الأورمتوسطي: اشتباكات مخيم عين الحلوة تضاعف معاناة اللاجئين الفلسطينيين
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان جميع الأطراف المعنية إلى الحفاظ على وقف إطلاق النار في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في لبنان، مشدّدًا على ضرورة اتخاد جميع الإجراءات الممكنة لضمان عدم تجدد أعمال العنف.
وقال المرصد الأورومتوسطي إنّه تابع بقلق عميق الاشتباكات التي اندلعت بين مجموعات مسلحة في مخيم عين الحلوة جنوبي لبنان على مدار الأيام الثلاثة الماضية، وأسفرت عن مقتل 11 شخصًا وإصابة العشرات، بحسب وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”.
وذكر المرصد الأورومتوسطي أنّ الاشتباكات أجبرت نحو ألفي لاجئ فلسطيني على النزوح من المخيم إلى مناطق أكثر أمنًا خارجه، كما أعلنت “أونروا” تعليق عملها في المخيم مؤقتًا بعد إصابة أحد موظفيها وتضرر مدرستين تابعتين لها خلال الاشتباكات.
وأكّد أنّ اتفاق المجموعات المسلّحة في مخيم عين الحلوة على وقف إطلاق النار يوم الإثنين خطوة إيجابية، لافتًا إلى ضرورة التزام الأطراف المعنية بوقف جميع أشكال العنف، وإنهاء التصعيد بشكل كامل.
وتصاعدت حدة الاشتباكات يوم الأحد 30 يوليو/ تموز الجاري بعد مقتل قائد إحدى المجموعات المسلحة التابعة لحركة “فتح” داخل المخيم مع أربعة من مرافقيه، واستخدم المسلحون أنواعًا مختلفة من الأسلحة الخفيفة والثقيلة، بما في ذلك القذائف الصاروخية، رغم الكثافة السكانية العالية في المخيم الذي يبلغ عدد سكانه نحو 50 ألف لاجئ.
وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ المجموعات المسلحة لم تحترم قواعد القانون الدولي الإنساني خلال الاشتباكات، إذ تضررت عدة مبان سكنية ومنشآت خدمية في المخيم جراء الاشتباكات، كما سقطت قذيفة على سوق للخضار في مدينة صيدا، وأُصيب أحد المدنيين في مدينة صيدا المجاورة للمخيم برصاصة طائشة.
في إفادته لفريق المرصد الأورومتوسطي، قال “أكرم سعيد” (اسم مستعار)، أحد سكان مخيم عين الحلوة: “نجوت من الموت بأعجوبة خلال الاشتباكات يوم الإثنين، فعندما كنت أسير في مركبتي بشارع الفوار قرب مسجد الموصلي، انفجرت قذيفة في الجو على بعد بضعة أمتار مني، ولحسن الحظ لم أصب بأذى”.
أبلغ “خالد أحمد” (اسم مستعار) أحد سكان مخيم عين الحلوة، فريق المرصد الأورومتوسطي: “يقع بيتي قرب حاجز المستشفى الحكومي، وخلال اليوم الأول من الاشتباكات، سقطت قذيفة داخل البيت ولكنّها لم تنفجر، وبعدها قررت الخروج مع عائلتي من البيت والذهاب لمنزل صديق لي في مدينة صيدا المجاورة”.
وأضاف: “في اليوم التالي، اضطررت للعودة إلى المنزل مع اثنتين من بناتي لإحضار بعض الأغراض المهمة والعودة إلى صيدا. ولدى تفقدي للمنزل، تبين أنّ خزان المياه مثقوب بفعل الرصاص، كما أتلف الرصاص جهاز التكييف وأصاب عدة جدران في المنزل. جمعنا أغراضنا، وما إن خرجنا من البيت حتى شعرنا بطلق ناري يمر من تحت أقدامنا. ربما ثانية واحدة فصلت بين إصابتنا وبين نجاتنا. بعد ذلك غادرنا المكان على وجه السرعة”.
وقال مدير المكتب الإقليمي للمرصد الأورومتوسطي في لبنان “محمد المغبط”: “لا ينبغي أبدًا أن تبقى حياة اللاجئين الضعفاء في مخيم عين الحلوة رهنًا لأعمال عنف هوجاء قد تتجدد في أي لحظة. جميع الأطراف المعنية يجب أن تتحلى بالمسؤولية وتدرك أنّ لا شيء أهم من سلامة اللاجئين في المخيم”.
وأضاف أنّ “محادثات تثبيت وقف إطلاق النار في مخيم عين الحلوة يجب أن تمتد أيضًا إلى معالجة جذور الصراعات بين المجموعات المسلحة لضمان عدم تجدد الاشتباكات في المستقبل”.
وأوضح المرصد الأورومتوسطي أنّ اللاجئين الفلسطينيين في مخيم عين الحلوة يواجهون صعوبات هائلة في الوصول إلى الحاجيَّات الأساسيَّة اليوميَّة، وتزداد هذه الصعوبات في أوقات المواجهات المسلَّحة، إذ تبلغ نسبة الفقر في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان نحو 90%، وتعاني جميع المخيمات من تهالك البنية التحتية، وشح كبير في الخدمات الحيوية.
وشّدد على ضرورة تحمّل الحكومة اللبنانية في المخيم لمسؤولياتها في الحفاظ على سلامة المدنيين داخل مخيم عين الحلوة بغض النظر عن جنسيتهم أو وضعهم القانوني.
إذ إنّ تولي الفلسطينيين مهمة الأمن داخل المخيم لا يعفي الحكومة اللبنانية من التزاماتها في بذل كل الجهود الممكنة لحماية المدنيين والحفاظ على المنشآت العامة، مع ضرورة مراعاة المحددات القانونية كافة في هذا الإطار.
وطالب المرصد الأورومتوسطي الحكومة اللبنانية بتسهيل وصول المنظمات الإنسانية والإغاثية لتقديم المساعدة للسكان، والوقوف على حجم الأضرار الناتجة عن الاشتباكات وحصرها، وتوفير كافة أشكال الدعم لمحتاجيه، بما في ذلك العون الطبي، ودعم عمليات الإيواء، والدعم النفسي والاجتماعي، وترميم الأضرار في المنازل والبنى التحتية.
وحثّ المرصد الأورومتوسطي جميع الأطراف المعنية على إجراء تحقيق شفاف ومستقل في أعمال العنف، وتحديد المسؤولين عنها ومحاسبتهم وفق المقتضيات القانونية، وضمان تجنيب اللاجئين الضعفاء متاعب ومخاطر إضافية.