصول الفعلية.
لذا، من المهم ألا تسيطر على البيئة التعليمية هي الأخرى سياسات القوة والتقييد، فيجب ضبط جميع أنواع الرقابة، ومنعها، والمعاقبة عليها، حيث يعد الحق المطلق في الحصول على المعلومات بما فيها كافة وجهات النظر أمرًا جوهريًا للحصول على تعليمٍ جيد وتنمية التفكير النقدي.
لذلك، يقع على عاتق الجامعات وغيرها من المؤسسات التعليمية حماية حق الطلاب وأعضاء هيئة التدريس في الحصول على المعلومات والحق في حرية التعبير، كما عليها أن ترفض التعامل مع المنصات التي لا تحذو حذوها.
من خلال حجبها روايات مجموعات شعبية معينة، تتواطئ الشركات الإعلامية متعددة الجنسية في الانتهاكات الإسرائيلية اليومية لحقوق الفلسطينيين والانتهاكات الأخرى التي ترتكبها حكومات قمعية بحق النشطاء والمعارضين.
مع ذلك، فإن المنصات الإلكترونية التي تُعنى بمصالحها التجارية مثل “زوم” و “فيسبوك” و “تويتر” لا تمتلك الحق القانوني للعمل كرقيب وتحديد المعلومات المسموح بتداولها.
حيث يقع على عاتق هذه المنصات أن تكون شفافة في سياساتها ومسؤولة أمام مستخدميها في حال انتهاك خصوصياتهم أو حقهم في حرية التعبير أو الحصول على المعلومات. لا ينبغي أن تحدث مثل هذه الانتهاكات دون تفسير علني وكفالة الحق في الاستئناف.
وبالمثل، يجب على الشركات مثل شركة “زوم” -خاصة تلك التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرًا لها والتي يحكمها دستور يحمي حرية التعبير- إدانة الحكومات الاستبدادية مثل حكومتي الصين وإسرائيل، بدلاً من التعاون معها لتقييد حقوق جماعات معينة، ومراجعة سياساتها لضمان منعهم من الرقابة الجغرافية أو الديموغرافية.
اقرأ أيضاً: دعوات لتحرك دولي للضغط على السعودية لإنهاء واقع السلطوية الرقمية