مطالبات بحماية الصحفيين وإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين

مع حلول اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين الذي يصادف 2 تشرين الثاني/نوفمبر، استذكر مجلس جنيف للحقوق والحريات، استمرار جرائم القتل ضد الصحفيين في العالم، وإفلات مقترفيها من العقاب.

وعبر المجلس عن قلقه للمعطيات التي كشف عنها مؤشر لجنة حماية الصحفيين العالمي للإفلات من العقاب التي أظهرت استمرار جرائم قتل الصحفيون، مع بقاء القتلة أحراراً طلقاء، في العديد من دول العالم منها دول عربية.

فقد ذكر المجلس أن كل من الصومال وسوريا والعراق وجنوب السودان احتلوا أسوأ أربع مراتب على القائمة، بالترتيب، إذ تؤدي الحروب وانعدام الاستقرار السياسي إلى إدامة حلقة العنف والخروج عن القانون.

وتابع المجلس المعطيات الصادمة التي نشرتها الأمم المتحدة حول جرائم قتل الصحفيين، ففي السنوات الأربع عشرة الماضية (2006 – 2019)، قُتل ما يقرب من 1200 صحفي في أثناء أداء واجبهم الإعلامي وإيصال المعلومة إلى الجمهور العام.

وأكد المجلس أن من كل عشر حالات تسع منها يُفلت القتلة من العقاب. ويؤدي هذا الإفلات من العقاب إلى مزيد من القتل، فضلا عن أنه غالبًا أحد أعراض تفاقم النزاع وانهيار القانون والأنظمة القضائية.

وأشار مجلس جنيف الى أن عام 2020 شهد حتى الآن 15 جريمة قتل ضد صحفيين في العالم، وهو عدد يزيد عن جرائم قتل الصحفيين في عام 2019 بأكمله.

وبحسب مؤشر لجنة حماية الصحفيين العالمي للإفلات ففي خلال 10 سنوات، تنتهي في 31 أغسطس/ آب 2020، قُتل 277 صحفياً بسبب عملهم في العالم، ولم يُحاكم مرتكبو هذه الجرائم بنجاح في 83% من هذه الجرائم.

وخلال فترة مؤشر العام الماضي، سجّلت لجنة حماية الصحفيين إفلاتاً تاماً من العقاب في 86% من الحالات.

وأشار مجلس جنيف إلى أن العام الحالي شهد عدة أحداث وتطورات قانونية ترسخ سياسة الإففلات من العقاب. ففي 23 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أصدرت محكمة سعودية، أحكاما بإعدام 5 متهمين باغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي، وبسجن ثلاثة آخرين لمدة 24 عاما، وبرأت ثلاثة غيرهم.

وفي 7 سبتمبر/ أيلول الماضي، أصدرت المحكمة أحكاما جديدة قضت بتخفيف أحكام الإعدام بحق 5 متهمين إلى السجن 20 عاما، مع سجن ثلاثة آخرين بين 7 و10 سنوات.

واغتيل خاشقجي في جريمة مروعة في 2 أكتوبر/ تشرين الأول 2018، عندما أقدم فريق أمني سعودي، على قتله بعد استدراجه وتعذيبه، وتقطيعه بالمنشار، ثم إخفاء جثته بحرقها، وفق تحقيقات تركية.

واعتراف سعودي متأخر ألقى مسؤولية اقتراف الجريمة على أفراد، واصفا ما حدث أنه “عملية مارقة”.

واعتقد مجلس جنيف، أن التحقيقات السعودية في الجريمة وما تلاها من محاكمات، هي شكل من أشكال التستر على الجريمة، والتغطية على الجناة الأساسيين المسؤولين عن توجيه الأمر بالاغتيال، وأنها لا ترقى إلى محاكمة عادلة، والمعطيات حولها تؤكد فشلها في تحقيق المساءلة والإنصاف.

ومما يوضّح الطبيعة الراسخة للإفلات من العقاب، أن البلدان الـ 12 التي تظهر على مؤشر لجنة حماية الصحفيين مسؤولة عن 80% من الإجمالي العالمي لجرائم قتل الصحفيين التي لم يُكشف عن مرتكبيها خلال فترة السنوات العشر للمؤشر.

وجميع هذه البلدان الـ 12 ظهرت مرات متعددة على المؤشر منذ أن استحدثته لجنة حماية الصحفيين في عام 2008، وظهرت سبعة من هذه البلدان على المؤشر في كل سنة منذ ذلك الوقت.

ووفق متابعة مجلس جنيف؛ فإن الإفلات من العقاب لا يقتصر فقط على جرائم قتل الصحفيين، إنما الاعتداءات غير المميتة، بما في ذلك التعذيب، وحالات الاختفاء القسري، والاعتقالات التعسفية، والترهيب والتحرّش في أوقات النزاع والسلم على حد سواء، بقي أغلبها دون مساءلة أو عقاب لمقترفيها.

وطالب مجلس جنيف للحقوق والحريات، برفع الحماية التي يوفرها المجتمع الدولي لبعض الدول التي تقترف الانتهاكات، ومنها على سبيل المثال: إسرائيل، والسعودية، التي اقترفت العديد من جرائم القتل ضد الصحفيين، وانتهت بإغلاق ملفات التحقيق دون أي محاسبة أو عقاب.

ورأى المجلس أن استمرار الإفلات من العقاب في الاعتداءات على الصحفيين، يمثل عقبة أساسية أمام حرية الصحافة وقدرتها على أداء دورها المهني، ويحول دون طرقها مواضيع حساسة في المجتمع، من خلال تعزيز ظاهرة الرقابة الذاتية وغياب استقلالية الصحفيين.

وفي هذه المناسبة، أكد مجلس جنيف أنه آن الأوان لتجاوز إصدار بيانات الإدانة وتصدير المواقف، إلى اعتماد آليات واضحة للمحاسبة والإنصاف، بما يضمن ممارسة صحافة حرة، دون تخوف الصحفي من أنه قد يدفع حياته أو سنيّ عمره لقاء عمله.

ودعا الأمم المتحدة لدور أكثر فاعلية من أجل كبح الإفلات من العقاب على الجرائم بحق الصحفيين وتفعيل إجراءتها الخاصة لحماية الصحفيين، وضمان محاسبة مقترفي الانتهاكات ضدهم، خاصة تلك التي تطال قواعد القانون الدولي.

اقرأ أيضاً: مقتل 44 صحفيا في اليمن هو استمرار لمسلسل الاعتداء على حرية الصحافة

قد يعجبك ايضا