مصر: مشروع قانون اللجوء يهدد حقوق اللاجئين
(بيروت) – قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إن مشروع قانون اللجوء المصري، إذا اعتُمد، ينتهك حقوق اللاجئين وطالبي اللجوء. يعيق القانون عمل وكالات “الأمم المتحدة” والجهات الأخرى التي تُقدّم خدمات حيوية وينتهك التزامات مصر بموجب القانون الدولي.
وافق “مجلس النواب” المصري على قانون بشأن لجوء الأجانب في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، بعملية متعجلة دون مشاورات جادة مع “مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين” (مفوضية اللاجئين) أو مجموعات المجتمع المدني. ينتظر مشروع القانون، الذي سيكون أول قانون ينظم اللجوء وشؤون اللاجئين في مصر، تصديق الرئيس عبد الفتاح السيسي. من المقرر إصدار اللائحة التنفيذية المصاحبة خلال ستة أشهر.
قالت لورين سيبرت، باحثة حقوق اللاجئين والمهاجرين في هيومن رايتس ووتش: “قوانين اللجوء الوطنية مطلوبة بشدة في شمال أفريقيا، لكن مصر تتعجل في إصدار قانون معيب سيفاقم الفجوات في الحماية والمخاطر التي يواجهها اللاجئون وطالبو اللجوء. ينبغي للحكومة الاستجابة لدعوات المجتمع المدني لمراجعة هذا التشريع بما يتماشى مع المعايير الدولية”.
راجعت هيومن رايتس ووتش نسخة من مشروع قانون اللجوء نشرتها وسائل الإعلام المحلية على الإنترنت بعد موافقة مجلس النواب. يبدو أن النسخ المتاحة تختلف قليلا في اللغة.
سيزيد مشروع القانون، إذا اعتُمد، خطر رفض السلطات اللجوء أو سحبه تعسفا، ولن يحمي حقوق طالبي اللجوء، وسيسمح للسلطات باستخدام قانون الطوارئ لتقليص الحقوق، وإجبار اللاجئين على الامتثال لقواعد غامضة الصياغة، وتجريم الدخول غير النظامي والمساعدات غير الرسمية لطالبي اللجوء.
ينبغي للرئيس إعادة مشروع القانون إلى مجلس النواب ليتشاور مع المجتمع المدني ومفوضية اللاجئين بطريقة تداولية وشفافة لتصحيح لغة مشروع القانون.
مصر طرف في “اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بوضع اللاجئين” لعام 1951 و”اتفاقية منظمة الوحدة الإفريقية حول اللاجئين” لعام 1969. من المهم دمج هذه الالتزامات الدولية في القانون المحلي وتحمل مسؤولية أكبر لإدارة عملية اللجوء، وهو ما سعتإليه السلطات من خلال هذا القانون. قالت هيومن رايتس ووتش إن اعتماد القانون سيشكل خطوة إلى الوراء في حماية اللاجئين في مصر بسبب عدم التشاور أثناء صياغة مشروع القانون وبسبب الفجوات القانونية في النص، والثغرات، واللغة غير الواضحة، والمواد المتعارضة مع المعايير الدولية.
منذ 1954، وبموجب مذكرة تفاهم مع الحكومة، سجلت مفوضية اللاجئين طالبي اللجوء، وحددت وضع اللاجئ، وأصدرت وثائق للاجئين وطالبي اللجوء في مصر. سيُحوّل القانون الجديد هذه المسؤوليات إلى هيئة تنظيمية وطنية جديدة تسمى “اللجنة الدائمة لشؤون اللاجئين”. وستعمل اللجنة على ضمان تقديم الدعم والخدمات للاجئين والتعاون مع مفوضية اللاجئين.
سجلت مفوضية اللاجئين أكثر من 845 ألف لاجئ وطالب لجوء في مصر حتى نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2024. يرجح أن يكون هذا الرقم أقل من العدد الحقيقي ولا يشمل طالبي اللجوء غير المسجلين، الذين غالبا ما تدمجهم السلطات المصرية مع المهاجرين غير النظاميين.
وثَّقت هيومن رايتس ووتش ومجموعات أخرى انتهاكات حقوقية عديدة ضد طالبي اللجوء واللاجئين في مصر في السنوات الأخيرة، منها الاعتقالات التعسفية وسوء المعاملة، وتقييد الوصول إلى التعليم، ومتطلبات التأشيرة التي تمنع الوصول إلى الأمان، والطرد غير القانوني إلى السودان وإريتريا.
