مطالبات بتعليق عقوبة الإعدام وأحكام السجن المؤبد في محاكمة ميدان رابعة بمصر

قالت منظمة (DAWN) أن  أحكام الإعدام والسجن المؤبد بحق محتجين ميدان رابعة قد فشل في تلبية الحد الأدنى من معايير الإجراءات القانونية الواجبة أو الإنصاف أو العدالة.

وكان قد صدر حُكم محكمة النقض المصرية الصادر في 14 يونيو/حزيران بتثبيت أحكام الإعدام بحق 12 متهمًا، والسجن المؤبد لـ 31 آخرين، بالإضافة إلى عقوبات متفاوتة لمئات آخرين لمشاركتهم المزعومة في احتجاجات ميدان رابعة عام 2013 ضد انقلاب الرئيس السيسي.

عند النظر في خلفيات الأشخاص المحكوم عليهم بالإعدام والتهم المزعومة والأدلة الموجهة ضدهم يتضح أن المحاكمة هي مجرد وسيلة لتوفير غطاء قضائي لأهداف الحكومة العسكرية المتمثلة في القضاء على قيادة الإخوان المسلمين وترهيب المصريين الذين ما زالوا يعارضون الحكومة.

ويمنح قانون الإجراءات الجنائية المصري الرئيس السيسي 14 يومًا من تاريخ تلقيه إشعارًا رسميًا بالحكم حق العفو عن المتهمين أو تخفيف عقوبتهم لوقف تنفيذ أحكام الإعدام. وإذا لم يتم اتخاذ أي إجراء في هذا الصدد، فيتم تنفيذ الأحكام.

قالت “سارة لي ويتسن” المديرة التنفيذية لمنظمة (DAWN): “عند التدقيق في الوقائع يتضح أن هذه القضية لا علاقة لها بالجرائم الفعلية، وإنما تتعلق بانتقام الحكومة المصرية من قيادة الإخوان المسلمين لمقاومتها الانقلاب العسكري الذي قام به السيسي في عام 2013”.

وأضافت “ويتسن”: “وكأن حكم السيسي الذي يتميز بالإرهاب على مدى السنوات الثماني الماضية لم يكن كافيًا— فهو مليء بعمليات القتل الجماعي للمتظاهرين والاعتقالات الجماعية والتعذيب الجماعي والقمع الجماعي— يقوم السيسي الآن بصقل نصله القضائي لإعدام قادة المعارضة المسجونين في البلاد وضمان عدم تكرار الثورة ضد دكتاتورية مصر”.

على الرغم من أن حكومة السيسي وعدت بالتحقيق في المذبحة، التي شملت حسب إحصائيات الحكومة 627 ضحية، لم يتم إجراء أي تحقيق على الإطلاق، ولم يتم التحقيق مع أي ضابط أمن أو محاكمته على المذبحة.

في عام 2018، حكمت محكمة الجنايات برئاسة المستشار حسن فريد الشامي على 75 من المتهمين بالإعدام، و 47 منهم بالسجن المؤبد، و 374 آخرين بالسجن لمدة 15 عامًا، و 22 آخرين بالسجن لمدة 10 سنوات، و 215 آخرين بالسجن لمدة خمس سنوات في محاكمة لم تفي بمعايير المحاكمة العادلة. وحُرم المتهمون من الحق في الاستعانة بتمثيل قضائي مناسب مع اجتماعات نادرة ومحدودة مع محامييهم.

كانت التهم المعممة ضد كل من المتهمين متشابهة تمامًا، بما في ذلك التظاهر بشكل غير قانوني وتشكيل عصابة غير مشروعة هاجمت السكان بالقرب من ميدان رابعة وتخريب الممتلكات العامة ومقاومة الاعتقال وقتل الأفراد ورجال الشرطة والعنف وحيازة المتفجرات والأسلحة النارية.

لم يكشف المدّعون العامون عن أي دليل على المسؤولية الفردية للمتهمين عن الجرائم العنيفة المزعومة المنسوبة إليهم، ومن المشكوك فيه وجود أدلة على هذه المسؤولية الفردية. ولا يمكن اعتبار العديد من التهم الموجهة إلى المتهمين على أنها جرائم بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان.

لم يكن بعض المتهمين، بمن فيهم بعض المحكوم عليهم بالإعدام، متواجدين في الاحتجاجات. وفي جميع الأحوال، تعد المشاركة في احتجاج حقًا أساسيًا من حقوق الإنسان ولا ينبغي أن يعاقب عليها كجريمة، وبالتأكيد ليس بعقوبة الإعدام أو السجن مدى الحياة.

قالت “سارة لي ويتسن”: “بدلًا من محاكمة المسؤولين— بمن فيهم الرئيس السيسي ورئيس الوزراء السابق حازم الببلاوي— الذين دبّروا هذه المذبحة، قام القضاء المصري بمحاكمة المتظاهرين أنفسهم، ويخطط الآن لإعدام كبار قادة الإخوان المسلمين”.

