مشروع قانون مصري للإجراءات الجنائية يُنبئ بكارثة

هذا الأسبوع، سارع البرلمان المصري إلى الموافقة “من حيث المبدأ” على مشروع قانون اقترحته الحكومة ليحل محل قانون الإجراءات الجنائية لعام 1950.

 

عبّرت “نقابة المحامين” و”نقابة الصحفيين” و”منظمات حقوقية“، منها “هيومن رايتس ووتش”، وأحزاب سياسية وخبراء أُمميون مستقلون عن معارضتهم الشديدة لمشروع القانون. بدل التعجيل بإقرار مشروع القانون، والذي ناقشته لجنة فرعية برلمانية على مدى أشهر بشكل سرّي إلى حد كبير، عبر البرلمان المؤيد للحكومة بأغلبيته قبيل انتهاء دورته الحالية، ينبغي للسلطات الإصغاء إلى الشعب والمجتمع المدني المصريَّيْن.

 

مكَّن قانون الإجراءات الجنائية الحالي مسؤولي النيابة العامة والقضاة من إبقاء الناس محبوسين احتياطيا لأشهر أو سنوات بدون جلسات استماع مناسبة أو أدلة على ارتكاب مخالفات. كما يفتقر، مثله مثل قانون العقوبات، إلى تعريفات وعقوبات كافية للجرائم المنهجية المنتشرة بشدة المتمثلة في التعذيب والاختفاء القسري.

 

مشروع القانون هذا هو جزء من مجموعة من القوانين المنتهِكة التي تمنح السلطات صلاحيات مفرطة  سمحت لحكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ العام 2013 بتحويل النظام القضائي إلى أداة للقمع الجماعي، مع اعتقال ومحاكمة عشرات آلاف المنتقدين والمعارضين تعسفا، وقتل بعضهم أثناء الاحتجاز.

 

وجد تحليل أولي لمشروع القانون أنه لا يدخل إصلاحات جادة على قانون الإجراءات الجنائية، بل يقوّي النيابة العامة بوجه القضاة ويديم الصلاحيات غير المقيَّدة لقوات الأمن.

 

رغم الوعود المتكررة من المسؤولين، بمن فيهم الرئيس السيسي، بمعالجة الانتهاكات الناتجة عن الحبس الاحتياطي، لا يقصّر مشروع القانون الحد الأقصى للحبس الاحتياطي إلا بشكل طفيف. كما لا يتماشى مع التزامات مصر الدولية بضمان أن يكون استخدام الحبس الاحتياطي الاستثناء وليس القاعدة، وعرض كل محتجز بسرعة وحضوريا أمام قاضٍ للبت في شرعية احتجازه.

 

كما يُبقي مشروع القانون على الصلاحيات الاستنسابية الواسعة لمسؤولي النيابة العامة لإبقاء الأشخاص محبوسين احتياطيا لأشهر بدون مراجعة قضائية، ولا يعالج ظاهرة “التدوير” التي يتهم فيها مسؤولو النيابة المعتقلين بقضايا جديدة بتهم متطابقة بشكل متكرر لإبقائهم محتجزين. كذلك، يقوّض مشروع القانون بشدة مبادئ المحاكمة العادلة، بأساليب منها التوسع الكبير في استخدام نظام “الفيديوكونفرس” المنتهِك في جميع جلسات الاستماع، وهو يُبقي المعتقلين معزولين عن العالم الخارجي.

 

تعكس المعارضة الواسعة لهذا المشروع حيوية المجتمع المدني المصري الدائمة رغم سنوات القمع والحكم بقبضة من حديد. ويثبت التشريع الذي تشوبه العيوب أن السلطات ليس لديها أي نية لإنهاء القمع الواسع والعمل جديا على حل أزمات الحقوق السياسية والاقتصادية المترابطة في مصر.

قد يعجبك ايضا