لهذه الأسباب لا يزال سجل السعودية في مجال حقوق الإنسان مصدر قلق
لا يزال سجل المملكة العربية السعودية في مجال حقوق الإنسان مصدر قلق. يشمل هذا التقرير النقاط الأربع الأكثر إثارة للقلق في الوقت الحاضر في السعودية؛ بما في ذلك قتل المهاجرين وقمع المعارضين والتمييز المنهجي ضد المرأة.
الانتهاكات في القطاعات التالية التي يغطيها هذا التقرير، تخالف المعايير الدولية لحقوق الإنسان وتتطلب اهتمامًا عاجلًا.
1- العدالة الجنائية، والاعتقالات التعسفية وقمع المعارضين:
يفتقر نظام العدالة الجنائية في المملكة العربية السعودية إلى الشفافية والنزاهة، مما ينعكس سلبًا على حماية حقوق الإنسان. إن نظام العدالة الجنائية في البلاد محكوم بالغموض، حيث يفتقر إلى قوانين مكتوبة ويمنح القضاة درجة من الاستقلالية.
يؤثر سوء استخدام الأحكام الغامضة في القانون على الجرائم الإلكترونية، مما يسمح باعتبار الأنشطة عبر الإنترنت مخالفة للنظام العام أو غيرها من المصطلحات وتجريمها.
غالبًا ما تفشل المحاكمات في السعودية في تلبية معايير العدالة الدولية. تفيد التقارير أن أحكام الإدانة تصدر بناء على اعترافات منتزعة بالإكراه وأدلة مُنتزعة تحت التعذيب.
في حالات المعارضة السياسية أو حرية التعبير أو تكوين الجمعيات، تعتقل السلطات السعودية المعارضين والمفكرين والنشطاء السلميين وتحكم عليهم بالسجن لمدد طويلة قد تزيد عن عشر سنوات أو بالإعدام، بسبب منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي.
علاوة على ذلك، فإن إساءة استخدام التهم “الشاملة” ينتهك حقوق الإنسان. وتسمح الأحكام “الشاملة”، مثل عقوبة الإرهاب، بتجريم المعارضة السلمية والدفاع عن حقوق الإنسان.
غالبًا ما تؤدي عمليات تسليم المطلوبين للمملكة إلى الاحتجاز التعسفي والمحاكمات غير العادلة، مع وجود خطر كبير لتعذيب المحتجزين.
كما أن سوء معاملة المحتجزين، من الحبس الانفرادي إلى الحجز بمعزل عن العالم الخارجي، ينتهك حقهم في محاكمة عادلة وكرامتهم الإنسانية. تسلط هذه الممارسات الضوء على الحاجة الملحة لإجراء إصلاحات لضمان امتثال نظام العدالة الجنائية للمعايير الدولية لحقوق الإنسان وحماية حقوق جميع الأفراد.
2- عقوبة الإعدام
تواصل المملكة العربية السعودية فرض وتنفيذ أحكام الإعدام. يمكن أن تصدر هذه الأحكام عن جرائم مختلفة، من ضمنها الجرائم غير العنيفة، وهو ما يتعارض مع المعايير الدولية التي تحصر عقوبة الإعدام في أشد الجرائم خطورة.
أُعدم حسين أبو الخير في مارس 2023 بعد أن حُكم عليه بجريمة مخدرات، وبعد محاكمة ندد فيها باستخدام التعذيب للحصول على اعترافات بالإكراه. يسلط إعدامه الضوء على استمرار استخدام عقوبة الإعدام على الرغم من الاحتجاجات الدولية.
كما يتم تطبيق عقوبة الإعدام على أفراد كانوا قاصرين عند ارتكابهم الجرائم المزعومة، فيما أكدت هيئة حقوق الإنسان السعودية أن عقوبة الإعدام لن يكون لها أي تداعيات على القاصرين. ولا تزال حالات مثل “جلال لباد” معرضة لخطر الإعدام الوشيك في الوقت الحالي، بعد أن أيدت المحكمة العليا في السعودية الحكم عليه سرًا.
وإن أحكام الإعدام التي يحكم فيها نظام العدالة الجنائية السعودي معرضة لخطر صدورها في محاكمات غير قانونية. تعكس هذه الممارسات نمطا أوسع من انتهاكات حقوق الإنسان، حيث يحرم المدعى عليهم من الإجراءات العادلة ويمكن أن يكونوا ضحايا للتعذيب والأحكام القاسية على جرائم غير عنيفة.
هذه العقوبة، التي لا تقتصر على الجرائم الأشد خطورة، تصدر أيضًا في الجرائم المتعلقة بحرية التعبير. ففي يوليو من عام 2023، حُكم على الأستاذ المتقاعد، محمد الغامدي، بالإعدام بسبب نشاطه السلمي على الإنترنت. أدين بموجب قانون مكافحة الإرهاب السعودي، وتجسد هذه القضية التدابير القصوى المتخذة لقمع المعارضة.
تواصل السعودية، على الرغم من الضغوط الدولية، تطبيق عقوبة الإعدام على مجموعة واسعة من الجرائم، بما في ذلك الأنشطة التي تحميها المعايير الدولية لحقوق الإنسان. يستدعي استمرار إعدام الأفراد، بعد محاكمات غير عادلة، تدقيقاً دوليًا عاجلًا واتخاذ إجراءات لدعم حقوق الإنسان في المملكة.