وأضافت: “إنّ الغرض من هذا الحكم واضح وضوح الشمس: إنه تحذير للمصريين بأن أي جهود للديمقراطية أو احتجاجات ضد الحكومة العسكرية سوف يعاقب عليها بالإعدام”.

يُظهر التدقيق الذي قامت به منظمة (DAWN) في خلفيات المتهمين المحكوم عليهم بالإعدام وسجل إجراءات المحكمة المتوفر، والمفصل أدناه، أنه إما لم تكن هناك أدلة متوفرة أو لم تتوفر أدلة فردية محددة لدعم التهم المعممة ضدهم. علاوة على ذلك، من بين المتهمين الـ 12 المحكوم عليهم بالإعدام، يبدو أن أربعة من المتهمين لم يكونوا متواجدين حتى في اعتصام رابعة.

من بين الأشخاص الـ 12 المحكوم عليهم بالإعدام خمسة أطباء وعلماء دين ومهندسين وعالم كمبيوتر ومحاسب ومحامي.

وقد ترأس الاستئناف قضاة من محكمة النقض لم يتم الكشف عن هوياتهم. مثّل محمد عبد الشافي المحامي العام لنيابة شرق القاهرة، الذي يعمل تحت إشراف النائب العام حمادة الصاوي، الحكومة في دعواها. سبق أن وثقت منظمة (DAWN) دور الصاوي في انتهاك حقوق الإنسان للمصريين، بما في ذلك ملاحقته غير القانونية لآلاف المصريين بسبب نشاطهم السلمي.

تم الإعلان عن الحكم في هذه القضية بعد أيام قليلة من زيارة وزير الخارجية الأمريكي بلينكن للقاهرة للقاء الرئيس السيسي، وطمأنته على “الشراكة الاستراتيجية القوية” لأمريكا مع مصر و “التزام الرئيس بايدن بهذه العلاقة”، على الرغم من وعود الرئيس بايدن السابقة بإعادة تقييم الدعم العسكري الأمريكي للحكومة المصرية.

تم تصنيف لقاء بلينكين مع السيسي على أنه رسالة امتنان لدور مصر المزعوم في المساعدة في التفاوض على وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل خلال الصراع الأخير في إسرائيل/فلسطين.

علّق الكونغرس 75 مليون دولار، من أصل 1.3 مليار دولار من الأسلحة التي تعهدت بها الحكومة الأمريكية للرئيس السيسي، وجعلها مشروطة بإصلاحات في حقوق الإنسان لا تخضع لإعفاء للأمن القومي و 300 مليون دولار مشروطة بإصلاحات خاضعة للإعفاء.

التقى “عباس كامل”، رئيس المخابرات المصرية، بمسؤولين في الكونغرس في واشنطن هذا الأسبوع في محاولة لتأمين الإعفاء عن 300 مليون دولار من الأسلحة المعلقة، معتمدين على الدور المهم الذي قامت به مصر في وقف إطلاق النار الأخير.

قالت “سارة لي ويتسن”: “إنّ التذرع بأهمية مصر للأمن الإقليمي هو حجة واهية لتبرير استمرار مبيعات الأسلحة لحكومتها العسكرية في مواجهة الانتهاكات القاسية والعنيفة ضد الشعب المصري”.

وأضافت: “الرسالة التي تلقاها السيسي من خلال تأكيدات بلينكن بالدعم هي أنه يستطيع فعل ما يشاء— بما في ذلك إعدام شخصيات المعارضة المسجونين بشكل تعسفي”.

تحتل مصر المرتبة الثالثة في استخدام عقوبة الإعدام في الشرق الأوسط. في عام 2020، أعدمت الحكومة المصرية ما لا يقل عن 107 أشخاص وحكمت على أكثر من 264 بالإعدام.

حثت منظمة (DAWN) الرئيس السيسي على تعليق الأحكام في هذه المحاكمة غير القانونية قبل انقضاء فترة الـ 14 يومًا، وإنهاء استخدام عقوبة الإعدام في مصر، والعفو عن المتهمين في قضية رابعة.

ودعت منظمة (DAWN) الولايات المتحدة إلى إنهاء دعمها العسكري للحكومة المصرية، تماشيًا مع التزامات الولايات المتحدة بموجب القوانين الأمريكية والدولية بعدم المساهمة في انتهاكات حقوق الإنسان وعدم توفير الأسلحة للحكومات المنتهكة للحقوق بشكل منهجي.

اقرأ أيضاً: هيومن رايتس ووتش تدين المحاكمات الجماعية لشخصيات بارزة من المعارضة في مصر

قد يعجبك ايضا