استمرار أزمة برامج التجسس إثر التقاعس بعد مضي عام على مشروع بيغاسوس
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – بعد مرور عام على اكتشافات مشروع بيغاسوس، حذرت منظمة العفو الدولية من أن غياب حظر عالمي على بيع برامج التجسس يسمح لقطاع صناعة برامج الرقابة بالاستمرار في نشاطه من دون رادع.
كشف مشروع بيغاسوس عن كيفية استخدام الحكومات في جميع أنحاء العالم لبرنامج التجسس بيغاسوس التابع لمجموعة “إن إس أو” لوضع نشطاء حقوق الإنسان والقادة السياسيين والصحفيين والمحامين في جميع أنحاء العالم تحت المراقبة غير القانونية.
بعد المطالبات المتكررة بتنظيم قطاع صناعة برامج الرقابة، تم اتخاذ بعض الخطوات الإيجابية – لكن الإجراءات الحكومية ليست كافية بعد.
قالت منظمة العفو الدولية: “بعد مضي عام واحد على صدور الاكتشافات المتعلقة ببرنامج التجسس بيغاسوس التي صدمت العالم، من المثير للقلق أن شركات برامج الرقابة لا تزال تنتفع من انتهاكات حقوق الإنسان على نطاق عالمي”.
وأضافت المنظمة: “أطلق مشروع بيغاسوس صرخة تحذير مفادها أن هناك حاجة ماسة لاتخاذ إجراءات عاجلة لتنظيم صناعة خارجة عن نطاق السيطرة”.
وتابعت العفو الدولية: “من المشين أن الحكومات في جميع أنحاء العالم لم تسارع وتتعامل بشكل كامل مع أزمة برامج الرقابة الرقمية هذه”.
وأكملت قائلة: “يحق لكل شخص مستهدف ببرامج التجسس التابعة لمجموعة “إن إس أو” أن يتاح له سبيل انتصاف”.
واستطردت أمنستي بالقول: “إن تقاعس الحكومات العالمية عن اتخاذ إجراءات مجدية هو إهانة بالنسبة لأولئك الذين عانوا، جسديًا ونفسيًا، بعد استهدافهم ببرامج التجسس المنتهكة للخصوصية هذه”.
وأضافت: “فالرقابة غير القانونية المستهدفة للمدافعين عن حقوق الإنسان والمجتمع المدني هي أداة للقمع. لقد حان الوقت لاتخاذ إجراءات صارمة ضد هذا القطاع الذي يواصل نشاطه في الخفاء”.
لقد كان مشروع بيغاسوس عبارة عن تعاون من قبل صحفيين من 17 مؤسسة إعلامية في 10 بلدان، بتنسيق من منظمة “فوربيدن ستوريز” Forbidden Stories.
وقد استخدم مختبر الأمن التابع لمنظمة العفو الدولية تحليلات تقنية جنائية رقمية متطورة ومنهجيات بحث لتأكيد الأدلة على الاستهداف واختراق عشرات الهواتف حول العالم.
في العام الماضي، كشف مختبر الأمن حالات جديدة من الاستهداف باستخدام برنامج بيغاسوس في المغرب/الصحراء الغربية وبولندا.
بالإضافة إلى ذلك، أكد مختبر الأمن بشكل مستقل العديد من الحالات الإضافية التي لا يزال يُستخدم فيها برنامج بيغاسوس لاستهداف الأشخاص بشكل غير قانوني، بما في ذلك حالات في السلفادور، وإسرائيل/الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبولندا، وإسبانيا.
الرقابة غير القانونية تنتهك الحق في الخصوصية، ويمكن أيضًا أن تنتهك الحق في حرية التعبير والرأي وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها، والتجمع السلمي.
قامت منظمة العفو الدولية بالتحقيق في قضية الرقابة غير القانونية لسنوات عديدة. هناك أدلة متزايدة على انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها الحكومات، وكيف تنتفع الشركات من الرقابة المستهدفة غير القانونية.
