مسئول أممي: العنف المجتمعي يؤجج التوترات في غرب أفريقيا
نيويورك- حذر الممثل الخاص للأمين العام، ورئيس مكتب الأمم المتحدة لغرب أفريقيا ومنطقة الساحل من أن العنف بين المجتمعات والهجمات المستمرة من قبل المتطرفين لا يزالان يقوضان السلام والأمن في جميع أنحاء غرب أفريقيا، داعيا إلى الانخراط المستمر مع جميع الشركاء للمضي بشكل عاجل في نهج شامل يحقق السلام.
وقال محمد بن شمباس، خلال إحاطة قدمها لمجلس الأمن اليوم الخميس، إنه على الرغم من الجهود “المكثفة والمستمرة” التي تبذلها البلدان المعنية، فإن المتطرفين العنيفين يواصلون مهاجمة قوات الأمن والمدنيين على حد سواء، مع تجنيد الأطفال في القتال في بوركينا فاسو ومالي والنيجر ونيجيريا.
ووصف بن شمباس الأوضاع الأمنية بأنها “شديدة التقلب،” فحتى يونيو / حزيران، اضطر 921 ألف شخص في بوركينا فاسو وحدها إلى الفرار، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 92 في المائة مقارنة بأرقام عام 2019.
في مالي، نزح ما يقرب من 240 ألف شخص داخليا، 54 في المائة منهم من النساء، بينما أجبر 489 ألف شخص في النيجر على الفرار، وهذا يشمل النازحين واللاجئين النيجيريين والماليين. في نيجيريا، سيحتاج 7.7 مليون شخص إلى مساعدة طارئة في عام
تحديات مترابطة
مع تكثيف القوات الوطنية والمتعددة الجنسيات عمليات مكافحة الإرهاب، نظمت بعض المجتمعات مجموعات تطوعية ومليشيات للدفاع عن النفس. وقد أثارت جماعات حقوق الإنسان مخاوف بشأن الانتهاكات المزعومة من قبل هذه المليشيات، وكذلك من قبل قوات الأمن والدفاع.
وأشار بن شمباس إلى الروابط المتنامية بين الإرهاب والجريمة المنظمة والعنف بين القبائل، حيث “يواصل الإرهابيون استغلال العداوات العرقية الكامنة وغياب الدولة في المناطق الطرفية لخدمة أجندتهم.”
وحث بن شمباس الأمم المتحدة على أن تظل ملتزمة بالعمل مع جميع الشركاء وبناء القدرات الوطنية والمؤسسية، وتحسين قدرة المجتمع على الصمود، والدعوة إلى الحكم الرشيد، والإدماج السياسي، واحترام حقوق الإنسان والالتزام بسيادة القانون.
كوفيد-19 وتغير المناخ
قال السيد بن شامباس إن جائحة كوفيد-19 تعزز دوافع الصراع، وتلقي بظلال خطيرة على السلام والأمن. وقد أدى تأثيرها غير المتناسب على النساء والفتيات إلى زيادة تعرضهن لخطر قتل الإناث والعنف الجنسي.
وفي إشارتها إلى نقاط الضعف هذه، قالت هندو عمر إبراهيم، منسقة جمعية النساء والشعوب الأصلية في تشاد إن كـوفيد-19 يزيد من تفاقم تأثير تغير المناخ، حيث يعتمد الرحّل في مجتمعها على البيئة من أجل البقاء.
وقد اعتاد هؤلاء الرحل على متابعة هطول الأمطار في جمهورية أفريقيا الوسطى، ولكن بسبب عمليات الإغلاق الناجمة عن الجائحة، ظلوا في منطقتهم، حيث تموت الماشية. وأضافت: “عندما تعاني الماشية بسبب الجفاف، ينعدم الأمن الغذائي للناس”.
وقد أصبح تغير المناخ في منطقة الساحل “كابوسا” بالنسبة للملايين. وبشأن ذلك، أبلغت السيدة هندو مجلس الأمن بالقول: “سواء كانت هناك أمطار غزيرة تغمر المحاصيل، أو جفاف يؤدي إلى تقليص الموارد، فإن ذلك يقود إلى الصراع بين المجتمعات التي تكافح من أجل الحصول على الأراضي أو المياه”.
وقد تقلصت بحيرة تشاد بنسبة 90 في المائة منذ عام 1960. واليوم، يعتمد 40 مليون شخص الآن على هذه الموارد. وعن ذلك تقول هندو إن “تغير المناخ هو حقيقة مجتمعنا.” في جميع أنحاء المنطقة، كان الناس يعيشون في وئام. أما اليوم فهم يقتلون بعضهم البعض. “ليس من أجل السلطة، بل من أجل الماء”.
وأوضحت الناشطة التشادية أن الأمطار تساهم في إطعام الناس. فبدونها، يتعين على العائلات البحث عن حلول أخرى، حيث تجبر الأزمة الرجال من مجتمعها على البحث عن عمل في المدن الكبرى. “إنهم يذهبون إلى هناك لا ليكونوا أغنياء. إنهم يذهبون إلى هناك من أجل كرامتهم.”
ويترك هؤلاء الرجال النساء وحدهن ليقمن بأعباء تربية الأطفال مع احتمال تعرضهن لخطر الاستعباد من قبل جماعة بوكو حرام. وأضافت هندو بالقول: “ليس لدينا سوبر ماركت حيث يمكننا الذهاب لشراء الطعام”. لا يوجد سوى ما تجود به الطبيعة من الأمطار.
ليس هذا المستقبل الذي نريده للناس
تغير المناخ هو قضية أمنية رئيسية في منطقة الساحل. وقالت هندو إن الجيوش العسكرية “لا تستطيع إطعام معدة فارغة ولا يمكن للاستجابة الإنسانية بناء مستقبل مستدام للمجتمع.”
وبرغم تشديدها على أهمية وجود الجيش والاستجابة الإنسانية – الأدوات الوحيدة المتاحة حاليا – إلا أنها ليست كافية، على حد تعبيرها.
وحثت الناشطة التشادية مجلس الأمن على تصور المنطقة لعشر 10 سنوات قادمة، حيث إن الشباب، الذين يشكلون 55 في المائة من السكان، لا يتصورون سوى مستقبل قاتم، و”هذا ليس المستقبل الذي نريده للناس.”
وبدلا من ذلك، دعت السيدة هندو إبراهيم إلى “صفقة خضراء جديدة” لمنطقة الساحل، من شأنها تعزيز بيئتها وحلولها القائمة على الطبيعة. وقالت إن الناس بحاجة إلى الوصول المباشر إلى مشاريع التمويل والتكيف، قائلة “لدينا الحلول. لكنها لن تنجح إذا لم يكن هناك دعم منكم – وإذا لم يُعتبر تغير المناخ محركا رئيسيا للنزاع.”