مركز الخليج: استمرار السلطات الكويتية في انتهاك حقوق مجتمع البدون

قال مركز الخليج لحقوق الإنسان بحث أجراه أكد أن إن مجتمع البدون في الكويت، مازالوا محرومون حتى من حقوقهم الأساسية.

كانت هناك احتجاجات كبيرة في شوارع البدون على مدى السنوات الماضية حيث كانت المطالب الرئيسية هي المواطنة الكاملة، وجميع الحقوق الأساسية المصاحبة لها. تم اعتقال واحتجاز نشطاء حقوق الإنسان البدون البارزين.

بتاريخ 06 أغسطس/آب 2021، حاول شاب من مجتمع البدون، 32 سنة، أن يحرق نفسه داخل مستشفى الصباح في منطقة الشويخ بمدينة الكويت، فسكب على نفسه مادة سريعة الاشتعال، وطالت النيران جسده بنسبة 60%.

أكدت التقارير المحلية أنه لايزال يتلقى العلاج في المستشفى وبحالة لم تتجاوز مرحلة الخطر، وأضافت ان سبب إقدامه على الانتحار هو رفض، الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية، تجديد بطاقته الأمنية، والتي تعني فقدانه لأبسط حقوقه المدنية والإنسانية التي تخوله إياها هذا البطاقة.

وهكذا، وكما في محاولات الانتحار السابقة التي تحصل لأفرادٍ من مجتمع البدون، فأن السبب الأساسي لكل هذه المحاولات هو الأفق المسدود، والمستقبل الضائع، الذي يواجهونه في هذا البلد.

لقد تصدر وسم (#بدون_يحرق_نفسه) موقع تويتر في الكويت، حيث عبر المواطنين عن حزنهم وألمهم، وطالبوا بمنح مجتمع البدون حقوقهم كاملة.

تأسس الجهاز المركزي، في سنة 2010، بموجب المرسوم الأميري رقم 467، من أجل وضع حل جذري لمشكلة افراد مجتمع البدون، ولكن بدلاً من العمل بجدية وإخلاص من أجل إيجاد حلول إنسانية لهم، أصبح هذا الجهاز جزءً كبيراً من المشكلة، من خلال سياساته الفاشلة.

كذلك اتهاماته الباطلة بحقهم على مر السنين السابقة، ومنها ادعائه في سنة 2012 إن نحو 71 ألفا منهم يحملون جنسيات من دول أخرى، من بينها إيران والعراق والسعودية وسوريا، وهي بلدان ترفض ذلك الادعاء. بالإضافة إلى ذلك، إن كثيراً منهم قد ولدوا هم وآبائهم وأجدادهم على ارض الكويت.

ان مجتمع البدون في الكويت هو مجتمع متماسك، لا يعرف أفراده وطناً غير الكويت، بالرغم من أن إحصاءات الحكومة وتقديراتها تميل إلى تقليل أعدادهم بشكل مطرد، إلا ان خبراء محليين أكدوا أن عددهم يتجاوز 220 ألف نسمة وقد يصل إلى 250 ألف نسمة.

يقوم الجهاز المركزي بطريقة بيروقراطية بمعالجة قضاياهم المختلفة، ومنها إصداره البطاقة الأمنية لأفراد مجتمع البدون، وهي نافذة لفترات لا تتجاوز ثلاثة أشهر إلى ستة أشهر، وفي حالات قليلة سنة واحدة. يستغرق الحصول على هذه البطاقة ما يقارب الأربعة أسابيع، في مسعى متعمد من الجهاز لتقليل فترة نفاذية البطاقة.

منذ سنة 2017، قام منتسبو الجهاز بإجبار العديد من المواطنين البدون بالتوقيع على تعهدات بيضاء، وهي أوراق بيضاء يملئها الجهاز فيما بعد بما يشاء من معلومات عن إقرارهم أنهم جاؤوا من بلدان الجوار. لذا، فأن هناك الآلاف من المواطنين البدون يرفضون التقديم على البطاقة الأمنية لكي يتجنبوا التوقيع على مثل هذا التعهدات البيضاء.

