مركز القاهرة يرحب القرار تشكيل لجنة تحقيق حول الانتهاكات المرتكبة بحق الفلسطينيين
اعتمد مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة الخميس 27 مايو 2021 قرارًا تاريخيًا بتشكيل لجنة تحقيق دائمة لمعالجة الانتهاكات الإسرائيلية الأخيرة والجارية بحق الشعب الفلسطيني على جانبي الخط الأخضر.
وستعالج لجنة تحقيق أيضاً الأسباب الجذرية للاستعمار الاستيطاني وجريمة الفصل العنصري الإسرائيلي.
تم اعتماد القرار خلال جلسة خاصة انعقدت بناء على طلب من دولة باكستان، نيابة عن الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، فضلاً عن أعضاء ومراقبين أخرين بالأمم المتحدة.
قالت “ندى عوض” مسئولة المناصرة الدولية بمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان: “نرحب باعتماد هذا القرار التاريخي”.
ولكن أضافت “عوض”: “هذا لا ينفي فشل دول الاتحاد الأوروبي في دعم القانون الدولي والمحاسبة فيما يتعلق بالجرائم المحتمل ارتكابها من قِبَل إسرائيل، بما في ذلك جريمة الفصل العنصري التي تُعد جريمة ضد الإنسانية”.
وقالت “عوض” أيضاً: “فما زالت المعايير المزدوجة تقوض بشكل مخزي أي إمكانية لتحقيق العدالة”.
شددت “عوض” أيضًا على أهمية دور المدافعين الفلسطينيين عن حقوق الإنسان والمجتمع المدني العالمي في الدفع باتخاذ هذه الإجراءات داخل مجلس حقوق الإنسان.
وأشارت قائلة “إن هذا القرار التاريخي نتاج سنوات من عمل الفلسطينيين الشجعان والمدافعين عن حقوق الإنسان حول العالم، هؤلاء حثوا المجتمع الدولي على معالجة الأسباب الجذرية لأزمة حقوق الإنسان التي يواجها الشعب الفلسطيني، وخاصة مشروع الاستعمار الاستيطاني والفصل العنصري طويل الأمد”.
وعن تجربتها، تحدثت “ميساء أبو العوف”، مواطنة فلسطينية من غزة، أمام مجلس حقوق الإنسان، عن القصف الإسرائيلي العشوائي لمنزلها، والذي أسفر عن تدمير البناية ومقتل 43 فلسطينيًا، بينهم شقيقتيها، وإصابة 120 آخرين.
“ميساء” طالبت المجلس باتخاذ إجراءات عاجلة قائلة: “لم تكن أختاي مجرد رقمين، إننا لسنا قطع شطرنج في لعبة السياسة، نحن أرواح تسعى للبقاء والعيش الكريم، بشر، نساء وأطفال، لدينا آمالنا وأحلامنا، نناشدكم مواصلة الضغط من أجل العدالة ومحاسبة الجناة، أوقفوا جريمة الفصل العنصري الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني”.
في أعقاب دعوة المجتمع المدني للتحرك العاجل، انضم أكثر من 3000 فردًا ومنظمة من أكثر من 77 دولة بالتوقيع على عريضة تُطالب الدول أعضاء الأمم المتحدة، بالتصويت لصالح قرار بتشكيل لجنة تحقيق أممية دائمة.
حيث طالببوا بالتحقيق في الانتهاكات المنهجية التي تستهدف الشعب الفلسطيني على جانبي الخط الأخضر. كما خاطب أفراد ومنظمات وزراء خارجيتهم وبعثات دولهم في جنيف؛ لحثهم على دعم القرار.
يذكر أن هذه المرة الأولى في تاريخه، يتطرق مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة لانتهاكات حقوق الإنسان والسياسات التمييزية التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني في الأرض الفلسطينية المحتلة وفي إسرائيل.
وبهذا القرار، اعترف المجلس بحالة حقوق الإنسان الخطيرة التي يواجهها الفلسطينيون على جانبي الخط الأخضر، ضمن نهج إسرائيلي أوسع قائم على السياسات والممارسات التمييزية التي تستهدف تفتيت الشعب الفلسطيني، كجزء من أدوات فرض نظام الفصل العنصري الإسرائيلي وتنفيذه.
إذ تناولت الدول الأعضاء في هذه الجلسة هذا النظام الإسرائيلي المؤسسي للقمع والهيمنة العنصرية بحق الشعب الفلسطيني، والحاجة لمعالجة الأسباب الجذرية بما في ذلك الاستعمار الاستيطاني والفصل العنصري الإسرائيليين.
