هيومن رايتس ووتش: إدانة مغنّيَيْن مصريين بتهم “آداب” وأحكام جائرة تنتهك حرية التعبير
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إن محكمة مصرية حكمت على مغنيَين بالسَّجن لمدة عام ودفع غرامة مالية في 28 مارس/آذار 2022 بتهم تنتهك حقيهما في حرية التعبير.
وطالبت المنظمة الحكومة المصرية أن تعلن أنها لن تنفذ حكم المحكمة وستتخذ خطوات لإلغاء مواد قانون جرائم الإنترنت التي تجرم حرية التعبير.
أدانت “المحكمة الاقتصادية” في الإسكندرية المغنيين “حمو بيكا” و”عمر كمال” بتهم غامضة. نم هذه التهم: “التعدي على القيم والمبادئ الأسرية” واستغلال مقطع فيديو يظهر رقصا وغناءً بهدف الربح.
تنبع التهم من مقطع فيديو في أكتوبر/تشرين الأول 2020 يظهر الرجلين يغنيان ويرقصان مع راقصة شرقية برازيلية.
حكمت عليهما المحكمة بالسَّجن عاما ودفع غرامة قدرها 10 آلاف جنيه مصري (538 دولار أمريكي). بالإضافة إلى 10 آلاف جنيه مصري رسوم إضافية لتعليق عقوبة السجن.
قالت منظمة هيومن رايتس ووتش: “على السلطات المصرية ألا تقاضي الموسيقيين لمجرد تعبيرهم الفني. يجب إلغاء القيود الفضفاضة المستخدمة لإدانة هذين الرجلين”.
الحكم ضد “بيكا” و”كمال” يأتي ضمن حملة أكبر تستهدف مغنيي “المهرجانات” والأعمال الفنية. هذه الاعمال تعتبرها السلطات المصرية مناقضة للقيم المصرية. وذلك بما يشمل حظر أداء أنواع معينة في الأماكن العامة وإقصاء الفنانين من نقابة الموسيقيين.
المهرجانات هي نوع جديد نسبيا وشعبي للغاية من الموسيقى الإلكترونية المصرية منخفضة الميزانية. بدأت منذ العام 2007، وغالبا ما تصور قصصا من حياة ومعاناة المصريين ذوي الدخل المنخفض.
في 28 أكتوبر/تشرين الأول 2020، نشر “كمال” فيديو على حسابه على “يوتيوب” يظهره هو و”بيكا” يغنيان ويرقصان مع الراقصة الشرقية.
بدأت القضية في وقت لاحق من ذلك العام، بحسب وسائل إعلام محلية، بعد أن اشتكى شخص ما بحسب الزعم إلى نيابة الإسكندرية من أن الفيديو ينتهك “القيم الأسرية”.
يذكر أن هذه التهمة تعتبر بموجب المادة 25 من “القانون رقم 175 لسنة 2018 في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات” جريمة.
تعتمد السلطات المصرية غالبا على تهمة القيم الأسرية، وهي تنطوي على انتهاكات وغير معرّفة جيدا، لممارسة السيطرة على وسائل التواصل الاجتماعي.
منذ العام 2020، اعتقلت السلطات المصرية وحاكمت ما لا يقل عن 12 امرأة مؤثرة على مواقع التواصل الاجتماعي على خلفية خرق هذه التهمة، وحكمت المحاكم على العديد منهن بغرامات كبيرة وأحكام بالسجن تصل إلى خمس سنوات.
في أغسطس/آب 2020، قدمت المجموعة الحقوقية المحلية “مسار” مذكرة دفاع تتعلق بقضية كانت حينها أمام “محكمة الجنح المستأنفة” في القاهرة بدعوى عدم دستورية التهمة.
قال محام متخصص في قضايا حرية التعبير لـ هيومن رايتس ووتش إن محامين حقوقيين قدموا مذكرات مماثلة على مدار العامين الماضيين بشأن سبع قضايا أخرى، على أمل أن تحيل المحكمة المسألة إلى المحكمة الدستورية للبت في دستوريتها، لكن هذا لم يحدث.
منعت “نقابة المهن الموسيقية”، الهيئة الحكومية التي تنظم عمل الموسيقيين، كمال من العمل كموسيقي محترف أربع مرات بين 2020-2022 بسبب كلمات أغانيه التي تتضمن مفردات مثل “خمور” و”حشيش”.
بموجب “قانون إنشاء نقابات واتحاد نقابات المهن التمثيلية والسينمائية والموسيقية”، على الموسيقيين في مصر أن يكونوا أعضاء في نقابة الموسيقيين أو الحصول على تصريح أداء خاص صادر عن النقابة لأداء العروض بشكل قانوني.
في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، منعت نقابة الموسيقيين 19 من مغني المهرجانات المشهورين، بمن فيهم بيكا، من العروض العلنية وسحبت تصاريح أدائهم السنوية.
زعم رئيس النقابة هاني شاكر في مقابلة تلفزيونية في نوفمبر/تشرين الثاني 2021 أن الحظر يهدف إلى “تطهير الوضع” وأنه ضد “الكلمات والأصوات السيئة”.
في وقت سابق، في 3 أكتوبر/تشرين الأول 2021، منعت النقابة مغني الراب المصري الشهير “مروان بابلو” من أداء العروض العلنية.
وذلك بعد أن قدم في حفلته مغني راب فلسطيني غنى نسخة معدلة من ابتهال إسلامي شهير. وقالت النقابة في بيان إعلامي إن “بابلو” “استهان بهذا الدعاء بشكل مبتذل وأفرغه من محتواه الأخلاقي”.
في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، أعلن شاكر أن النقابة ستتوقف عن إصدار تصاريح أداء للممثل “محمد رمضان“. وذلك بعد أن ظهر عاري الصدر خلال بعض الحفلات. “شاكر” قال في مؤتمر صحفي: “رمضان تعهد لي أنه سيرتدي في حفله ثيابا مقبولة، لكنه لم يفعل ذلك”.
“سارة رمضان”، التي لا علاقة لها بـ”محمد”، وهي باحثة في المنظمة الحقوقية المصرية “مؤسسة حرية الفكر والتعبير”، قالت لـ هيومن رايتس ووتش إن الحكومة فوضت مجلس نقابة المهن الموسيقية لتقييد حريات أعضائها على أساس مزاعم “الإخلال الآداب”.
قال “شاكر” في بيان تلفزيوني في نوفمبر/تشرين الثاني 2021 “مينفعش نكون في عصر الرئيس السيسي ويكون الفن بالشكل ده [المهرجانات]… إحنا داخلين على الجمهورية الجديدة والفن بالشكل ده غير مقبول”.
مصر دولة طرف في “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية”، والذي يسمح بتقييد حرية التعبير بسبب الآداب العامة.
لكن هذه القيود لا يمكن أن تكون تعسفية ويجب أن تستند إلى قانون واضح يحدد المحظورات بطريقة تجعل الناس يمكن أن يتنبأ بشكل معقول بما يشكل انتهاكا. يجب أن تكون أي قيود على التعبير متناسبة ولا يمكن أن تكون تمييزية.
قالت ووتش: “على نقابة الموسيقيين أن تنهي رقابتها غير المبررة على الأعمال الفنية على أساس تهم أخلاقية غامضة”.