عبَّرت جماعات حقوقية في مصر عن عدة مخاوف بشأن مشروع قانون اللجوء، بما فيه استقلالية اللجنة الجديدة والتسرع في التحول إلى نظام جديد دون عملية انتقال متفق عليها. بموجب المادتين 35 و36 من اتفاقية الأمم المتحدة للاجئين، ينبغي للدول أن تتعهد بالتعاون مع مفوضية اللاجئين، بما فيه إبلاغ مفوضية اللاجئين بالتشريعات التي قد تُعتمد فيما يتعلق باللاجئين. مع التطوير السري والموافقة المتسرعة على مشروع القانون، لم تف مصر بهذا الالتزام بموجب المعاهدة وينبغي لها أن تصلح مسارها.
بموجب مشروع القانون، المعايير التي تستبعد الأشخاص من اللجوء أو تلغي وضعهم كلاجئين فضفاضة جدا ولا تتفق مع معايير اتفاقيات الأمم المتحدة أو اتفاقيات اللاجئين الأفريقية. نتيجة لهذا، قد يُحرم الأشخاص تعسفا من الحصول على الحماية أو يُجرَّدوا منها.
كما سيطالب القانون اللاجئين بالتزامات محددة أو مواجهة إلغاء وضعهم كلاجئين والترحيل. تشمل هذه الالتزامات حظر المشاركة في الأنشطة السياسية أو النقابية، وهو ما يتعارض مع القانون الدولي، واحترام قوانين مصر و”قيم” و”تقاليد” المجتمع المصري دون تحديدها. كما سيحظر القانون الأنشطة التي “تضر بالأمن القومي أو النظام العام” و”الأعمال العدائية” ضد دول أخرى، والتي يعاقب عليها بغرامة أو بالسجن. تحتوي هذه الأحكام على مصطلحات غامضة يمكن إساءة استخدامها بسهولة.
يسرد مشروع القانون حقوق اللاجئين المعترف بهم، لكنه لا يحدد حقوق طالبي اللجوء أو الضمانات الإجرائية لعملية اللجوء، مثل الحق في التمثيل القانوني، أو الحصول على مترجم، أو الطعن في شرعية الاحتجاز.
كما لا يوفر القانون وضعا قانونيا للاجئين أو طالبي اللجوء في مصر، بل يعزز تجريم الهجرة غير النظامية، على النقيض من المعايير الدولية، بإلزام طالبي اللجوء بتقديم طلباتهم خلال 45 يوما من وصولهم، تحت طائلة السجن أو الغرامات. على النقيض من ذلك، تحظر المادة 31 من اتفاقية الأمم المتحدة للاجئين على الحكومات معاقبة طالبي اللجوء على الدخول غير النظامي، “شريطة أن يقدموا أنفسهم إلى السلطات دون إبطاء”. تشير التوجيهات القانونية لمفوضية اللاجئين إلى أنه ينبغي تقييم الحالات على أساس الظروف الفردية، وليس على أساس موعد نهائي محدد.
ينص مشروع القانون المصري على حقوق اللاجئين المعترف بهم، بما فيها الرعاية الصحية، والتعليم الأساسي، والعمل، وحرية الدين، والتوثيق، والممتلكات، وحرية التنقل، والتقدم بطلب الحصول على الجنسية. لكن هذه الأحكام تحيد عن لغة اتفاقيات الأمم المتحدة وأفريقيا الخاصة باللاجئين، وفي كثير من الحالات تُضيّق الحقوق. الاستثناءات المدرجة في مشروع القانون تُسهِّل على المسؤولين الحرمان التعسفي من بعض الحقوق، مثل حرية التنقل وتوفير وثائق السفر.
يبدو أن مشروع القانون يجرم أيضا تقديم المساعدة غير الرسمية لطالبي اللجوء، حيث تعاقب المادة 37 أي شخص “يوظف أو يؤوي طالب لجوء” دون إخطار الشرطة، وتعاقب المخالفين بغرامة والسجن ستة أشهر على الأقل.
يسمح قانون الطوارئ الغامض للحكومة باتخاذ أي “تدابير وإجراءات” تراها ضرورية تجاه طالبي اللجوء لأسباب تتعلق “بالأمن القومي والنظام العام” أثناء الحرب، أو لمكافحة الإرهاب، أو في “ظروف خطيرة أو استثنائية”. يمكن استخدام قانون الطوارئ الأوسع نطاقا من “التدابير المؤقتة” في المادة 9 من اتفاقية الأمم المتحدة للاجئين، لإلغاء جوهر الحق في اللجوء.
قالت لورين سيبرت: “يهدد مشروع قانون اللجوء، إذا اعتُمد كما هو مكتوب، بزيادة انتهاكات حقوق اللاجئين وطالبي اللجوء. ينبغي لشركاء مصر، بمن فيهم “الاتحاد الأوروبي” ودوله الأعضاء، أن يحثوا الحكومة المصرية على تعديل القانون للامتثال بالتزاماتها القانونية الدولية، وينبغي لهم إدراج ضمانات حقوقية في تعاونهم في مجال الهجرة مع مصر لتجنب التواطؤ في الانتهاكات”.