إن البطاقة الأمنية ضرورية للحصول على كافة الخدمات العامة الأخرى ومنها التعليمية والصحية وكذلك العمل، ولكنها لا تعطي أية مزايا إضافية أو تعريفية لحاملها، ولا تؤهله للحصول على الجنسية الكويتية لاحقاً، ومن حق الجهاز المركزي عدم تجديدها بدون الحاجة لذكر الأسباب.

يُعانِي أعضاء مجتمع البدون الأمَرَّيْنِ، من أجل الحصول على شهادات ميلاد لأطفالهم وتسجيل الزيجات التي تحدث لديهم رسمياً، إضافة إلى صعوبة الحصول على رخصة القيادة، ومعاناتهم من القوانين مجحفة بحق المواطنة المتزوجة بغير كويتي او من البدون حيث يبقى أبنائها محرومين من الحقوق الأساسية التي كفلها لها الدستور والقانون.

وكان رئيس الديوان الوطني لحقوق الإنسان “جاسم المباركي”، قد صرح بتاريخ 04 أغسطس/آب 2021 بأن، “الكويت كدولة وحكومة لا يوجد بها توجه لانتهاك حقوق الإنسان بشكل ممنهج”.

هذا في وقتٍ صرح فيه أحد الدبلوماسيين العاملين في بعثة الكويت لدى مجلس حقوق الإنسان في جنيف بجلسة خاصة سنة 2020 بشرط عدم الإفصاح عن هويته، “لا توجد إرادة سياسية لحل مشكلة البدون”.

أن عدم قيام الحكومة بحل هذه المشكلة بالرغم من تقادم السنين يؤكد وجود سياسة ممنهجة لمصادرة الحقوق المدنية والإنسانية لمجتمع البدون في الكويت.

ومن جهة أخرى، قامت الادارة العامة للمباحث الجنائية في وزارة الداخلية في يومي 11 و12 أغسطس/آب 2021، باستدعاء عددٍ من الناشطين المطالبين بحقوقهم حيث بلغ عددهم 19 مواطناً من مجتمع البدون، بتهمة التجمهر غير المرخص.

حيث تم استدعاؤهم بعد مشاركتهم في التجمع الأسبوعي الذي يُقام في ساحة الإرادة، كل يوم سبت، الساعة الثامنة مساءً، وتهمة الإساءة للجهاز المركزي عند التحدث عبر تطبيق كلاب هاوس.

في الوقت الذي تمنى فيه مركز الخليج لحقوق الإنسان، الشفاء العاجل للشاب من مجتمع البدون الذي حاول حرق نفسه، فإنه مرة أخرى يدعو الحكومة الكويتية لاتخاذ قرار سياسي تاريخي بحل هذه المشكلة من جذورها فوراً.

دعا مركز الخليج لحقوق الإنسان لحقوق الإنسان السلطات في الكويت إلى:

  1. تطوير وتنفيذ خطط لتوفير حل لمشكلة انعدام الجنسية المزمنة في الكويت وفقًا للمعايير القانونية الدولية بالتشاور مع منظمات المجتمع المدني الكويتية.
  2. الكف عن معاملة البدون كمقيمين غير شرعيين، وحماية كافة حقوقهم المدنية والإنسانية وبضمنها حرية التعبير وحرية التجمع السلمي.
  3. منح الجنسية للمقيمين منذ فترة طويلة والمطالبة بالجنسية، بما في ذلك أولئك الذين ليس لديهم وثائق.
  4. تسجيل جميع الأطفال المولودين داخل حدود دولة الكويت في إطار زمني مناسب وتقديم شهادات ميلاد لجميع هؤلاء الأطفال.
  5. إصدار شهادات الزواج والوفاة ووثائق السفر ورخص القيادة لجميع الأشخاص في الكويت دون تمييز.
  6. القضاء على التمييز ضد المرأة في الكويت في مجال الجنسية من خلال ضمان منح الجنسية للمرأة والرجل بالتساوي.

اقرأ أيضاً: يجب على الكويت إنهاء التمييز ضد السكان “البدون” ومنحهم الجنسية

قد يعجبك ايضا