3- المهاجرون ومراكز الاحتجاز
تشكل معاملة السعودية للمهاجرين مصدر قلق في مجال حقوق الإنسان. فقد أسفرت الحملة التي تشنها الحكومة على الأفراد المتهمين بمخالفة أنظمة الإقامة أو الحدود أو العمل عن عدد كبير من الاعتقالات التعسفية وعمليات الترحيل.
ووردت تقارير عن استخدام حرس الحدود السعودي أسلحة متفجرة وإطلاق النار على المهاجرين من مسافة قريبة، وشن هجمات موجهة ضد السكان المهاجرين الذين يحاولون دخول البلاد.
أسفرت هذه الأفعال، التي تم الإبلاغ عنها خلال العام الماضي، عن مئات الوفيات والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
وقد لاحظت منظمة هيومن رايتس ووتش أن هذه الهجمات قد تبدو ممنهجة ومتعمدة، مما يدق ناقوس الخطر بشأن انتهاكات حقوق الإنسان.
وفقاً للتقارير، ثمة مخاطر على المهاجرين وطالبي اللجوء الذين يحاولون الوصول إلى البلاد عبر اليمن. وأسفرت نيران المدفعية السعودية ونيران القناصة على الحدود اليمنية عن مقتل ما لا يقل عن 794 شخصًا وإصابة 1,703 آخرين في عام 2022.
من ناحية أخرى، تصبح مراكز احتجاز المهاجرين في المملكة محط اهتمام عند تقييم جودة حقوق الإنسان. تتسم هذه المراكز بظروف قاسية، فغالباً ما يعاني المهاجرون وطالبو اللجوء من الاحتجاز المطول والتعسفي دون إمكانية الحصول على الحماية القانونية.
كما أن ظروف الاحتجاز مروعة؛ فالطعام غير كافي، وسوء نوعية المياه وانعدام النظافة الصحية تشجع على انتشار الأمراض. ثمة تقارير عن وقوع انتهاكات وحالات وفاة على أيدي مسؤولي مراكز الاحتجاز، وهو ما يعد انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان.
بالإضافة إلى ذلك، يشجع نظام الكفالة المعمول به في السعودية على استغلال العمال المهاجرين. لا يزال هذا النظام من أكثر الأنظمة صرامة، على الرغم من الإصلاحات الأخيرة، فهو يمنح أصحاب العمل سيطرة مفرطة على تنقل العمال المهاجرين ووضعهم القانوني.
ويؤدي هذا الاختلال في السلطة إلى حالات من سوء المعاملة، مثل مصادرة جوازات السفر، والتأخر في دفع الأجور والعمل القسري.
4- حقوق المرأة ونظام الوصاية
تتعرض المرأة السعودية للانتهاك وتعاني من تمييز كبير، سواء في القانون أو في الممارسة العملية على الرغم من صدور قانون الأحوال الشخصية في عام 2022، لا تزال المرأة السعودية تعاني من تمييز، سواء في القانون أو في الممارسة العملية.
فقد قنن هذا القانون ولاية الرجل، وأضفى الطابع الرسمي على تقليد يقوض حقوق المرأة ويكرس أوجه عدم المساواة المنهجية في المجتمع السعودي.
بموجب قانون الأحوال الشخصية، يتم تعيين الآباء أوصياء على أطفالهم بشكل افتراضي. لا تزال الأمهات يُمنحن الحضانة في حالة الانفصال، ولكن الوصي القانوني على الطفل هو الأب دائمًا.
لا يحمي هذا القانون مصالح الطفل، وعادةً ما يتجاهلها ويحد من دور الأم عندما يتعلق الأمر باتخاذ قرارات ملزمة في حياة أطفالها، مما يحد من تأثير الأم على الرفاهية الاجتماعية والاقتصادية لأطفالها، ويؤدي الى تجاهل حقوقها وحقوق طفلها.
يكرس القانون التمييز بين الجنسين عندما يتعلق الأمر بالطلاق، حيث يحدّ هذا القانون من حرية المرأة في الطلاق، ويشترط إثبات الضرر الذي يجعل استمرار الزواج مستحيلًا. كما أن هذا القانون غامض ولا يحدد ما الذي يشكل الضرر أو ما هي الأدلة المقبولة، تاركًا القانون لتقدير القاضي.
يُستهدف نشاط حقوق المرأة في السعودية من قبل السلطات المحلية. تتعرض الناشطات السعوديات المدافعات عن حقوق المرأة لاضطهاد قاسٍ، وتصدر بحقهن أحكام قاسية بتهم تتضمن النشاط السلمي بصفته شكلا من أشكال الإرهاب.
لا تزال حقوق المرأة وحرياتها مقيدة بشدة من قبل البنية التشريعية العامة في المملكة، حتى مع وجود تطورات قليلة مثل السماح للمرأة بقيادة السيارة وتوسيع فرص العمل.
تتطلب حماية حقوق جميع النساء وضمان المساواة بين الجنسين إصلاحات شاملة تعالج هذه القضايا الأساسية.
التوصيات:
الإفراج الفوري عن جميع الأشخاص المحتجزين بسبب ممارستهم لحقهم في التعبير عن الرأي. ووضع مدونة قانونية شفافة تلتزم بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
التحفظ على هذه العقوبة بالنسبة لأشد الجرائم خطورة. ووقف تنفيذ حكم الإعدام بحق المدانين بجرائم ارتكبوها عندما كانوا قاصرين.
الإلغاء الفوري لأي سياسة للاستخدام المتعمد للقوة المميتة ضد المهاجرين وطالبي اللجوء. وتحسين الظروف في مراكز احتجاز المهاجرين.
تحديث قانون الأحوال الشخصية لضمان وضع حد للتمييز ضد المرأة.