مصر: تجديد حبس احتياطي متكرر وسط غياب التحقيقات والضمانات القانونية

تشهد السجون المصرية موجة جديدة من تجديد الحبس الاحتياطي بحق عدد من الصحافيين والنشطاء السياسيين والحقوقيين، في ظل استمرار حالة غياب التحقيقات الفعلية أو إتاحة فرص للدفاع القانوني، وسط انتقادات متزايدة من منظمات حقوقية محلية ودولية.

 

وفي جلسات انعقدت بمحكمة جنايات القاهرة في مجمع سجون بدر شرقي العاصمة، جرى تجديد حبس عدة معتقلين سياسيين وصحافيين لمدة 45 يوماً، دون حضورهم فعلياً، ودون أي مستجدات أو تحقيقات جديدة في القضايا المرفوعة ضدهم.

 

من بين هؤلاء، الصحافي خالد ممدوح محمد، مدير تحرير قناة “MBC مصر”، الذي اعتُقل في 16 يوليو 2024 من منزله قبل أن يختفي قسرياً لأيام عدة، ثم ظهر أمام نيابة أمن الدولة العليا متّهماً بقضايا “انضمام لجماعة إرهابية”، و”تمويلها”، و”نشر أخبار كاذبة” في القضية رقم 1282 لسنة 2024. رغم مطالبات أسرته ونقابة الصحافيين بالكشف عن مكان احتجازه والسماح لمحاميه بالتواصل معه، جرى تجديد حبسه دون أي تحقيق جديد.

 

وفي سياق مشابه، تم تجديد حبس نائب رئيس حزب “مصر القوية”، محمد القصاص، الذي يعاني من سياسة التدوير القضائي، حيث جرى تدويره في ثلاث قضايا مختلفة، رغم صدور حكم نهائي بسجنه عشر سنوات في 2022، وظهر اسمه مجدداً في قضية جديدة دون حضور أو تحقيق.

 

الناشط أحمد حمدي السيد سليمان، المعروف بـ”جيكا”، جرى تجديد حبسه في القضية رقم 165 لسنة 2024 بتهم مشابهة، ضمن نمط متكرر من التدوير الذي يعيد احتجازه بتهم مكررة بعد انتهاء فترات سابقة.

 

وشملت القرارات أيضاً الموظفة المتقاعدة نورهان أحمد دراز (54 عاماً)، المعتقلة على خلفية منشور نقدي على “فيسبوك” حول الأوضاع الاقتصادية والسياسية، والتي تعاني ظروف احتجاز قاسية تضمنت الإخفاء القسري ومنعها من تلقي العلاج رغم أمراض مزمنة.

 

المحامية فاطمة الزهراء غريب محمد، المتهمة بالانضمام لجماعة إرهابية والتحريض على التظاهر بسبب كتابات مناهضة للنظام على جدران مبانٍ حكومية، جرى أيضاً تجديد حبسها، وهي ضمن القضية ذاتها التي يُحاكم فيها الصحافي خالد ممدوح.

 

وفي حالة أخرى، جُدد حبس الناشط يوسف علي عبد الرحمن، المعروف بـ”جو الأسطورة”، أحد رموز حركة 6 إبريل، الذي يقضي عاماً جديداً في الحبس ضمن القضية رقم 1391 لسنة 2022، بعدما أُدرج اسمه في عشر قضايا مختلفة منذ اعتقاله عام 2016.

 

كما طال التجديد الناشط السياسي هيثم دبور، أحد أعضاء حملة المرشح الرئاسي السابق أحمد طنطاوي في الإسكندرية، المعتقل على خلفية منشورات مؤيدة لفلسطين وانتقادات للحكومة، ضمن القضية التي تضم خالد ممدوح وفاطمة الزهراء.

 

وأخيراً، جُدد حبس الصحافي أحمد بيومي، الذي اعتُقل في سبتمبر 2024 وتعرض لاختفاء قسري دام 47 يوماً، في إطار حملة تستهدف الصحافة المستقلة، بحسب نقابة الصحافيين.

وبحسب المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا تُظهر هذه الحالات نمطاً قضائياً وأمنياً ثابتاً يعتمد على استخدام الحبس الاحتياطي كأداة عقابية، مع تكرار اتهامات عامة مثل “نشر أخبار كاذبة” و”الانضمام إلى جماعة إرهابية”، وسط غياب تحقيقات شفافة أو تقديم أدلة جديدة.

 

ويُحرَم المحتجزون في هذه القضايا من حقوقهم الأساسية، بما في ذلك حق التواصل مع المحامين، الحضور العلني لجلسات تجديد الحبس، والاطلاع على الإجراءات القانونية، مما يسلط الضوء على أزمة حقيقية في منظومة العدالة المصرية.

 

وتعكس هذه الممارسات تراجعاً في ضمانات المحاكمة العادلة واستخدام القانون كأداة للانتقام السياسي، ما يثير تساؤلات جادة حول مستقبل حقوق الإنسان والحريات في البلاد.

قد يعجبك ايضا