منظمتان حقوقيتان تصفان قوانين الإعلام الجديدة في الجزائر بأنها انتكاسة لحرية التعبير

الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – عبر منظمتي المادة 19 ومنّا لحقوق الإنسان عن قلقهما إزاء اعتماد البرلمان الجزائري مؤخراً لمشروع قانون عضوي المتعلق بالإعلام، والذي سيكون له تأثير ضار على حرية التعبير في البلاد.

بالإضافة إلى ذلك، تعمل السلطات الجزائرية حالياً على اعتماد مشروعي قانونين إضافيين يتعلقان بالأنشطة السمعية والبصرية والصحافة المطبوعة والإلكترونية.

في تحليل أُرسل إلى المقرر الخاص المعني بحرية الرأي والتعبير في 7 يونيو 2023، وجدت المادة 19 ومنّا لحقوق الإنسان أن العديد من البنود الواردة في التشريعات الثلاثة تتعارض مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.

وهي تشمل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، وكلاهما صادقت عليهما الجزائر.

كما أخفق مشروع القانون في معالجة أوجه القصور في قانون المعلومات التقييدي لعام 2012 الذي يعتزم استبداله.

وعلى وجه الخصوص، نأسف لأن قانون الإعلام الجديد لا يزال يحتوي على معايير مرجعية غامضة الصياغة تحكم أنشطة الصحفيين.

تنص المادة 3 من القانون العضوي الجديد للإعلام، وفقاً لمواد قانون المعلومات لعام 2012، على أن الأنشطة الإعلامية يجب أن تحترم “الدين الإسلامي والمرجعية الدينية الوطنية والأديان الأخرى”، “الهوية الوطنية والثوابت والقيم الدينية والأخلاقية والثقافية للأمة”، “السيادة الوطنية والوحدة الوطنية ووحدة التراب الوطني”.

ستستمر الطبيعة الواسعة وغير الدقيقة لهذه المعايير المرجعية في التأثير بشكل غير متناسب على الممارسة السلمية لحرية التعبير.

وفي سياق مماثل، يُلزم مشروع القانون الصحفيين باحترام عدد من القواعد الإضافية التي تفتقر إلى الوضوح القانوني وتتعارض مع المعايير الدولية لحرية التعبير. على سبيل المثال، يجب على الصحفيين الامتناع عن نشر أو بث “أخبار كاذبة أو مغرضة”.

في الإعلان المشترك لعام 2017 بشأن حرية التعبير و”الأخبار المزيفة” والمعلومات المضللة والدعاية، أشار المقرر الخاص السابق المعني بحرية الرأي والتعبير إلى أنّ:

“الحظر العام على نشر المعلومات بناءً على مفاهيم مبهمة وغامضة، بما في ذلك “الأخبار المزيفة” أو “معلومات غير موضوعية”، غير متوافق مع المعايير الدولية المتعلقة بالقيود المفروضة على حرية التعبير (…) ويجب إلغاؤه”.

ومن المجالات الأخرى المثيرة للقلق الحظر المفروض على الجزائريين الذين يحملون جنسية مزدوجة ويمتلكون أو يصبحون مساهمين في وسيلة إعلامية في الجزائر.

على الرغم من تلقي انتقادات وتعديل مقترح من قبل أحد أعضاء مجلس الأمة، إلا أن هذه المادة لا تزال سارية في قانون الإعلام الجديد.

علاوة على ذلك، يُطلب من الصحفيين في الجزائر الذين يعملون في وسيلة إعلامية مملوكة للأجانب الحصول على اعتماد مسبق.

وبموجب المادة 12 من مشروع القانون العضوي “يمنع التمويل والدعم المادي المباشر وغير المباشر من أية جهة أجنبية” ويعاقب المخالفون “بغرامة تتراوح بين مليون ومليوني دينار”.

نخشى أن تكون هذه المادة مكملة للعقوبات الموجودة في قانون العقوبات والتي تم استخدامها ضد الأصوات المعارضة.

على سبيل المثال في 29 ديسمبر 2022، أعتقل الصحفي الجزائري إحسان القاضي، وهو مدير لكل من راديو آم وموقع إنترفاس ميديا، لتلقيه أموالاً من مصادر أجنبية بزعم خرق المادة 95 من قانون العقوبات.

