العفو الدولية تدين اجراء الجزائر أحكام جماعية بالإعدام تشوبها محاكمات جائرة
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – لجأت السلطات الجزائرية منذ أبريل/نيسان 2021 على نطاق واسع إلى استخدام المادة 87 مكرر من قانون العقوبات في البلاد لمقاضاة النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين بسبب “القيام بأفعال ارهابية”.
لم تنفذ الجزائر أي عمليات إعدام منذ 1993. بيد أنَّ البلد لم يلغ بعد عقوبة الإعدام أو يوقع ويصادق على البروتوكول الاختياري الثاني للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي يهدف إلى إلغاء عقوبة الإعدام.
أدانت منظمة العفو الدولية إنَّ محاكمات 54 شخصا حُكم عليهم بالإعدام بسبب الأحداث التي وقعت في منطقة القبائل، في شمال شرق الجزائر في أوت/آب 2021.
وقالت المنظمة أن هذه المحاكمات شابها انتهاكات لإجراءات المحاكمة العادلة وادعاءات بالتعذيب، حيث تضمنت قتل ناشط والتنكيل به، بينما تمّت مقاضاة ستة أشخاص على الأقل بسبب انتماءاتهم السياسية.
ومن بين الـ 54 الذين حكم عليهم بالإعدام في إطار إجراءات جماعية في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، أدين خمسة غيابيًا، أحدهم امرأة.
ووفقًا لقرار غرفة الاتهام في محكمة الجزائر العاصمة، الذي راجعته منظمة العفو الدولية، تمّت مقاضاة ستة من المحكوم عليهم بالإعدام على الأقل بسبب ارتباطهم بالحركة من أجل تقرير المصير في منطقة القبائل (ماك).
وقال خمسة من المحكوم عليهم بالإعدام للمحكمة إنهم تعرضوا للتعذيب أو سوء المعاملة أثناء الاحتجاز.
وقالت آمنة القلالي، نائبة مديرة مكتب الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية: “إنَّ السلطات الجزائرية، بلجوئها إلى عقوبة الإعدام في إجراءات جماعية موجزة عقب محاكمات بالغة الجور، لا تكشف عن ازدرائها التام للحياة البشرية فحسب، بل تبعث أيضًا برسالة مروعة بشأن كيفية تحقيق العدالة في الجزائر اليوم”.
وأضافت القلالي: “لا يمكن تبرير فرض عقوبة الإعدام أبدًا، بغض النظر عن الجريمة المرتكبة. ويجب إلغاء أحكام الإعدام وأحكام الإدانة القاسية هذه بصورة ملحّة”.
وتابعت: “كما يجب التحقيق على وجه السرعة في جميع مزاعم التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، والأمر بإعادة محاكمة جميع المدانين غيابيًا أو الذين تمّت مقاضاتهم بسبب انتماءاتهم السياسية”.
أدين الأفراد الـ 54 وحكم عليهم بالإعدام بتهم مختلفة – بما في ذلك القتل والإرهاب وإضرام النيران – على خلفية قتل الناشط جمال بن إسماعيل والتنكيل به في 11 أوت/أغسطس 2021.
وأدينوا أيضاً بإضرام النيران في نفس الشهر في منطقة القبائل في شمال شرق الجزائر، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 90 شخصًا.
فضلًا عن عضويتهم في الحركة من أجل تقرير المصير في منطقة القبائل. كما اتهموا بـ “التعذيب والتحريض عليه” و”التعدي بالعنف على رجال القوة العمومية” و”نشر خطاب الكراهية والتمييز”.
وواجه ما لا يقل عن 62 آخرين تهمًا مماثلة في المحاكمة ليصل العدد الإجمالي للمحاكمات في هذه القضية إلى 116.
وفي 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، برّأ القاضي 17 متهمًا، لكن حُكم على 28 متهمًا بالسجن لمدد تتراوح بين سنتين و10 سنوات. وقد استأنف محاموهم هذه الأحكام.
وفي قضيتين اثنتين على الأقل، لم تُخطر المحكمة المتهمين بالتهم الموجهة إليهم أو بوقت ومكان المحاكمة، في انتهاك للمعايير الدولية للمحاكمة العادلة.
وشملت الانتهاكات الأخرى لمعايير المحاكمة العادلة غياب تسعة شهود عن المحاكمة التي جرت خلف أبواب مغلقة بين 15 و24 نوفمبر/تشرين الثاني، والتي لم تحضرها عائلات ضحايا أحداث أوت/آب 2021.
وفقًا لأحد المحامين، الذي طلب عدم الكشف عن هويته مشيرًا إلى حساسية القضية، فإن خمسة على الأقل من المدانين قالوا للقاضي إنَّ أقوالهم انتُزعت بالإكراه.
وقال المتهم محمد العسكري إنَّ ضباط إنفاذ القانون صعقوه بالكهرباء، وحاولوا إيهامه بالغرق، وهددوه بالاغتصاب أثناء احتجازه. ورد القاضي بالقول إنَّ من مسؤولية المتهم تقديم شكوى إلى ممثل النيابة.
وقال محاميان أيضًا إنَّ أربعة متهمين على الأقل من المحكوم عليهم بالإعدام غيابيًا لم يكونوا في الجزائر عندما وقعت الجرائم المزعومة.
وقال أكسيل بلعباسي، وهو مسؤول تنفيذي كبير في الحركة من أجل تقرير المصير في منطقة القبائل يعيش في فرنسا، إنه لم يزر الجزائر منذ أوت/أغسطس 2019.
أثناء الاستجواب، قال العديد من المحتجزين إن بلعباسي هو جهة اتصال للمنظمة، لكن الادعاء لم يتمكن من إثبات تورطه في عملية القتل والتنكيل.
وقال مراد اتيم، الذي يعيش ويعمل في كندا كمدير لتلفزيون تقفايليت Taqvaylit TV للبث التلفزيوني عبر الإنترنت، بعد أن عمل سابقًا كمنسق للحركة من أجل تقرير المصير في منطقة القبائل في أمريكا الشمالية، إنه لم يزر الجزائر منذ العام 2016.
ويعتقد أن إدانته تنبع من جهوده لممارسة حقه في حرية التعبير بشكل سلمي من خلال تغطية أحداث أوت/آب 2021.
وقالت آمنة القلالي حديثها بالقول: “إنه لأمر مشين للغاية أن تستخدم السلطات الجزائرية حادث القتل والتنكيل كأداة لمقاضاة منتقدي الدولة وأعضاء جماعة الحركة من أجل تقرير المصير في منطقة القبائل السياسية”.
وختمت القلالي بقولها: “وهذا القمع المتعمّد هو انتهاك خطير ليس فقط للحق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها، ولكن أيضا للحق في الحياة”.