مطالب لإسرائيل بالامتثال لالتزامها بالتعاون مع “الأمم المتحدة” بشأن غزة

قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إن على إسرائيل الامتثال لالتزامها بالتعاون مع “الأمم المتحدة” من خلال ضمان توفير المساعدات الأساسية للفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة دون عوائق، حسبما قضت “محكمة العدل الدولية” في رأي استشاري أصدرته في 22 أكتوبر/تشرين الأول 2025.

وخلُصت المحكمة إلى أن ادعاءات إسرائيل بأن “وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين” (الأونروا) تفتقر إلى الحياد لا أساس لها من الصحة، وأن عرقلة إسرائيل عمل الوكالة الحيوي يتعارض مع القانون الدولي.

وقالت بلقيس الجراح، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالإنابة في هيومن رايتس ووتش: “قالت محكمة العدل الدولية بوضوح إن على إسرائيل إنهاء حملتها لتفكيك الأونروا والتوقف عن استخدام تجويع المدنيين سلاحَ حرب”.

وتابعت “سيستمر الفلسطينيون في المعاناة والموت ما لم ترفع إسرائيل حصارها غير القانوني وتعيد الكهرباء، والمياه، والرعاية الصحية. من الأهمية بمكان أن يضغط حلفاء إسرائيل على حكومتها للسماح فورا بدخول مساعدات الأونروا دون عوائق”.

وينبع الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية من طلب عاجل من “الجمعية العامة للأمم المتحدة” في ديسمبر/كانون الأول 2024، تطلب فيه من المحكمة توضيح التزامات إسرائيل فيما يتعلق بأنشطة الأمم المتحدة، والدول الثالثة، والمنظمات الدولية الأخرى في الأراضي المحتلة.

وقد قُدم الطلب في خضم حملة إسرائيل لتفكيك الأونروا، والوضع الإنساني المأساوي في غزة الناجم عن استخدام إسرائيل التجويع كسلاح حرب، ما يشكل جريمة حرب، والحرمان المتعمد من المساعدات والخدمات الأساسية.

وخلصت هيومن رايتس ووتش إلى أن هذه السياسات الإسرائيلية ترقى إلى الجريمة ضد الإنسانية المتمثلة في الإبادة وإلى أفعال الإبادة الجماعية.

في 30 يناير/كانون الثاني، دخل مشروعا قانون تمت الموافقة عليهما في الكنيست الإسرائيلي حيز التنفيذ، ما أدى إلى إنهاء عمليات الأونروا في الأراضي المحتلة.

وقد منعت السلطات الإسرائيلية الأونروا من توزيع المساعدات في غزة، ومنعت موظفيها الدوليين من دخول غزة والضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، وأصدرت أوامر بإغلاق المدارس التي تديرها الأونروا في القدس الشرقية.

أكدت محكمة العدل الدولية في رأيها على التزام إسرائيل “غير المشروط” كسلطة احتلال بموجب القانون الإنساني الدولي بضمان توفير المساعدات الإنسانية، مثل الغذاء والإمدادات الطبية والملابس، دون عوائق للسكان المدنيين في غزة.

وقالت المحكمة إن هذا الالتزام يسري على “برامج الإغاثة التي تقدمها الأمم المتحدة وكياناتها، بما فيها الأونروا”. قالت المحكمة إن نظام توزيع المساعدات المدعوم من الولايات المتحدة، الذي تديره “مؤسسة غزة الإنسانية”، “لم يخفف بشكل كبير من حدة الوضع”.

قالت هيومن رايتس ووتش إن السلطات الإسرائيلية لم تكتفِ بانتهاك التزاماتها المتعلقة بتقديم المساعدات للمدنيين الفلسطينيين بشكل متكرر، بل أطلقت النار على مئات الفلسطينيين الذين يسعون وراء المساعدات الغذائية في مواقع مؤسسة غزة الإنسانية أو بالقرب منها، في أفعال ترقى إلى جرائم حرب.

وأكدت محكمة العدل الدولية في رأيها أن إسرائيل “لا يجوز لها عرقلة مهام الأمم المتحدة ويجب عليها تقديم كل المساعدة في أي إجراء تتخذه المنظمة”، لا سيما من خلال الأونروا.

وخلصت المحكمة إلى أن قانونَيْ الكنيست “أديا مباشرة إلى عرقلة عمليات الأونروا في [الأراضي الفلسطينية المحتلة] وفيما يتعلق بها”. وجدت المحكمة أيضا أن مزاعم إسرائيل بأن الأونروا تفتقر إلى الحياد ولها صلات بحماس لا أساس لها من الصحة.

كذلك وضعت المحكمة الخطوط العريضة لالتزامات إسرائيل تجاه المنظمات الإنسانية المحايدة مثل “اللجنة الدولية للصليب الأحمر”. على الرغم من تزايد التقارير، بما فيها تلك الصادرة عن هيومن رايتس ووتش، عن الانتهاكات بحق الفلسطينيين المحتجزين، ترفض السلطات الإسرائيلية السماح للجنة الدولية للصليب الأحمر بالدخول إلى مرافق الاحتجاز منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023.

قالت هيومن رايتس ووتش إن إسرائيل، بتقييدها أو منعها وصول المساعدات إلى الفلسطينيين في غزة، تواصل تجاهل الأوامر الملزمة الصادرة عن محكمة العدل الدولية في قضية منفصلة رفعتها جنوب أفريقيا بموجب “اتفاقية منع الإبادة الجماعية” الأممية.

في يوليو/تموز 2024، أصدرت محكمة العدل الدولية رأيا استشاريا منفصلا خلصت فيه إلى أن الاحتلال الإسرائيلي المستمر منذ عقود غير قانوني ويتعارض مع حق الفلسطينيين في تقرير المصير. في ذلك الرأي، وجدت المحكمة أيضا أن إسرائيل مسؤولة عن الفصل العنصري وانتهاكات خطيرة أخرى ضد الفلسطينيين.

قالت هيومن رايتس ووتش إن على الحكومات أن تدعم علنا نتائج محكمة العدل الدولية وتضمن الوفاء بالالتزامات المنصوص عليها في الرأي الصادر عنها. رحب الأمين العام للأمم المتحدةوالمفوض العام للأونروا بالرأي.

ختمت الجراح: “لن تخفّ معاناة ملايين الفلسطينيين ما لم يُستتبع وقف إطلاق النار بإنهاء إسرائيل لعرقلتها لعمليات الأونروا. على الحكومات أن تتصدى بقوة وعلنا لمساعي الحكومة الإسرائيلية لتقييد الأونروا، وأن تموّل عمل الأونروا الذي لا بديل عنه”.

قد يعجبك ايضا