حيث تعاقب المادة 95 على من يحصلون على تمويل من شأنه المساس “بأمن الدولة أو بإستقرار مؤسساتها وسيرها العادي أو بالوحدة الوطنية أو السلامة الترابية أو المصالح الأساسية للجزائر أو الأمن والنظام العموميين”.

وفيما يتعلق بالمصادر الصحفية، فعلى الرغم من أن نص مشروع القانون يقر بأن “السر المهني حقاً للصحفي طبقاً للتشريع والتنظيم المعمول بهما”.

إلا أنه يلزم الصحفيين بالكشف عن مصادرهم للمحاكم عند الطلب. وبدون وجود ضمانات كافية، فإن هذا الحكم سيقوض مبدأ حماية مصادر الصحفيين.

فيما يتعلق بالمثل، تنص المادة 32 من مشروع القانون العضوي بشأن الإعلام على أن للصحفي الحق في الوصول إلى مصدر المعلومات إلا عندما يتعلق الخبر المساس “بسر الدفاع الوطني كما هو محدد في التشريع المعمول به، بأمن الدولة و/أو السيادة الوطنية، بسرية التحقيق الإبتدائي والقضائي، بالمصالح المشروعة للمؤسسات، بالحياة الخاصة للغير وحقوقهم”.

تحذر منظمتي المادة 19 ومنّا لحقوق الإنسان من أن مثل هذه القيود قد تعيق الوصول إلى المعلومات ذات المصلحة العامة، والتي بدورها قد تثني العاملين في وسائل الإعلام أو المجالات ذات الصلة عن الانخراط في هذه القضايا.

من المحتمل أن تؤدي هذه المادة إلى تقويض قدرة الصحفيين على تقديم معلومات دقيقة وموثوقة.

أخيراً، يُنشئ مشروع القانون أيضاً سلطات تنظيمية وذاتية التنظيم على وسائل الإعلام دون ضمان استقلاليتها.

في الواقع، يقترح مشروع القانون العضوي للإعلام إنشاء مجلس أعلى لآداب وأخلاقيات مهنة الصحفي، ويتم تعيين نصف أعضائه مباشرة من قبل رئيس الجمهورية. يثير هذا مخاوف بشأن قدرة المجلس على العمل بشكل مستقل.

تنص مشاريع القوانين المتعلقة بالصحافة المطبوعة والإلكترونية على إنشاء هيئة تنظيمية لوسائل الإعلام المطبوعة والإلكترونية، بينما يعدل مشروع القانون المتعلق بالأنشطة السمعية والبصرية حالة الهيئة التنظيمية السمعية والبصرية التي تم إنشاؤها في عام 2014.

وتنص القوانين على ما يلي: يتم تعيين جميع أعضاء الهيئتين التنظيميتين من قبل رئيس الجمهورية، مما يثير مخاوف جدية بشأن استقلاليتهم.

رحبت المنظمتان بحقيقة أن أياً من هذه النصوص لا يفرض عقوبات سالبة للحرية في جرائم الصحافة. ومع ذلك، يجب ألا يُقرأ النص الجديد بمعزل عن قانون العقوبات، الذي يحتوي على عدة مواد تعاقب على جرائم التعبير غير العنيف بالسجن.

حيث أنّ صحفيان معتقلان حالياً في الجزائر، هما إحسان القاضي ومصطفى بن جمعة، لممارستهما حرية التعبير.

نوصي بأن تحل مواد قوانين الإعلام صراحة محل مواد قانون العقوبات فيما يتعلق بجرائم التعبير غير العنيف، سواء ارتكبها صحفيون أو أفراد آخرون.

سيضمن ذلك أن تكون الأسبقية لقوانين وسائل الإعلام ويوفر إطاراً قانونياً يدعم حرية التعبير ويحمي الصحفيين من التجريم أو السجن غير المبرر.

تحتل الجزائر المرتبة 136 من 180 في مؤشر حرية الصحافة العالمي لعام 2023 لمنظمة مراسلون بلا حدود.

منذ عام 2019، تمت مقاضاة واحتجاز ما لا يقل عن 11 صحفياً وعاملاً إعلامياً، وزادت السلطات من حجب المواقع الإخبارية والمنشورات التي تنتقد الحكومة.

قد يعجبك ايضا