كل شهر، هناك حالات جديدة مؤكدة لأشخاص مستهدفين ببرنامج بيغاسوس. وأجرت منظمة العفو الدولية مقابلات مع العديد من الأشخاص الذين استُهدفوا به، والذين تحدثوا عما عانوه من جراء استهدافهم.
قالت “جوليا غافاريت“، الصحفية في السلفادور: “إنه لأمر مشين أن يتم استخدام أداة قوية تُستعمل لمكافحة المجرمين، من أجل الاعتداء على الصحفيين المستقلين والمدافعين عن حقوق الإنسان”.
وأضافت “غافاريت“: “إنه لأمر مشين ألا يكون لدينا أدنى فكرة عمن كان وراء الاستهداف. من المستحيل ألا نشعر بالغضب عندما تكون حياتنا كلها تحت سيطرة شخص آخر، ولا توجد إجابات بشأن المسؤولية تجاه ذلك”.
وأكملت قائلة: “لقد دفعني الاستهداف إلى تغيير طريقتي في الاتصال، والأماكن التي اعتدت الذهاب إليها، والتفكير مرتين أيضًا في نوع المعلومات التي أرغب في تبادلها مع الآخرين – ليس فقط بسبب أمني الشخصي، ولكن أيضًا لحماية سلامة أولئك الذين يتواصلون معي”.
“يجب أن أكون على دراية بالأماكن التي نزورها، وأحاول توخي الحذر الشديد في كل مرة تكون فيها أجهزتنا بالقرب منا … بصفتي صحفية، عليّ أن أحمي مصادري، لكن بصفتي امرأة، أحتاج إلى حماية عائلتي وأصدقائي. تنطوي الرقابة على إهانة لحياتنا المهنية وحياتنا الخاصة”.
وصف “هشام المنصوري“، صحفي مغربي يعيش في فرنسا، استهدافه بأنه: “شكل عنيف للغاية من الرقابة، لأننا نحرم أنفسنا من التعبير عن رأينا في قضايا عديدة سواء في كانت شخصية أو مهنية”.
وأضاف قائلًا: “هذا هو هدفهم: أن تصبح مرتابًا، وتنعزل عن الناس ويزجّوك في سجن”.
هناك حاليًا تحقيقات مفتوحة، وقضايا لم يُبتّ فيها ضد مجموعة “إن إس أو” في فرنسا، والهند، والمكسيك، وبولندا، وإسبانيا.
في مارس/آذار، أنشأ البرلمان الأوروبي لجنة بيغا PEGA للتحقيق في استخدام برنامج بيغاسوس وبرامج التجسس الأخرى في أوروبا.
في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، وضعت حكومة الولايات المتحدة مجموعة “إن إس أو” على قائمة الكيانات، “للانخراط في أنشطة تتعارض مع الأمن القومي أو مصالح السياسة الخارجية”.
وفي وقت لاحق من ذلك الشهر، رفعت شركة آبل دعوى قضائية ضد مجموعة “إن إس أو” لمحاسبتها على مراقبة مستخدمي آبل واستهدافهم.
في الأسابيع الأخيرة، وردت تقارير تفيد بأن شركة المقاولات الدفاعية الأمريكية L3Harris تجري محادثات لشراء ملكية برنامج بيغاسوس. لا يزال مستقبل مجموعة “إن إس أو” غير واضح.
اختتمت منظمة العفو الدولية قائلة: “يجب مقاومة أي محاولة من جانب مجموعة “إن إس أو” لتغيير إطار أعمالها في محاولة للتهرب من المساءلة. إن قطاع صناعة برامج الرقابة بأكمله مفكك ويحتاج إلى إصلاح عاجل”.
“نواصل الدعوة إلى وضع حظر عالمي مؤقت على بيع ونقل واستخدام برامج التجسس حتى يتم تطبيق ضمانات تنظيمية تراعي حقوق الإنسان تحكم استخدامها”.
لدى الدول التزامات مُلزِمة بموجب القانون الدولي ليس فقط باحترام حقوق الإنسان، بل أيضًا لحمايتها من الانتهاكات من قبل أطراف ثالثة، بما في ذلك الشركات الخاصة.