مصر: تصعيد القمع قبيل استعراض سجل حقوق الإنسان في البلاد
قالت منظمة العفو الدولية اليوم إن السلطات المصرية شرعت في حملة قمع متجددة ضد المعارضة السلمية، من خلال عمليات الاحتجاز التعسفية والتحقيقات الجنائية ذات الدوافع السياسية، بينما تستعد للدفاع عن سجل حقوق الإنسان في البلاد خلال الاستعراض الدوري الشامل الذي تجريه الأمم المتحدة في 28 يناير/كانون الثاني.
في يناير/كانون الثاني وحده، كثفت السلطات استهدافها للعديد من المنتقدين. فقد فتحت تحقيقًا جنائيًا ضد المدافع البارز عن حقوق الإنسان حسام بهجت، في حين علم السياسي والناشر المعارض البارز هشام قاسم هذا الشهر أيضًا بفتح تحقيق جنائي ضده، بدأ في العام السابق. من جهة أخرى، ألقي القبض على ندى مغيث، زوجة رسام الكاريكاتير المحتجز أشرف عمر على خلفية مقابلة أجرتها مع الصحفي أحمد سراج، الذي اعتقل في اليوم السابق على خلفية المقابلة نفسها. كما ألقي القبض على المؤثر على تيك توك محمد علام، المعروف باسم ريفالدو، بسبب مقاطع فيديو تنتقد الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وقال محمود شلبي، الباحث المعني بشؤون مصر في منظمة العفو الدولية: “من المفارقات الصارخة أن الحكومة المصرية شنت هذه الحملة قبل مثولها أمام مجلس حقوق الإنسان؛ إذ تبعث الحكومة برسالة واضحة مفادها أنها لا تنوي التسامح مع أي شكل من أشكال المعارضة أو تحسين سجلها المروّع في مجال حقوق الإنسان.
في 15 يناير/كانون الثاني، استدعت نيابة أمن الدولة العليا حسام بهجت، المدير التنفيذي للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، للاستجواب في 19 يناير/كانون الثاني. وفتحت النيابة معه تحقيقًا في تهمتي “نشر أخبار كاذبة”، و”مشاركة جماعة إرهابية وتمويلها”. ويعاقب على هذه الجريمة الأخيرة بالسجن المؤبد أو بالإعدام.
وأبلغ حسام بهجت منظمة العفو الدولية أن النيابة استجوبته لمدة أربع ساعات بشأن إنشاء المبادرة المصرية للحقوق الشخصية وعملها وتمويلها. كما استجوبته بشأن بيان المبادرة الأخير، الذي دفع وزارة الداخلية إلى التهديد باتخاذ إجراءات قانونية ضد القائمين عليه، والذي تناول تدهور أوضاع الاحتجاز في سجن العاشر من رمضان. وأفرج عن بهجت بكفالة قدرها 20,000 جنيه مصري (حوالي 398 دولارًا أمريكيًا)، لكن التحقيق الجنائي ضده لا يزال مفتوحًا.
وقال الادعاء لحسام بهجت إنّ الاتهامات تنبع من شكاوى متعددة قدمها مواطنون عاديون، وكذلك من قطاع الأمن الوطني. وقال لمنظمة العفو الدولية إن النيابة رفضت السماح له أو لمحاميه بمراجعة هذه الشكاوى. ولم يقرأ له ممثل النيابة سوى سطر واحد من تحريات قطاع الأمن الوطني، التي اتهمت حسام بهجت بـ “تلقي تعليمات من منظمات أجنبية وعناصر إثارية لبث شائعات وإذاعة بيانات كاذبة من أجل التسفيه من مؤسسات الدولة، وتكدير السلم العام، وإلقاء الرعب بين المواطنين”.
