جماعات الضغط الأمريكية تستهدف قانون مساءلة الشركات في الاتحاد الأوروبي

تتصاعد الضغوط على المشرعين الأوروبيين مع اقتراب البرلمان الأوروبي من اتخاذ قراره بشأن قانون مساءلة الشركات الجديد، وسط حملة قوية من جماعات الضغط الأمريكية وشركات صناعية كبرى، تسعى لتخفيف قواعد القانون التي تهدف إلى حماية حقوق الإنسان والبيئة.

وذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش، في تقرير حديث للباحث الأول والمحامي جيم ورمنجتون، أن البرلمان الأوروبي يواجه محاولات من جماعات ضغط صناعية، بينها غرفة التجارة الأمريكية لدى الاتحاد الأوروبي، لإضعاف توجيه العناية الواجبة بالاستدامة للشركات، الذي أقره الاتحاد الأوروبي عام 2024.

ويلزم القانون المقترح الشركات الكبرى العاملة داخل الاتحاد الأوروبي بتحديد ومعالجة الأضرار المتعلقة بحقوق الإنسان والبيئة في عملياتها وسلاسل التوريد الخاصة بها.

إلا أن الضغوط التي مارستها شركات أوروبية وأمريكية، بحسب هيومن رايتس ووتش، أسفرت عن تعديلات جوهرية في اقتراح المفوضية الأوروبية، تهدد بإضعاف أحكام رئيسية من القانون، وتجعل من الصعب على ضحايا انتهاكات الحقوق مقاضاة الشركات المتورطة.

وتُعتبر شركات الوقود الأحفوري الأوروبية والأمريكية من أبرز الجهات التي تسعى لإفراغ القانون من مضمونه، خاصة فيما يتعلق بالأحكام المناخية.

إذ يلزم القانون الشركات بإعداد وتنفيذ “خطة انتقالية للتخفيف من آثار تغير المناخ”، بما يتماشى مع هدف اتفاق باريس للحد من الاحتباس الحراري عند 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة.

وكشف التقرير أن دارين وودز، الرئيس التنفيذي لشركة إكسون موبيل الأمريكية، طلب من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في 27 يونيو/حزيران الماضي، إدراج مناقشة القانون ضمن المفاوضات التجارية مع الاتحاد الأوروبي.

كما اجتمع ممثلو إكسون موبيل خمس مرات على الأقل مع كبار مسؤولي المفوضية الأوروبية منذ بداية عام 2025، لمناقشة القانون أو قضايا ذات صلة.

وفي مواجهة هذه الضغوط، اقترحت بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تخفيف متطلبات القانون، بحيث تقتصر التزامات الشركات على “تبني جهود معقولة” بدلاً من تنفيذ خطط واضحة لتقليل انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري.

وتعتبر هيومن رايتس ووتش أن مثل هذه التنازلات تمثل خطراً كبيراً. إذ يُعد حرق الوقود الأحفوري السبب الرئيسي لأزمة المناخ، حيث يتسبب بنحو ثلثي انبعاثات غازات الدفيئة السنوية عالمياً.

وترتبط عمليات إنتاج الوقود الأحفوري بأضرار واسعة النطاق، تشمل تلوث الهواء والمياه، وتدمير النظم البيئية، فضلاً عن انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان.

وقال ورمنجتون في تقريره: “يقع الآن مصير قانون مساءلة الشركات في الاتحاد الأوروبي على عاتق البرلمان الأوروبي. بدلاً من الرضوخ لضغوط الصناعات القوية، ينبغي على البرلمانيين النضال من أجل قانون يُلزم الشركات باتخاذ إجراءات صارمة لمكافحة تغير المناخ، ويُحاسبها على انتهاكات حقوق الإنسان والبيئة في جميع أنحاء العالم.”

ويأتي هذا الجدل في وقت تواجه فيه أوروبا تداعيات موجات حر مدمرة عززت المخاوف البيئية. ويخشى نشطاء حقوق الإنسان والبيئة من أن يؤدي إضعاف القانون إلى إفراغه من محتواه، وحرمان المجتمعات المتضررة من آليات مساءلة حقيقية.

ويبقى البرلمان الأوروبي أمام اختبار حاسم: إما إقرار قانون قوي يضمن حماية البيئة وحقوق الإنسان، أو الرضوخ لضغوط جماعات الضغط التي تحاول حماية مصالحها على حساب كوكب الأرض وسكانه.

قد يعجبك ايضا