وللمرة الأولى، يدعو قرار اعتمده مجلس حقوق الإنسان بشأن فلسطين الدول الأعضاء إلى الامتناع عن نقل الأسلحة في حالة احتمالية استخدام هذه الأسلحة لارتكاب انتهاكات جسيمة للقانون الدولي.
في هذه الجلسة أيضًا، استعرض فريق يضم فلسطينيين من القدس وغزة وإسرائيل، الهجمات الإسرائيلية الأخيرة في سياق القمع والهيمنة العنصرية المؤسسية.
قدمت “منى الكرد” شهادتها بشأن سياسات الفصل العنصري التي تستهدف الفلسطينيين في حي الشيخ جراح، حيث تواجه عائلتها مع سبع عائلات أخرى، خطرًا وشيكًا بالإخلاء القسري.
كما تطرقت الكرد أيضًا لمحاولات إسرائيل قمع الاحتجاجات ضد قرار الإخلاء والإغلاق للحي الذي تقطن فيه، بالإضافة إلى اعتداءات المستوطنين الإسرائيليين على السكان الفلسطينيين في حي الشيخ جراح.
مثل هذه السياسات والممارسات تستهدف ترهيب الفلسطينيين ووأد محاولاتهم مواجهة في سياق السياسات الديموغرافية الإسرائيلية التي تم تصميمها لخدمة الاستعمار الاستيطاني في القدس.
وأصرّت “الكرد” على أن دور مجلس حقوق الإنسان لا ينبغي أن يقتصر على “الإعراب عن القلق”، وإنما يجب أن يضمن اتخاذ فعّالة لإنهاء إفلات إسرائيل من العقاب، وضمان المحاسبة على جرائمها المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني.
من جانبه، تطرق “محمد بركة”، رئيس لجنة المتابعة العليا للمواطنين العرب في إسرائيل، إلى الموقف الفلسطيني الموحد ضد السياسات الإسرائيلية التي تستهدف الفلسطينيين.
والذي ردت عليه إسرائيل بالعقاب الجماعي لسكان فلسطين الأصليين، واعتقال أكثر من 1700 فلسطينيًا ومداهمة منازل الفلسطينيين، من بين ممارسات تعسفية أخرى لترهيب الفلسطينيين.
كما تناول في كلمته الطبيعة المؤسسية للهيمنة الإسرائيلية، مستشهدًا بقانون الدولة القومية لإسرائيل منذ 2018، والذي نص في القانون الأساسي لإسرائيل على أن الحق في تقرير المصير هو حق خاص “للشعب اليهودي”.
أما “عصام يونس”، المفوض العام للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، من غزة، فأشار في كلمته إلى أن “الأحداث الأخيرة لم تكن سوى عَرَض لمشكلة ممتدة من 73 عامًا”.
وأضاف “يونس”: “واجه فيها الشعب الفلسطيني قوانين وسياسات وممارسات مؤسسية وممنهجة راسخة تهدف لفرض نظام الاستعمار الاستيطاني والقمع والهيمنة العنصرية بحق الفلسطينيين على جانبي الخط الأخضر”.
وخاطب “يونس” الدول الأعضاء بالأمم المتحدة قائلاً: “أمامكم فرصه لتصويب الوضع بسبب الإفلات المنهجي من العقاب الذي تضمنه حكوماتكم لإسرائيل”.
ختامًا أكد “مايكل لينك”، المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، نيابة عن لجنة تنسيق الإجراءات الخاصة: “أن الواقع ببساطة يقول أن الاحتلال بات راسخًا ومتأصلاً بهذا الشكل؛ لأن المجتمع الدولي لم يفرض أبدًا تكلفة جدية على إسرائيل مقابل تصرفها كقوة احتلال تستحوذ وتتحدي الجميع”.
كما سلط لينك الضوء على أن «منظمات حقوق الإنسان ذات المصداقية تطلق الآن على هذا الوضع اسم الفصل العنصري». بينما أصرت المفوضة السامية لحقوق الإنسان في كلمتها أمام المجلس على أنه: “من الجليّ أنه ما لم تتم معالجة الأسباب الجذرية لهذا العنف؛ فستغدو مسألة وقت حتى تبدأ دورة العنف التالية”.
اقرأ أيضاً: بعد أيام على وقف إطلاق النار في غزة، التركيز ينصب على تقديم المساعدة للأطفال