وفي 2 يناير/كانون الثاني، علم هشام قاسم من خلال مواقع إخبارية أنه من المقرر عقد جلسة استماع في 9 فبراير/شباط في قضية جنائية جديدة بحقه بتهمتي “القذف” و”الإزعاج المتعمد”. وترتبط هذه التهم بمنشور على وسائل التواصل الاجتماعي سبق أن أدين ظلمًا على خلفيته وحُكم عليه وسُجن في 2024. وفي المنشور محل القضية والمكتوب في 29 يوليو/تموز 2023، أشار قاسم إلى مزاعم الفساد من قبل وزيرين سابقين في الحكومة. وقال محاميه، ناصر أمين، لمنظمة العفو الدولية إن قاسم لم يتلقَّ إخطارًا بالقضية الجديدة، التي تم تحريكها بشكوى قدمها أحد الوزراء السابقين في 16 سبتمبر/أيلول 2023. وكانت المحكمة قد عقدت جلسة استماع للقضية الجديدة في 11 ديسمبر/كانون الأول 2023 دون إبلاغ هشام قاسم.
احتجاز منتقدي الحكومة
في 16 يناير/كانون الثاني، اعتقل رجلان يرتديان ملابس مدنية ندى مغيث من منزلها دون إبراز مذكرة اعتقال. وطبقًا لمحامي حضر استجوابها، فتحت نيابة أمن الدولة العليا تحقيقًا ضدها بتهمة “الانضمام إلى جماعة إرهابية” و”نشر أخبار كاذبة”. وتتعلق هذه الاتهامات بمقابلة إعلامية أجرتها في ديسمبر/كانون الأول 2024 مع الصحفي في موقع ذات مصر المستقل أحمد سراج، ناقشت فيها قضية زوجها المحتجز أشرف عمر، الذي اعُتقل بسبب عمله الإعلامي. وأفرجت عنها النيابة بكفالة قدرها 5,000 جنيه مصري.
وفي اليوم السابق، اعتقلت قوات الأمن أحمد سراج من مكان عمله في القاهرة. ووفقًا لمحاميه، فتحت نيابة أمن الدولة العليا تحقيقًا ضده بتهمة “الانضمام إلى جماعة إرهابية” و”استخدام موقع ذات مصر لترويج أفكار الجماعة” و”نشر أخبار كاذبة” و”ارتكاب جريمة تتعلق بتمويل الإرهاب”. وعلمت منظمة العفو الدولية أن قطاع الأمن الوطني اتهم أحمد سراج بـ “تلقي تعليمات من قيادات إثارية من خارج البلاد لتنفيذ مخطط عدائي ضد الدولة”. ولا يزال محتجزًا في سجن العاشر من رمضان.
وفي 11 يناير/كانون الثاني، اعتقلت قوات الأمن محمد علام، البالغ من العمر 24 عامًا، من منزل أحد أقاربه في محافظة الجيزة. في الأسابيع السابقة، نشر علام عدة مقاطع فيديو على تيك توك تنتقد الرئيس عبد الفتاح السيسي. وفي أحد تلك المقاطع، الذي راجعته منظمة العفو الدولية، ذكر أن “السيسي وحكومته خايفين تقوم ثورة”، وسرد العديد من القضايا التي ادعى أنها حدثت بفعل إجراءات الحكومة، بما في ذلك “تدمير التعليم والاقتصاد”، فضلًا عن احتجاز أفراد لمجرد تعبيرهم عن آرائهم.
في 20 يناير/كانون الثاني، أحضرت قوات الأمن محمد علام للمثول أمام نيابة أمن الدولة العليا، بعد إخفائه قسريًا لأكثر من أسبوع في منشأة تابعة لقطاع الأمن الوطني في الجيزة. وحققت نيابة أمن الدولة العليا معه بتهم “الانضمام إلى جماعة إرهابية” و”التحريض على ارتكاب جرائم إرهابية” و”نشر أخبار كاذبة”. وقال محمد علام للنيابة إن أفراد من قطاع الأمن الوطني عرضوه للصعق بالكهرباء والضرب واحتجزوه معصوب العينين، وفقًا لمحاميه نبيه الجنادي. وأحالته النيابة لفحص الطب الشرعي بناءً على أقواله. ولا يزال محتجزًا في سجن العاشر من رمضان.
ومن المقرر أن يدرس الفريق العامل المعني بالاستعراض الدوري الشامل لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة سجل مصر في مجال حقوق الإنسان في 28 يناير/كانون الثاني 2025.
وقد سلطت منظمة العفو الدولية الضوء في مذكرتها المقدمة إلى الفريق العامل على أزمة حقوق الإنسان والإفلات من العقاب التي طال أمدها في مصر.